|
كثيرة هي الاجندات التي طرحت وتطرح من قبل الاحزاب والتكتلات والتجمعات والجهات السياسية وغير السياسية، كل يحاول ان يغلّب مصلحته، ويريد ان يتقبّل ويطبّق الآخرون طروحاته وتنظيراته، معتبرا اياها الوصفة السحريّة التي ستحلّ عقد ومعضلات الوضع العراقي المأزوم، وهذه النظرة الاحادية القاصرة هي التي زادت من تعقيدات الاوضاع، وجعلتها متشابكة حدّ المتاهة، والخاسر الوحيد في هذه اللعبة القذرة هو العراق وطنا وشعبا. العراق يمر الآن بوضع استثنائي، وعلى مفترق طرق شتّى ، ايهم سيوصل الشعب العراقي الى النجاة؟ ربما هذا الامر في علم الغيب. نحن نسمع الاصوات الآن تتصاعد بحدّة وتتقاطع بشدّة ، البعض منها يدّعي حرصه على الشعب العراقي، ويبدي تخوّفه على الهوية العراقية من التمزّق والضياع، وهذا شيء مطلوب ويدخل في مفهوم الوطنية من اوسع ابوابه، الاّ انه من حقنا ومن حق الشعب العراقي ان يتساءل وبمرارة، اين كان هؤلاء المتباكين بدموع التماسيح على وحدة الشعب العراقي، ايام كان نظام الديكتاتورية المقبور، يزجّ في سجونه وزنازينه ومعتقلاته الرهيبة عشرات الآلاف من العراقيين، وفي مقابره الجماعية نفس العدد من اجداث الضحايا، وغيرها من الاساليب التعسفية الوحشية، التي كان يمارسها ازلام النظام الصدامي ضد الاحرار من العراقيين. هؤلاء الذين كانوا محشورين في سجون الديكتاتور، وضحايا مقابره الجماعية، والمطاردين والمغيّبين والمنفيّين هم من فئة وطائفة من شعب العراق، وهي معروفة من قبل الشعب العراقي، ومن دول الجوار، وربما من قبل بعض شعوب العالم، اين كان هؤلاء من كل ماجرى على الشعب العراقي من ويلات وحروب ومصائب تشيب لها رؤوس الاطفال؟ انا اقول لكم، لقد كان هؤلاء المتباكين، يدفنون رؤوسهم بين سيقانهم او في احضان...... (اعوذ بالله)، كما النعامات تدفن رؤوسها في التراب، حين يحدث خطب ما. ان صدام الذي اختبأ في حفرة الدور كفأر مذعور، وزبانيته الذين هربوا امام اول دبابة امريكية وطئت ارض العراق الطاهرة، وتركوا الشعب العراقي المظلوم نهبا للاحتلال، هم الذين سلّموا العراق للمحتل، بعد ان مزّقوا الهوية العراقية، بل فتّتوها الى مزق صغيرة متناثرة تذروها ريحهم الصفراء المقيتة، ثم جاء الاحتلال الذي كرّس تمزيق هذه الهوية، بعد ان وجد ارضا خصبا هيّأها له هؤلاء المتباكين عليها. وبعد ان نهب النظام المقبور وحاشيته واعوانه ثروات العراق، وامتصوا دماء شعبه، رموه غير آسفين عليه ، كما ترمى العظمة بعد تجريدها من اللحم، فاصبحت ارض العراق مستباحة للجميع، يعيث فيها القتلة المجرمون تقتيلا، والمفسدون افسادا، الى ان يشاء الله امرا كان مقضيا (ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم). يبقى سؤالا آخر دعوني اطرحه عليكم ايها الساسة، ويطرحه معي الشعب العراقي المظلوم، اين اجندة هذا الشعب، من كل اجنداتكم التي طرحتموها؟ ها.. متى تحرروها من عقالها.. عقالكم، ألا يستحق هذا الشعب الصابر ان تلتفتوا اليه ولو لمرة واحدة، وتركنوا جانبا صراعاتكم، ومصالحكم الفئوية والحزبية؟ ألا من مجيب؟ الشعب العراقي في الانتظار، كفاكم مزايدة على دماء العراقيين، وكفانا امتحانا وصبرا، يقول الله سبحانه، في محكم كتابه الكريم (لا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم) فمتى يحصل هذا!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |