ما هكذا امارة الشعر يا اصحاب الشعر

 

 

صادق درباش الخميس

قبل ايام اسدل الستار في دولة الامارات العربية مهرجان او مسابقة مليون درهم او امير الشعراء.

نحن لسنا من المعترضين على الامكانيات والجهود التي بذلت لأقامة المسابقة ومكان انعقاده فالحقيقة عودتنا دولة الامارات ان تكون سباقة في كل الميادين وخاصة الثقافية منها خدمة لأبناء الامة العربية العريقة وخدمة لتراثنا العربي الثقافي الثر وان لا فرق ان يقام المهرجان في أي دولة ما دامت تصب في تفعيل وتنشيط الدور الثقافي العربي ... كما ان المسرح (شاطئ الراحة) كان مثاليا وجميلا ومبهرا في الوقت نفسه نظرا لحجم الجهود التي بذلت من تصاميم وديكورات ونظام القاعة وهذا لا يختلف عليه اثنان.

الا ان المنظمين للمسابقة قد بالغوا بأعطاء لقب امير الشعراء دون استدعاء من هم فرسان الشعر العربي على امتداد وطننا العربي من الخليج الى المحيط .. فالاسماء المتبارية (وليس تقليل من شأنهم) لم يسمع عنهم او يقرأ عنهم او هم من المعروفين على الساحة الشعرية العربية فكان الاجدر ان يعطى القاب اخرى ان ارتأت اللجنة المنظمة مثل (شاعر الشباب) او (شاعر الموهبين) او (شاعر القمة) او غيرها من الالقاب لأن لقب امير الشعراء ليس بالهين الذي ابتدته المسابقة اعلاه ولا ننسى عندما انتخب الشاعر احمد شوقي اميرا للشعراء عقد مهرجان في القاهرة وحضره جملة من شعراء العرب الفطاحل انذاك ومن كافة الاقطار العربية ولو انها تعرضت لبعض الانتقدات لوجود شعراء مميزين في ذلك الوقت من اصحاب الشعر القريض فقط او ما يسمى بالشعر العمودي وليس غيره.

الطامة الكبرى لجنة الحكام وآرائهم حول القصائد التي القيت فكل واحد من الخمس اعضاء لجنة الحكام كان يكيل بالثناء المفرط والاعجاب بكل كلمة يلقاه المتباري حتى ظننا ان الجميع سيطلق عليهم لقب امير الشعراء... فلم نسمع أي انتقاد او ابداء رأي يحث الشاعر المتباري على الاتيان بالافضل والمصيبة ان اعضاء التحكيم كانوا يقرؤون عبارات التمجيد والاعجاب على ورقة اعدت سلفا لا بشكل مباشر ورأينا تسابق اللجنة واحدا مع الاخر على شكل الاطراء والمديح للمتسابقين وذلك لسماع التصفيق والصفير من الجمهور وكان الواحد منهم يبتسم عندما كان يتقاطع حديثه بعاصفة التصفيق والصفير .. والاكثر من ذلك ان الشعراء انفسهم (وقد قالها بعضهم) لم يعلموا بقوة وخيال شعرهم كما تحدث به اعضاء اللجنة التحكيمية.. الملفت للانتباه ان اعضاء اللجنة قد التزم كل واحد منهم بعبارة يرددها في قصيدة تقرأ مثل (لا فض فوك) و(لقد قرضت الشعر قرضا) وغيرها وبالطبع كل متباري كانوا يقولون له انت تستحق امارة الشعر وصدارة الشعراء فلا نعلم كيف اصبح بالاخير واحد فقط وكلهم لم يفض فوه وقرض الشعر قرضا..!؟

كنا نتمنى ان نسمع من اعضاء اللجنة التحكيمية جوانب نقدية تفيد الشاعر في المستقبل وكذلك الافادة للمشاهدين والمتابعين لسير المسابقة فلا يمكن وهذا خارج حدود العقل ان كل المتبارين كانوا في درجة الكمال الشعري الى نسبة100%  من خلال جمل المديح والثناء والاطراء الخالية من أي شائبة او نقد لآي قصيدة القيت، ففي عصرنا هذا هناك انتقادات لشعراء الجاهلية وصدر الاسلام وشعراء الدولتين الاموية والعباسية وهؤلاء هم يمثلون عيون ومبدعي الشعر العربي الذين منهم استلهمنا ونستلهم وعرفنا الشعر.

لقد كانت اللجنة التحكيمية من ابرز نقاط ضعف المسابقة اذ كان همهم مجاملة الشعراء والجمهور وكسب التصفيق والتصفير على تفعيل وتنشيط واغناء الشعر وريادته وديمومته.. والمدهش ان اعضاء اللجنة كانوا يعتمدون على مدى حرارة التصفيق والصراخ من قبل الجمهور على مقاطع الشعر (واقسم ان اكثر الحاضرين كان لا يفهم ما يقال من شعر سوى تشجيع ابناء بلدهم ليس الا ).

المأخذ الذي اخذ على كيفية اخذ الدرجات والفوز باللقب من قبل المشرفين هو اخذ نسبة التصويت عن طريق الهواتف النقالة والاتصالات وهذا ما لم يكن في الحسبان ... فمن يملك عدد من الاقارب والمعارف والاصدقاء الاثرياء الذين لا يهمهم صرف الدولارات جراء ارسال اصواتهم عبر الهوتف فهو امير الشعراء ورئيسهم وقائدهم بغض النظر لقيمة الشعر الذي يكتبه او يقرضه..!

كيف حسب المنظمون والاساتذة والنقاد ان يكون امارة الشعر العربي بالتزكية عبر الاتصالات وهل هذه هي ميزات الامير ان يكون من ذوي الجاه والمال وصاحب اكثر عدد من الاصدقاء والمعارف الاغنياء .. اذن هو امير الموبايلات..!

 يا لرخص الامارة وتفاهات الايام.

اعتذر ان كان هذا الكلام قد جرح البعض ولكن لا تأخذني في سبيل الشعر العربي وارثه الثر لومة لائم وان ما ذكرته فيض من غيض ما رأيته.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com