حكايات أبي زاهد (14) ... (جمل الغرگان غطه)

 

 

محمد علي محيي الدين

abu.zahid@yahoo.com

الروتين الحكومي القاتل، والبيروقراطية المقيتة، ظاهرتان قاتلتان في كل المجتمعات، ومنها مجتمعنا العراقي، وقد تجاوز العالم المتمدن الأساليب البيروقراطية، واتبع أحدث التقنيات العلمية في التعاملات الإدارية وأصبح المواطن في تلك البلدان ينجز معاملته بدقائق في الوقت الذي يتطلب منا نحن عباد الله الصالحين أشهر وربما سنوات، فقد عمدت تلك الدول إلى تقليص الفجوات وإلغاء الكثير من الأجراآت لتسهيل الأمور على مواطنيه، في الوقت الذي أخذنا نحن في القرن الواحد والعشرين نبتكر أكثر الأساليب تعقيدا في تعاملاتنا الإدارية، والأدلة على ذلك كثيرة،  فالمواطن الأوربي والأفريقي يحصل على جوازه بدقائق وبسعر رمزي، في الوقت الذي نحتاج إلى شهور وعشرات الآلاف أن لم يكن مئات الآلاف من الدنانير للحصول على جواز السفر الذي سعر حسب الأصناف التي أقرتها الجهات المعنية، والبطاقة الشخصية تتطلب معاملة تستغرق أياما ومراجعات ما أنزل ألله بها من سلطان، وبيان الولادة يزهق النفس و"يطلع الروح"و..و.. إلى كثير من المستمسكات التي يحتاجها المواطن ليثبت عراقيته ويصرف عليها من الجهد والوقت والمال ما يجعله يلعن الساعة التي ولدته أمه فيه، وآخر المبتكرات التي أبتكرها جهازنا الحكومي المتطور الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، هي بطاقة السكن،  هذه البطاقة اللعينة التي يحتاجها المواطن في كل معاملاته ومراجعاته كأنها صك الغفران، ولكن الحصول عليها يمر بمنعرجات خطيرة وطرق متشعبة، تجعله يتمنى أن يعيش في صحراء(لا آن ولا ودان) وبعيدا عن هيمنة القوانين ورقابة السلطة التي تكلفه ما لا يطيق، فعلى المواطن للحصول على هذه الوثيقة الجهنمية أن يصرف مبلغا لا يقل عن (30000) دينار، لاستنساخ الوثائق المطلوبة (بطاقات الأحوال المدنية والبطاقة التموينية وشهادة الجنسية وتأييد المختار والاختيارية وتأييد صحة صدور البطاقة واستمارات المعلومات بنسخ متعددة مصادق عليها من الجهات الأمنية والحزبية والصحة والقضاء والبلدية والسياحة والآثار ومنظمات المجتمع المدني) ودفع الرسوم وتكاليف السفر لمراجعة مركز المحافظة، والوقوف في الطوابير الكثيرة في هذه الدوائر المتعددة ليثبت أنه يسكن في جزر القمر، وأن مختار ه فلان وشيخه علان، ولا أدري ما هي الفائدة من كثرة هذه الوثائق المطلوبة للشخص الواحد، في الوقت الذي أختزل العالم "المتأخر" هذه الوثائق بوثيقة واحدة هي المعول عليها في أنجاز معاملاته، ولماذا تبقي الرواسب المتحجرة من قرون ما قبل التاريخ سارية المفعول في العراق، ولماذا لا نقتبس من الشعوب المتطورة ما يعيننا في يومنا الحاضر لبناء مستقبلنا الزاهر... ضحك سوادي الناطور وقال(أخاف أحجى ويگولون سوادي الناطور تسودن، لو يگولون أخرف، لو تالي عمره صار "يا سوس" وكلما أسكت تحجبني گوه،  وأشوف تاليها نرد عله الأولية ، ويوميه لافين فرشنه أنه وياك ومن سجن السجن وتوقيف التوقيف، ولو ما ظل حيل ذيج الأيام، لكن وروح أبوك انه سوادي، لا يبدلني الشيب  ولا يغيرني الكبر، وأصير الهم مثل سهيل بالماي، وارد أگول حجايه واليزعل خل يزعل، تراهي وصلت حدها وعبرت ألذاك الصوب، وصارت السكته عيب،  ويوميه مطلعين سالفة جديدة،  هي بطاقة السكن ينراد إلها روحه للقاضي، يگدرون يأخذون المعلومات من النفوس، من وكيل المواد الغذائية، يوزعون استمارات للوادم والمختار يجمع الهم المعلومات ليردوه، جا عليمن مخلين المخاتير، بس يأخذون راتب ويبيعون نفط وغاز بالسوك ألحمره، وصاروا مثل تجار الحوا سم يملكون الملايين، لو هاي ما يدري بيها المجلس البلدي، لو مجلس المحافظة، ليش يدورون وين ماكو شغله معثره ويذبوها على راس المواطن، لو صار المواطن حايط نصيص بس الكفخات على رأسه، وإذا گال آخ...يودوه للجراخ....!!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com