|
قضية الامام المهدي – بين نظرية العمل والدعوة الى التكاسل القضية المهدوية ...شبهات وردود
عدنان الجعفري/ مؤسسة اليوم الموعود الثقافية من خلال سعة الاستيعاب المتباينة بين اوساط المجتمع من ناحية فهم وادراك قضية الامام المهدي فان كل فئة اتخذت لها منهاجا في الحياة حسب فهمها لقضية الدولة العالمية والخطوات المطلوبة من الفرد خلال عصر الغيبة الكبرى وقبل الظهور للمشاركة في بناء الدولة المهدوية ذات المواصفات المثالية من العدل والمساواة بين بني البشر بل بين الموجودات على ظهر المعمورة فالمشاركة اتخذت عدة نواحي منها مسلك العزلة والتكاسل والناحية الاخرى هي العمل الحركي والثوري الدؤوب وكل ناحية من هذه النواحي قد سلكت طريقها والكل يدعي انه النموذج الصحيح فقد اختلط الحابل بالنابل كما يعبرون . فالاستعداد للمشاركة مع الامام المهدي _ عج _ في عصر الظهور عن طريق الانتظار الا ان هذا الانتظار بسبب سلوك المسلك السلبي له مما ادى الى اثارة شبهة تقول ( ان انتظارالامام المهدي هو سبب للتكاسل عن الاصلاح وترك العمل الاجتماعي وعدم معارضة الظلم الظالمين اعتمادا على اليوم الموعود الاصلاح المنشود )!!! ولم تأتي هذه الشبه من فراغ بل لوجود عدة أسباب أدت الى تفشي هذه الشبه من هذه الاسباب :ـ السبب الاول/ وجود التيارات العلمانية واوساط المفكرين للمهدي – عج – واللذين يعتمدون الاسس المادية وكل مايمت اليها بصلة مبتعدين على علم اللا ملموس. فهؤلاء لايجدون دليلا على دعواهم سوى طريق الاستبعاد والتشكيك, فاي شيء يتعلق بالميتافيزقيا او عالم الغيب واللاهوت منهم ينفوه عن الوجود وخلاصة فكرهم كل شيء لايصل اليه العلم المادي فهو غير موجود فهم يحاولون ان يقنعوا انفسهم بما يدعون ولعلهم يستطيعون ابعاد المهدويين مهدويتهم وتشككهم في معتقدهم!! كما ان المادية امثال الشيوعية التي شهرت سلاحها الفكري ضد الدين بمقولتها المعروفة (الدين آفيون الشعوب ومخدرها)وبما ان الاعتقاد بالامام المهدي هو من بعض فروع الدين فتكون قضية الامام المهدي لديهم عبارة عن شماعة يتخذها المسلمون والمؤمنون بالامام المهدي ليعلقوا عليها فشلهم في صناعة الحياة السعيدة للانسان كما انهم لم يطلعوا على الاسلام الثوري والحركي وكذلك سيرة الانبياء الثورية ضد الظلم والفساد وانما اطلعوا على رجال دين يكنزون الذهب والفضة وشعوبهم تتظور جوعا وحرمانا فثاروا ضد الدين ورجاله وحصل ماحصل من الثورات المتواترة واهمها الثورة الفرنسية الثائرة ضد الكنيسة وحواشيها وامثالها. ويمكن الرد على الماديين حول هذه الفكرة الخاطئة التي حملوها واشاعوها ضد الاسلام بان الدين كان ولا يزال اساس الثورات والمعارضات والمطالبة باقامة الحق والعدل على مدى التاريخ ولو ابتعد الماديون عن العواطف والأهواء لوجدوا ان الدين هو اساس الجبهة المفتوحة ضد الظلم والظالمين بعد اعطاء جزء من الموضوعية والتجرد. السبب الثاني: وجود صنف من المؤمنيين بقضية الامام المهدي يتصفون بصفتين مهمتين تجعل للمشككين ذريعة الى وصف قضية الامام مخدراً للأمم وداعية للعزلة والتكاسل عن مواجهة الظلم والفساد المستشري في المجتمعات عبر عشرات القرون وقد ذكر هاتين الصفتين السيد الشهيد محمد الصدر (قد) في كتابه/ موسوعة الامام المهدي 1/ صفة التقاعس عن العمل وتقديم المصلحة الخاصة على العامة عموما 2/ان مفاهيم الاسلامية تنطبع في اذهانهم بشكل ناقص وخاطئ بشكل تصلح تبريرا للواقع الفاسد اكثر من أي شيء اخر _ انتهى قول السيد الشهيد ومن خلال هاتين الصفتين فان هذه المجموعة من المؤمنين _ ظاهرا _ بقضية الامام المهدي قد اعطت انحرافا في القضية المهدوية من عدة نواحي : الناحية الاولى ـ الدعوة الى الانعزال عن المجتمع واتخاذ طريق التنسك والعرفانية لاصلاح النفس مبتعدين عن اصلاح المجتمع على الرغم ان التكامل الجماعي افضل من التكامل الفردي وذو نتائج ايجابية تفيد المجموع لاالفرد . الناحية الثانية ـ المفاهيم الاسلامية التي يحملوها بفهم ناقص وخاطئ فانهم يرون ان الانعزال عن اصلاح المجتمع او عدم التصدي للفتن وكواجهة الظلم والظالمين هي الكفيلة بايجاد الظلم والجور الذي هو من شروط التقريب الظهور كما يدعون كما انهم لا يؤمنون اقامة الحكم الاسلامي الا بالدولة المهدوية فقط (فكل راية قبل قيام القائم فهي راية ظلال) وقد اعطوا ذريعة لأمثال هذه الروايات في عدم التحرك لاقامة حكم وفق دستور اسلامي رصين فهم يعادون _ ان صح التعبير _ ولاية الفقيه والتدخل في ادارة الشؤون الامة و يتخذون نظرية فصل الدين عن السياسة والسكوت عن الحكومة العلمانية ولا يأمرون بالجهاد والكفاح ضد التيارات العلمانية المعادية للاسلام . واهم شيء في القضية المهدوية الذي سبب كل هذه الافكار المنحرفة عن الاسلام المحمدي الاصيل انهم يرون (يجب توفير الظلم والجور وترك العمل ضده استعجالا لظهور المهدي _ عج _) كما يعبر صاحب الموسوعة المهدوية في كتابه / الغيبة الصغرى. فترى ان هناك وصفا في غاية الدقة يصفه المولى المقدس (محمد الصدر) للذين يعتقدون بان العمل الاسلامي ضد الظلم والظالمين غير مؤثر باي حال من الاحوال حيث يقول (قد) (هؤلاء هم اليائسون الذين سيطرت عليهم هيبة الانحراف وهيمنة الظلم السائد في البشرية على نفوسهم , فاعتقدوا أي شيء من الإصلاح او الأمر بالمعروف في هذا المجتمع فاسدة ومن ثم اضطروا الى السكون وترك العمل انتظارا لظهور الامام ليكون الرائد الاول في إصلاح العالم). فمن الطبيعي ان يجدوا هؤلاء بان العمل غير دافع لزيادة الاعتقاد بالإمام المهدي كما ان الاعتقاد بالمهدي (عج) غير دافع للعمل بسبب الانحرافات الفكرية وبيع الدين بالدنيا وتقديم المصلحة العامة. وقد برهن السيد الشهيد الصدر أهمية العمل الإسلامي في عصر الغيبة بعدة ملاحظات مما يعد ردا صريحا على الشبهة القائلة بان فكرة الإمام مدعاة الى التكاسل وترك العمل الاجتماعي والإصلاح ومنها: الملاحظة الاولى ـ اثبت من خلال التخطيط الالهي للظهور في كتابه الغيبة الكبرى بان مايرفع درجة الاخلاص في الامة وايجاد شرط الظهور هو العمل ضد الظلم فعلا ومعه ينبغي ان يمر الفرد فعلا في ظروف الظلم والانحراف لكي يعمل ضده حتى يتصاعد اخلاصه وتقوى ارادته . الملاحظة الثانية ـ ان تصعيد درجة الاخلاص قد يكون قائما على اساس الاضطرار وقد يكون بالاختيار . فالاضطرار يقتضيه التمحيص الالهي بشكل رئيسي. فان الأفراد في حبهم لذاتهم وتفضيلهم للراحة لايميلون _ عادة_ الى العمل الاجتماعي العام ,لما فيه من شعور بالجهد والمسؤولية فهم لا ينطلقون الا تحت وطأة من الاضطراب والشعور بالضغط والإحراج اما الاخلاص على أساس الاختيار فهو باندفاع المكلف الى مضاعفة جهود العمل اكثر من التمحيص الاختياري سببا لايجاد المستوى الرفيع من الوعي والاخلاص وقوة الارادة المطلوب توفيرها في قيادة الدولة العالمية في يوم الظهور اما التمحيص الاختباري فهو يعطي اثراً بالغاً في التصعيد السريع والتعجيل بايجاد شروط الظهور بمقدار ما تقتضيه الظروف الثقافية الفكرية التي يعيشها الفكر الاسلامي في أي عصر . ومن خلال هذه الملاحظتين يتضح ان القضية المهدوية هي باب للعمل الاجتماعي والاسلامي ضد الظلم والظالمين والفساد والمفسدين لا كما يقول الشبهة بان انتظار الامام دعوة للتكاسل وذلك لان اساس غيبة الامام المهدي _ عج _ كي تمر البشرية بظروف طويلة من التمحيص والاختبار من خلال الظروف الصعبة والقاسية التي تؤدي الى تصعيد درجة الاخلاص لدى الفرد وليتم تطبيق الآية (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من يحيا عن بينة) وفي الامتحان تنكشف معادن الناس والإيمان الحقيقي عن الايمان المزيف وكما يقول المثل (وفي الامتحان يكرم المرء او يهان).
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |