حكايات أبي زاهد (5) ... (أذن من طين وأذن من عجين

 

 

محمد علي محيي الدين

abu.zahid@yahoo.com

اهتمت وسائل الأعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، بهموم ومشاكل المواطنين، وأفردت لها البرامج الخاصة والصفحات اليومية، وأشارت إلى الكثير من الإخفاقات والنواقص والأخطاء، وصرفت الكثير من الجهد والوقت لبيانها وإيجاد الحلول له، ولكن مع الأسف الشديد، تلاقي مثل هذه الشكاوى والمقترحات الإهمال والازدراء من السادة المسئولين، ولا يكلف أحدهم نفسه عناء الرد عليها أو الإشارة له، أو أيجاد الحلول الناجعة لمعالجته، مما يذكرنا– مع الفارق – بما كان يعمله النظام السابق، فقد كان لمسئولي النظام  طريقتهم الخاصة في مثل هذه المواقف، وكانت الصحف تنشر الشكاوى، وتكون الدوائر الحكومية ملزمة بالإجابة عنه، وحلها بالطرق القانونية، والويل للدائرة التي تتخلف عن الإجابة عن الشكاوى، أما ألان فقد حدث العكس، وأصبحت الدوائر لا تعير ما ينشر في الصحف الأهمية المطلوبة، رغم وجود دائرة للأعلام في كل وزارة أو مؤسسة أو مديرية، وأصبحت الدوائر بمنأى عن العقاب في حالات التقصير والإهمال، لأنها السلطة العليا  التي لا تعترف بالسلطات الأخرى، وتنفرد بالإدارة دون اعتبار للمؤسسات الرقابية، التي عليها مراقبة الأداء وتقييمه، بل تجد نفسها أكبر من الإجابة عن تساؤل أو استفسار من أي جهة كانت، لأنها أكبر من أن تكون موضع مسائلة أو حساب، ومدعمة بقوة خارقة فوق القانون، ويدها فوق الجميع، متناسين أن الرقابة الشعبية في أكثر الدول شمولية، لها أثر في تصحيح المسارات الخاطئة لهذه الدائرة أو تلك، ولا أدري من أين استمدت هذه القدرة على إهمال واحتقار السلطات الأخرى.

 والملاحظة الجديرة بالإشارة، أن الأنظمة الشمولية البائدة كانت تقطع الألسن الطويلة، التي يحلوا لها أن تقف بمواجهته، فكانت السجون تغص بأصحاب الأقلام الشريفة، والمنافي تحتضن المئات من أصحاب الفكر الحر،  والمقابر تضم الكثيرين ممن قالوا كلمة حق في سلطان جائر، ولكن الديمقراطية الجديدة جعلت السلطة الجديدة تصم أذنيها عن سماع شكاوى المواطنين، وابتكرت سياسة جديدة لمواجهة السلطة الرابعة، فلا تستعمل الوسائل الاعتيادية في كبت الحريات أو حجر الآراء، بل ابتكرت ما هو أسوء، وهو الإغضاء والإهمال وعدم سماع الشكاوى أو الأخذ بالمقترحات، وأصبحت الحرية النسبية الممنوحة للمواطن في التعبير عن رأيه تصطدم بإهمال الطرف الآخر، وهو ما يعني فقدان الفائدة المرجوة منه، وبذلك تساوى الشمولي بالديمقراطي، وأصبح الاثنان سواسية في التغاضي عن الحقائق، وتهميش الرأي الحر...قاطعني سوادي الناطور(جنك تريد تحجيني كوه، هو يا هو اليقره يا هو اليسمع، الدواير ما تقره من الجرايد غير الإعلانات، وما تطب للدائرة غير الجريدة اللي يعلنون بيه، وكل وزارة الها جريدة...، وحتى الوادم كامت ما تصدك بحجي الجرايد، ولا تشتكي بالجريدة، لن تدري الجريدة لحد يقراها ولحد يدير ألها بال، وإذا راد يشتكي يروح للي يخوفون...، ومدير الدايره لا يخاف من الجريدة ولا اللي يكتب بالجريدة، يخاف من اللي يجيبه للمكتب ويحاسبه، وأنتم لا تظلون عالأوليه، تره الدنية مكلوبي، وصارت للقوي،  مو لبو راي الجبير، والحكومة تسمع وتبلع، ولا تأخذ ولا تطي، وساده آذانها عن حجي الناس، لنهم ملتهين بمشاريع الأعمار، والمقولات والسفرات والمشتريات، وشهر الما الهم بيه خبزه، لا يعدوه ولا يعدون أيامه، وهاي شغلة الجرايد ما توكل خبز، وذوله يركضون عالشغله اللي تفيدهم وتوكل خبز...قابل يأكلون حجي جرايد...!!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com