حكايات أبي زاهد(10) ... (الإثراء غير المشروع)

 

 

محمد علي محيي الدين

abu.zahid@yahoo.com

تعددت هذه الأيام الطرق للإثراء غير المشروع، فالفساد المالي والإداري، والقتل والسلب والاختطاف والمافيات والعصابات الإجرامية المنظمة، لا تعدم حيلة في ابتكار أساليب جديدة للكسب السريع، وآخر الابتكارات التي لجأ إليها هؤلاء، شراء زيوت السيارات القديمة، وجمعها في براميل أو حاويات كبيرة، لشحنها إلى كردستان العراق، أو بعض الدول المجاورة لإعادة تصنيعه بإضافة المواد الكيماوية إليه، ليعود للونه الأصفر تمهيدا لضخه للأسواق العراقية من جديد، بعبوات تحمل أسماء شركات لها سمعتها في جودة الزيوت، وهذه المافيات ترتبط بصورة مباشرة بمتنفذين شكلوا إخطبوطا هائلا له شبكاته الممتدة بطول البلاد وعرضه، ويتمتعون بالدعم والحماية الكاملة من جهات لها تأثيرها الممتد باتجاهات مختلفة، فالسيطرات والأجهزة الأمنية ودوائر الرقابة التجارية، والتقييس والسيطرة النوعية، تغض النظر عن هذه الممارسات الضارة بالاقتصاد العراقي، وتشكل أهدارا فاضحا للثروات العراقية إلى جانب الإهدار في المجالات الأخرى.

 ولعل السبب المباشر في تفشي هذه الظاهرة، هو انعدام الرقابة والسيطرة من الجهات ذات العلاقة التي عليها مراقبة السوق العراقي، ومعرفة المناشيء التجارية للبضائع التي تباع في الأسواق، فقد تلاشت هذه الرقابة وانعدمت، وأصبح من هب ودب قادرا على تمرير البضاعة التي يريد بغض النظر عن جودتها وصلاحيتها للاستعمال، وهذا الأمر لا ينسحب على الزيوت وقطع غيار السيارات وحده، وإنما أخذ أبعاده الخطيرة في المواد الغذائية المتسربة إلى الأسواق عن طريق المنافذ الحدودية التي لا تخضع لأي رقابة، ولا تحتكم إلى قانون، في ظل فوضى لم يشهد لها العالم مثيل، ونتساءل ما هو دور المؤسسات الرقابية التجارية والصحية والصناعية، وما هي الواجبات الملقاة على عاتقها في ظل هذا الانفلات الذي أطاح بكل شيء، وأساء إساءة بالغة إلى الاقتصاد الوطني، وأدى إلى تدهور الأسواق والتعاملات التجارية، وأين هي الجهات المسئولة عن كل ما يجري في الساحة العراقية، وإذا كان الوضع الأمني شماعة لتعليق الأخطاء، فكيف للمناطق الآمنة والبعيدة عن الخروقات الأمنية أن تغرق في هذا المستنقع الآسن، ولماذا لا تقوم تلك الجهات بتفعيل دورها لمعالجة هذه الظواهر المدانة، في ظل وجود كادر متخصص يتمتع بكل الأمتيازات المالية والإدارية، وهل يقتصر عمل هؤلاء على استلام الرواتب نهاية الشهر، دون أن يئدوا عملا مقابل هذه الأمتيازات المالية، والسيارات الحديثة، والمكانة الاجتماعية، وهل يظل هؤلاء الموظفون يعملون في الغرف المكيفة، بدلا من النزول للشارع لتأدية واجبا تهم على الوجه الأكمل، وأين هي مجالس المحافظات ورقابتها الشعبية وصلاحياتها الإدارية التي توازي صلاحيات الدولة المركزية في اتخاذ القرارات، أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات وعلامات استفهام  تتزاحم في مخيلتي لتشكل صورة قاتمة لما آل إليه الوضع في العراق، وتستدعي أن يكون للحكومة المركزية دور فاعل لمعالجة هذه الظواهر المدانة، واتخاذ القرارات العاجلة لمحاربة كل مظاهر الفساد واللامبالاة التي واكبت التغيير الجديد، ونأمل أن لا يذهب كلامنا هذا صيحة في واد، في ظل التجاهل المتعمد لما تكتبه الصحافة... قاطعني سوادي الناطور(والله هاي بلوه،  أشو تسدها مناه تفتك مناك، ومنين ما تباوع صايره خرايب الرماحية، وكل ألحجي هواء في شبك، يا ما حجينه وگلنه إذا تظل الأمور سايبه، وكل واحد يشتغل باللي يعجبه، ما نوصل الشاطي الأمان، لكن يا هو اللي تحاجيه تارس أذانه گطن، لا يسمع ولا يشوف، وخاف يطلعنه واحد ويتهمنه بالعمالة، والوقوف ضد العملية السياسية، مو صار سنين نصيح يمعودين تره جزت حدها وطلعت ريحتها وعبرت ألذاك الصوب، وبعد ما ينسكت عليه، وهاي الخربطات راح تضيع الكداش والبداوي، وصرنه خان جغان، وين الموزين يصدر للعراق، وشكو ستوك ينباع عدنه، لكن...الحكومة تدري والبرلمان يدري والكل ساكته..ليش..الله يدري...!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com