إعدام المجانين في خانقين
 

محمد غازي خانقيني

كنا ولا زلنا نقرا كثيرا من المقالات في الصحف والمواقع عن الشهداء الذين كانوا ضحايا الممارسات السيئة والأجرامية لنظام البعث وللدكتاتورالمقبور، ولكن كثيرا من الكتاب أشروا في مقالتهم فقط للرجال المعروفين على الساحة السياسية، وأما الأقلام المأجورة المحسوبة على الأحزاب القومية والطائفية تؤشر دائماً وبشكل خاص الى الشهداء من أحزابهم، واما الفقراء وغير الحزبيين فعليهم السلام، أنا في هذه المقالة أحاول أن أسلط الضوء على على واحدة من مآسي شعبنا من الطبقة المسحوقة. هذه المأساة التي لم ولن يصدقها أحداً ، للأسف الشديد لم يذكرها أحداً من اصحاب الاقلام الحرة الشريفة بأختلاف معتقداتهم وأفكارهم, والذين تقع على عاتقهم هذه المهمة التأريخية. أريد هنا أن أكشف للأقلام المأجورة والأصوات المبحوحة التي ما زالت تطبل وتزمر للقائد الضرورة وشهيد الاسلام والامة العربية عن تلك الجريمة ( وأكرر لم ولن يصدقها أحداً). قامت الأجهزة الأمنية في مدينة خانقين في أواخر القرن الماضي خلال حكم البعث بأعدام مجموعة المجانين دون مراعاة الوضع النفسي والصحي لهولاء المساكين، أعدموهم على حسب ما يعتنق البعض من أهلهم من أفكار أو أنتمائات الى الأحزاب الكوردية أو انتمائهم الى الحزب الشيوعي العراقي. هولاء المساكين لم يتذكرهم أحد ولم تكرم عوائلهم بعد سقوط نظام البعث لا من قبل حكومة أقليم كوردستان ولا من قبل الحكومة العراقية, أي أنهم أصبحوا في طي النسيان. حالهم حال الكثير من الناس البسطاء والبؤساء الذين ضحوا في سبيل الشعب والوطن ، وأصبحت أسمائهم في سجل المنسيين. قام أحد الرسامين في مدينة خانقين برسم لوحة بديعة وتأريخية لهولاء الضحايا المنسين من الناس البسطاء والمختلين عقلياً . الذين استشهدوا في سجون ومعتقلات الأجهزة الأمنية للنظام البائد والذين لا ذنب لهم سوى أنهم من القومية الكوردية أو ان البعض من عوائلهم معارضين للسلطة، وكانت تتوسطهم أي تتوسط هولاء المساكين في اللوحة المذكورة مونليزا والرسام نفسه حاملاً لافتة ومكتوب عليها أين حقوق الإنسان ياعالم.

هذه اللوحة تختلف عن اللوحات التي عرضت على المجتمع العالمي والمحافل الدولية حول معاناة وآلام الشعب العراقي لما تجسده من مأساة حقيقية . فمتى تصحو وتنهض ضمائرهذا المجتمع الدولي من النوم العميق. هذه اللوحة جمع الفنان فيها المظلومين من اهل المدينة من الطبقة المسحوقة الذين غدر بهم الزمان، وهي تعبير عن المرحلة الدموية التي مرت بيها مدينة خانقين ، وكشف فيها عن الجرائم البربرية والتعريب الذي مارسه نظام البعث وأجهزته الامنية بحق أبناءها .

 

رب سائل يسال من هم هؤلاء؟؟؟؟؟؟

لو دخلنا في تفاصيل حياة اي واحد منهم نتفاجئ باحداث مثيرة ومؤلمة قد لا يصدقها العقل. ما جرى لهولاء المساكين داخل سجون ومعتقلات النظام البعثي على أيدي جلاوزة البعث من التعذيب الجسدي والنفسي يفوق التصور.
هنا أحاول أن أنقل لكم بعض الاحداث المؤلمة والغريبة:

أولهــا:
قامت الأجهزة الأمنية لمدينة خانقين بدهم أحد الاحياء الفقيرة في المدينة وألقيت قبض على أحد المجانين يدعى (جبار) دون أي سبب فقط لأنه مختل العقل، رغم محاولة أهله وتدخل أهل الحارة (المحلة) لتعريف وإفهام رجال الامن والرفاق الحزبيين بمرض االرجل وأنه مصاب بأنفصام شخصي, ولكن دون جدوى من تلك الأعذار، وبعد مدة طويلة وجدت جثة المسكين في أحدى أزقة المدينة وهومقتول، وكانت أثار التعذيب واضحاً على جسده.

الحدث الثاني:
أحد أبناء المدينة يدعى (صدقي عباس) عقله مختلاً ويتصرف دون وعي وأنه معروف للقاصي والداني داخل المدينة، لأنه كان من عائلة معروفة، الغريب أنه سيق الى الخدمة العسكرية دون النظر الى وضعه الصحي والنفسي، ودون عرضه على الطبيب المختص. في أحد الايام وضع على كتفه علامة النسر الذي قلعه من بيرته (غطاء الراس تستعمل أوتلبس في الجيش العراقي) ومقلداً أحد الضباط وبدون وعي لأنه مختل عقلياً ، ألقي القبض عليه بتهمة التأمر على السلطة والحزب ، وأجري معه التحقيق والتعذيب في آن واحد لكي يعترف على مجموعته, وحكم عليه بالاعدام، وأثار التعذيب كانت ظاهرة على الجسده.

وأما ثالثها كما يلي:
أبلغت أحدى العوائل بترحيلها ومغادرة مدينة خانقين الى المناطق الغربية أو الجنوبية من العراق، وكان في تلك العائلة أحد من أبناءها مختلاً عقلياً (مجنون) ألقي القبض عليه لأنه لم يلتزم بأوامر السلطة بمغادرة المدينة، وتعرض للتعذيب بسبب وجوده في المدينة ولم يرحل مع عئلته، وأفرج عنه على ان يغادر مدينة خانقين، ولكن (عيدان) رغم أنه مختل علقياً رفض ترك المدينة، والقي القبض عليه مرة أخرى وتم أعدامه في احدى مقاصل حزب البعث الدموي.

لا اريد ان اسرد القصص عن الاخرين لأن هناك عشرات من القصص حول جرائم النظام البعثي بحق اهالي مدينة خانقين ، فبألإضافة الى ذلك هناك الكثيرين ممن استشهد جراء القصف الايراني او استشهد جوعا اثناء الحصار.

وأـخيرا: أليس من حقنا أن نسأل متى يقدم هولاء المجرمون الذين ارتكبو جرائمهم بحق هؤلاء المساكين للقضاء لينالوا جزائهم العادل.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com