|
يروى في موروث الحكايات الشعبية أن هناك سلطانا جائرا كان لديه قرنين في مقدمة رأسه وقد شاع هذا الخبر بين أوساط الناس لكن الجميع يهمس همسا بهذا الأمر خشية من سطوة وغضب السلطان كونه كان يحكم بالأعدام على كل من أفشى أو تحدث بأمر القرنين حتى أن هذا السلطان صاحب القرنين كان يرسل على الحلاقين الى داخل مملكته لغرض حلاقة شعر رأسه او حلاقة شعر ذقنه وبعد أتمام الحلاقة يقوم هذا السلطان بأعدام هؤلاء الحلاقين المساكين خشية من أن يفشوا سره بين الناس معتقدا بأن أمر القرنين لم يصل الى الناس بعد.. حتى أنه قضى على جميع الحلاقين في المدينة وصادف ذات يوم دخل الى المدينة.. مدينة السلطان ذات القرنين شقيقين يمتهنون مهنة الحلاقة قد جاءوا لمدينة السلطان بحثا عن مصادر الرزق ولم يجدوا ألا الحلاقة سبيلا لمبتغاهم وعندما علم السلطان بأمر هؤلاء أرسل عليهم لغرض حلاقة شعر رأسه وكذلك لمعرفة هويتهم وغايتهم ومن أين جاءوا..؟ فما كان من الأشقاء الا التوسل وتقبيل يد السلطان خوفا من أن يلاقوا كما لاقى الاخرون من أبناء المدينة ثم قالوا للسلطان نحن أناس بسطاء لانعرف شيء عن مدينتكم وغايتنا فقط هو الكسب الحلال وبعدها أقسموا للسلطان وبأيمان غليظة أنهم لم ولن يفشوا بشيء قد شاهدوه بالقصر ومن بينها القرنين أبدا وعند ذلك رق السلطان لحالهم وعفى عنهم.. لكن هؤلاء المساكين بقى هذا الامر يقلقهم ومحتبس في صدورهم لايقدر أحدا منهم أن يتفوه به لأن الموت سيكون مصيره ووجدوا سكوتهم هذا يؤرقهم ويحبس أنفاسهم ولابد من وسيلة للتنفيس عنه فما وجدوا من وسيلة للتفريغ عن هذا الأحتباس الا اللجوء بعيدا عن المدينة وشق حفرة لهم وفعلا عملوا ذلك وحفروا حفرة عميقة خارج حدود المدينة ودخلوا وسط هذه الحفرة وأخذوا يصرخوا بعلوا أصواتهم... الملك لديه قرنين .. الملك لديه قرنين ,, وهكذا حتى يشعروا بالأرتياح يتركوا الحفرة ويعودا للمدينة لمزاولة عملهم وهكذا تخلص الشقيقين بهذه الطريقة من مقصلة السلطان ومن الأحتباس معا... هذه الحكاية صورت لي السلطان الذي يتسلط على رقاب الناس في كل زمان وفي كل مكان لاسيما السلطان العربي وما يضفيه عليه هذا السلطان من هالة التقديس والتعظيم وأجبار الناس على أطاعته سوى كان سلوكه جائرا أو عادلا وكذلك تصور لنا الحكاية حالة التملق الذي يقوم بها البعض لنفخ السلطان بالتمجيد والشعارات والزيف والخداع والتقارير ولا استبعد هنا سلاطين اليوم الذين لايرتضوا أن يذكرهم أحد بسوء رغم أننا نشاهد أكثر من قرن واكثر من عيب وفضيحة يحتويها سلطان هذا العصر ولم يقتصر الأمر عند عظمة السلطان فحسب بل كثرت السلاطين لدينا وبعناوين شتى ومراكز متنوعة وحتى هؤلاء لايجوز لنا مخاطبتهم أو نذكر عورات عملهم وشواذ سلوكهم وفسادهم وأفسادهم وأنحرافهم وتعجرفهم وتجبرهم وغلظتهم ووووكل هذه العيوب ممنوع ذكرها وممنوع الأفشاء بها وألا سيكون مصيرنا مصير الذين قضى نحبهم على يد السلطان _ أبو القرنين_ والمعلوم أن السكوت يخلق لنا حالة من القلق وأحتباس في التنفس لأن مانسمعه ومانشاهده يحاصرنا في كل زاوية وفي كل مكان وذا كان الشقيقان قد وجدوا حفرة للتنفيس عن أحتباسهم فمن أين نأتي بالحفرة نحن وأين نجدها لكي نبث فيها حسرتنا ونصرخ بصوتنا بداخلها أين نجد الحفرة وقد شكت الأرض لنا عن محاصرة الزحف السكاني عليها ولاتوجد بحبوحة في هذه المعمورة للبوح لأن البشر في تزايد ومساحة الأرض محدودة لذلك اتجه الخبراء من المهندسين المعمارين لأيجاد حل لهذه المشكلة وهو البناء العمودي بدلا من البناء الأفقي لكن بقت قضيتنا نحن دون حل ربما كان الخبراء الساسة أرادوا لأمر أحتباس صرختنا في صدورنا دون تنفيس لكي تقض مضاجعنا وتتحول لنا كابوس من الضغط لتوقف تنفسنا وألى الأبد فرحم الله أجدادنا الذين وجدوا الحفرة للتنفيس عن همومهم ورحم الله زماننا الذي حاصرنا حتى في مساحة الحفرة ولا أقصد الحفرة الذي هرب لها صدام مرعوبا كالجرذ من مطاردة القطة انما حفرتنا لها شأن اخر حفرتنا تقينا من شرر عنجهية السلطان ذات القرنين..!!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |