(رمضانيات) الخاطرة الرمضانية الحادية عشر

محمود الربيعي

mahmoudahmead802@hotmail.com

ماهو موقفنا من الحق والباطل

"لاجبر ولاتفويض ولكن امر بين امرين"

طبيعة المشروع الالهي هو الاختبار، وترك حرية الاختيار للانسان.. فلم يكن الانس او الجن مجبورون لان يعبدوا او يكفروا، ولم يكونوا مفوضون الى انفسهم لان يتصرفوا كما يحلو لهم، وانما هو امر بين امرين فهم ليسوا بمفوضين وليسوا بمجبورين "لاجبر ولاتفويض وانما امر بين امرين" قول الامام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام.. "لست في سيري مجبورا وان كنت محدد.... انني القادر والمختار والوجدان يشهد" حل الطلاسم للعلامة محمد الجواد الجزائري رحمه الله.

 

المشروع الالهي مشروع اختبار

 وهذا المشروع الالهي وهو الاختبار الذي يترتب عليه كل من الثواب والعقاب ابتدا اولا بسبب عناد ابليس وامتثاله لامر الله (اذ كان ابليس من الجن ومخلوق من النار) اذ امتنع عن طاعة الله سبحانه وتعالى ولم يقبل السجود لادم( وهو من الانس والمخلوق من التراب) "واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه افتتخذونه وذريته من دوني وهو لكم عدو بئس للظالمين بدلا" سورة سورة 18 الكهف الاية 50 .. من تلك اللحظة ابتدا الصراع بين ابليس وادم .. فامر الله ادم ان لاياكل من الشجرة اختبارا له على الطاعة وترك المعصية ف " قال ابليس فبعزتك لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين " سورة 38 ص الايات 82و83، وقال عز وجل " ان عبادي ليس لك سلطان الا من اتبعك من الغاوين" سورة 15 الحجر الاية 42 وسيبقى هذا الصراع الى يوم ظهور المنقذ الاكبر (ابا صالح) المهدي الموعود وعندئذ سيموت ابليس وينتهي الصراع وبنهايته ينتهي الباطل وكل انواع الظلم وستملا الارض قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا" ولقد كتبنا في الزبور ان الارض يرثها عبادي الصالحين" سورة 21 الانبياء الاية 105. وكذلك الاية 5 من سورة 28 القصص "ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين".

 

الله سبحانه وتعالى هو الحق المطلق

 والحق المطلق هو الله الذات المقدسة والمنزهة التي يتصف بالصفات الثبوتية من العلم والقدرة والارادة، وكل من هذه الصفات تعتبر مطلقة بالنسبة لله وليست مطلقة بالنسبة لغيره.. وتتصف الذات المقدسة بجميع صفات الكمال كالعدل والرحمة واللطف وبجميع الاسماء الحسنى.

 

يتجسد الحق باهله ويتجسد الباطل باهله

 والملائكة حق، والانبياء والرسل حق، والاوصياء حق "لكل نبي وصي" حديث شريف، وكلهم عابدون وعاملون ضمن المخطط الالهي المعد لهم وللكون والحياة... واما الشيطان فهو الباطل لذا فان العاصي باطل، والفاسق والمنافق والمشرك والكافر باطل، والمجرمون باطل، وكل المنكرات صور للباطل، وكل انواع المعروف صور للحق.

 

الصراع بين الحق والباطل صراع قديم

 ففي الامس وفي اليوم وغدا يبقى الصراع بين الحق والباطل هو هو فبالبدء كان بين ادم وابليس، وبين قابيل وهابيل، واستمر هذا الصراع في زمن كل نبي ورسول ووصي، وهو الان يتمثل بالصراع بين شياطين الانس وشياطين الجن من جهة وبين جنود الرحمن من جهة اخرى.. فالشيطان يدخل في عقول وقلوب الناس ويتدخل بكل صغيرة وكبيرة ليزرع البغض والعداوة ويتفرج على المتنازعين في كل موقف من مواقف هذا الصراع من فعل المعاصي والكبائر من القتل والزنا والسرقة وبقية انواع الظلم والعصيان "ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير" سورة 35 فاطر الاية 6.

 

الشيطان يزرع الفتنة والفرقة

 فالشيطان يدخل بين الاصدقاء والافراد والجماعات ليفرقهم ويدخل بين اهل الاديان والعقائد والمذاهب، وبين رؤساء الدول، وداخل الدولة الواحدة وفي جميع مؤسساتها ليزرع الفتنة بينهم.

 

تسجيل الاعمال واحضارالشهود

 وفي كل هذه الاحوال يطلع الله سبحانه وتعالى على اعمال العباد، ويسجل الملكين الموكلين بكل عبد كل الصغائر والكبائر ليكونا شاهدين مع بقية الشهداء من حججه على خلقه من انبياءه ورسله واوصياءه المصطفين... وهكذا يستمر الصراع بين المصلحين والمفسدين حتى مطلع فجر الدولة العالمية التي يجتمع فيها البشر على الخير والمحبة والسلام "ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مالهذا الكتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة الا احصاها ووجدوا ماعملوا حاضرا ولايظلم ربك احدا" سورة 18 الكهف الاية 9 .

 

 

مبدا الحوار الطريق الامثل لانهاء النزاعات

فهل من الممكن ان يتعايش الباطل والحق سوية، وهل بالامكان ان يتعايش الاعداء معا.. فاما الباطل فلايمكنه ان يجتمع مع الحق، ولكن الاعداء بامكانهم ان يتحاوروا ويتجنبوا اثار العداوة بينهم وينظروا الى مصالحهم ومصالح العباد... وهذا الامر ينطبق على الاسر والمجتمعات الصغيرة كما ينطبق على الاسر والدول الكبيرة والصغيرة والطريق الى ذلك سلبيا بالتخلص من اسلحة الدمار الشامل ويتوقفوا عن انتاج الاسلحة المضرة بالانسان بوالحضارة الانسانية واللجوء الى الطرق السلمية للتقارب والتفاهم.

 

 

وجوب زرع الثقة المتبادلة بين المتخوفين بارسال اشارات لطيفة تدعو الى الخير

 فالدول الكبرى مطالبة بان تبادر لتطمين الدول الفتية وتقديم ضمانات صادقة لهم بعدم الاعتداء، والامر نفسه مطلوب من الدول الصغيرة لان تتعايش مع الدول الكبيرة وذلك بتوفير الاطمئنان لها وزرع الثقة بينهما، ويتم ذلك بالحوار الصادق وجها لوجه مباسرة بلا واسطة وانما بتمهيد الى عقد مثل هذه اللقاءات بشكل عادل يضمن حقوق جميع الاطراف.. وعلى المجتمعات ان تعترف بوجود كل منها، وان لاتنكر حقا لاحد في العيش الكريم والابتعاد عن لغة الاقصاء والالغاء.. كما ان الافراد والمجتمعات ايضا مطالبة بان تحترم حقوق بعضها البعض، وان لايعتدي بعضها على البعض الاخر ليستقيم امر الحياة ولكي تتعززالاواصر الانسانية ولايتم ذلك الا باحترام ارادة الله وتعاليمه وهي مشتركة، فالعدل والسلم والسعادة مشتركات بين الاديان والمذاهب والطرق، فهم جميعا يدعون من حيث النظرية الى ذلك، ويختلفون في التطبيق وابتغاءالوسيلة، ومتى تغلبت روح الايمان والقيم النبيلة فانها لن تسمح للشيطان اوجنوده بزرع الفتنة، و تمكن بذلك كل منهم ان يتواصل مع بقية الاطراف.

 

علينا باصلاح انفسنا واصلاح العلاقات بيننا

وفي باب القيم الاجتماعية فالشيطان يدعوهم الى العداوة والفحشاء وارتكاب الجرائم كاالقتل والسرقة والزنا وينشر الفرقة بينهم فاذا مااستجابوا له تمكن منهم، وتمكن من نشر العداوة والنفاق بينهم.

 

لنجعل من شهر رمضان فرصة للتخلص من الخلافات

ان شهر رمضان فرصة مناسبة للناس لترويض النفس على الطاعة، وترك المعاصي، واصلاح ذات البين، والعمل الصالح، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واشاعة روح العدل والمسامحة، كما هو فرصة للاكثار من الطاعات، والاعمال العبادية كقراءة القران بتدبر ومعه قراءة التفسير، وقراءة ادعية الصحيفة السجادية وان يجلسوا مجالس الصالحين ويشاركوا في بناء مجتمعهم الذي ينتمون اليه، ويدعون الى لقاء الحضارات والحوار بين اهل الاديان وان يتعاونوا على البر والتقوى ولايتعاونوا على الاثم والعدوان، ويتم بذلك بدعم اقتصادهم المشترك، وتنشيط التجارة فيما بينهم ويهتموا بمؤسسات المجتمع المدني.

 

المصادر

 القران الكريم

 الاحديث النبوية الشريفة واحاديث اهل بيت العصمة عليهم السلام

حل الطلاسم للعلامة محمد الجواد الجزائري

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com