|
بعد معاهدة ويست فاليا عام 1648 ظهرت للوجود الدولة القومية وأصبحت الدول تعرف على أساس هويتها القومية بعيدا عن الأشكال القديمة للدول والتي كانت تميل إلى شكل الإمبراطوريات المترامية الأطراف مع وجود دول صغيرة غالبا ما كانت تشكل مناطق عازلة بين الإمبراطوريات وتبعاً لذلك اختلفت أشكال النظم السياسية عن ما كانت عليه النظم السياسية السابقة واختلفت أيضا أشكال النظم السياسية الحالية للدول وفقاً لدساتير تلك الدول وحسب أرث الدولة المعنية الحضاري والقومي والتاريخي فتعددت أشكال الدول فمنها الجمهورية والملكية والشعبية والفدرالية, وبما إن الشعب هو مصدر السلطة والسيادة وصاحب الإرادة وأن السلطة تفوض من قبل الشعب للحكام ولكن لا تتنازل الشعوب عن سلطاتها بشكل كامل وخصوصاً في الأنظمة السياسية الحديثة فنجد أن الشعوب تمارس السلطة والسيادة أما بشكل مباشر أي شعبياً من خلال إجراءات الاستفتاءات العامة المباشرة وهذا يسمى الممارسة المباشرة للديمقراطية وأما بشكل غير مباشر عن طريق انتخاب أشخاص (النواب) يتم تفويض جزء من إرادة الشعب لهم ويسمى هذا الديمقراطية غير المباشرة أو التمثيلية بعد هذه المقدمة ما الذي يحصل في العراق اليوم؟ في عراق اليوم (الديمقراطي) هنالك سلطـات ثلاث هي التشريعـية ممثلة بمجلس النواب وتنفيذية ممثلة برئاسة الجمهورية والحكومة بـكافة تشكيلاتها وقضائية يمثلها مجلس القضاء الأعلى وفي أدبيات السياسة وخصوصاً في العصر الحديث بمبدأ الفصل بين السلطات ومن أهم من كتب في ذلك مونتيسيكيو في كتابه روح القوانين حيث خلص في كتابه ذاك انه لإنضاج أي تجربة ديمقراطية وجب التمسك بمبدأ الفصـل بين السلطات الثلاث مع الالتزام بموضـوعة التوازن بين السلطات والمحافظة في آن معاً على موضوعة تبادل الرقابة لكل سلطة على السلطتين الاخريتين وهذا ما درجت علية جميع الديمقراطيات الحديثة في عالم اليوم ولكن في عراق اليوم هل هناك فصل بين السلطات و ما هي جدية ذلك الفصل أن وجد ؟ أن الفصل بين السلطات بشكله البسيط يعني انه لا توجد وصاية من الحكومة على السلطة التشريعية أو القضائية معنى ذلك أن عمل البرلمان يجب أن يتم باستقلالية تامة دون تدخل من قبل الحكومة مع مراعاة تهيئة الحكومة كل أسباب النجاح لعمله مع ضرورة أيجاد توازن بين سلطة البرلمان وسلطة الحكومة من خلال تمسـك البرلمان بالدور الرقابي على الحكومة وفي نفس الوقت إعطاء الصلاحية للسلطة التنفيذية الحق بالطالبة بحل البرلمان وأجراء الانتخابات المبكرة . الذي دعاني للكتابة عن هذا الموضوع أمر لفت انتباهي حصل في جلسة يوم 8/9/2007 للدورة الخريفية للبرلمان العراقي وهو دخول أحد أعضاء البرلمان وهو من الكتلة الكردية في مناقشة مع رئيس البرلمان حول موضـوع هو في ظاهره تقصير شكلي في أحد إجراءات إقرار قانون ما وبسهولة شديدة مر الأمر دون أن يلتفت أحد لشيء ما لفت انتباهي هو طريقة إقرار القوانين في مجلسنا العتيد حيث تقدم مسودات أو مقترحات القوانين على أوراق بيضاء ليس فيها أي إشارة إلى جهة أعداد مشروع القانون و لا يردفها أو في ديباجتها وجود لرأي اللجنة المختصة في البرلمان أو رأي الحكومة في ذلك القانون والذي غالبا ما يصبح بعد ما يسمى بعملية التصويت قانوناً حصل على إقرار أعضاء البرلمان وبنتيجة غالباً ما تكون بالإجماع يجب على جميع الشعب الالتزام به ويقع الجزاء على من يخرقه أو يتجاوزه . اللافت للنظر أن القوانين في جميع الدول الديمقراطية تقترح من قبل جهة ما ولا ضير أن تكون تلك الجهة حكومية أو حتى شعبية , يقدم مقترح القانون مع شرح وافي للأسباب الموجبة لإصدار هذا القانون إلى اللجنة المختصة في البرلمان وتقوم هذه بدورها بأعداد دراسة حول مشروع القانون تقدم للمؤتمر العام للمجلس مع محاضر اجتماعات اللجنة المختصة خلال مناقشتها لمشروع القانون قبل فترة مناسبة لموضوع التشريع المقترح ربما تمتد إلى أشهر من انعقاد جلسة التصويت لأعطاء الفرصة للمشرعين لدراسة الموضوع بشكل متأن والخلوص إلى نتيجة التصويت سلباً أو إيجابا وعند تصويت عضو البرلمان على المشروع بالسلب أو بالإيجاب فأن موقفه من مشروع القانون يثبت في محاضر جلسة التصويت على أن النائب الفلاني الممثل للحزب الفلاني صوّت بكذا على مشروع القرار كذا وهكذا أما في برلماننا فأن ديمقراطيتنا فالأمر لا يعدو عن أن يكون سوى وريقات فيهن مشروع القانون دون أية شروحات أو تقدمات وغالباً ما يوزع مشروع القانون قبيل التصويت أو مع لحظة التصويت ليطلب رئيس الجلسة التصويت على مشروع القانون ويقوم أحد الموظفين بِحساب عدد الأعضاء المصوتين لصالح المشروع وكم منهم صوتوا ضد المشروع بطريقة حتى أنها مهينه و إذا رأى رئيس المجلس هناك أغلبية واضحة صوتت لصالح مشروع القانون فانه يبادر من موقعه وبشكل غير متحفظ بإعلان إجماع أعضاء المجلس على إقرار مشروع القانون. ربما يعتقد البعض أن هذا الأمر يحصل بطريقة عفوية أو عدم تنظيم أو قلة خبرة ولكن الحق أن هذا الأمر يحصل بشكل مدروس فمع جهل أغلب أعضاء المجلس لأبسط مبادئ السياسة والحكم بل حتى لمبادئ الثقافة العامة فأن الحاصل من خلال تلك الآلية هو تضييع هوية المصوتين وموقفهم من مشروع القانون وعدم تحديد مسئولية وذلك لأن أغلب القوانين التي أقرت لا يتوفر فيها أدنى قدر من مصلحة الشعب وبالتالي فمن المؤكد سوف يأتي يوم الحساب الذي أعدوا له هذه الطريقة الهزيلة وفي بالهم أنهم سوف ينجون بها , بهذه الطريقة يتم عمل ورق الحكومة فهل هي حكومة من ورق......
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |