|
يخطأ البعض عندما يذهبون بعيداً في تحليلاتهم وكتاباتهم السياسية، حيال تعامل المجتمع الدولي المنافق مع النظام الطائفي الدموي الدكتاتوري في دمشق، رغم مواقفهم المتناقضة في تعاملهم ووصفهم للنظام في دمشق بالمارق، الداعم للإرهاب، بالنظام الذي يتدخل في شؤون دول الجوار والمساهم في زعزعة وإستقرار لبنان والعراق، والحليف الإستراتيجي لنظام ملالي قم وطهران. النظام الداعم والممول لحزب الله في لبنان وحركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية الأخرى. ولا نريد أن نطيل الكلام عن سياسة النظام ورد فعل المجتمع الدولي على تلك السياسات، ولكن بعض ممارسات وجرائم وسلوكيات النظام ورد وتعامل المجتمع الدولي معها يوضح تلك العلاقة الجدلية بينهما. في السادس عشر من تشرين عام 1970 م قام حافظ الأسد بالانقضاض على رفاق الأمس صلاح جديد، يوسف زعين والأتاسي تحت شعار ومسمى "الحركة التصحيحية" بمباركة بعض القيادات الحزبية وخاصة السنية منها بعد أن غرر بهم حافظ الأسد، وكرس الطائفية والمذهبية وتخلص من مناضلي الحزب الشرفاء، بمباركة الدول العربية والدول الإقليمية والعالمية وخاصة بريطانيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن اتفق مع الكيان الصهيوني على قيام دولة إسرائيل وضمان حدودها من جهة الجولان، وهذه الاتفاقات السرية بحثت وتم الاتفاق عليها قبل قيام الحركة التصحيحية، والتي بموجبها تعهدت الحركة الصهيونية بدعم وإستقرار نظام دمشق الطائفي، من هنا بدأت بوادر الدعم والنفاق الدولي لنظام طائفي دموي دكتاتوري، سياساته الخارجية المعنلة تختلف تماماً عن سياساته من وراء الكواليس، وفي الفترة مابين عام 1970 ودخول القوات السورية إلى لبنان عام 1976 إستطاع حافظ الأسد وكما اسلفنا التخلص من رفاق السلاح وكل من لم يتفق معه بالرأي، وكرس الطائفية والمذهبية وصفى الجيش من كل العناصر القيادية والوطنية وخاصة أبناء الطائفية السنية، وأطلق يد الأجهزة الأمنية لتعيث فساداً في البلاد والعباد وأحل الفساد والرشوة محل النزاهة والكسب الشريف. في العام 1976 إجتاحت القوات السورية لبنان بدعم عربي ودولي وبإتفاق مسبق مع إسرائيل، وهذا ما كشفه وأكده في السابع من نيسان عام 1995 سفير إسرائيل السابق في بريطانيا جدعون رافيل من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين قد اعطى نظام دمشق موافقته الخطية على دخول قوات حافظ الأسد إلى لبنان ، بعد أن تسلم خطط حافظ الأسد لدخول لبنان من الملك الأردني حسين. واوضح السفير أنه التقى العاهل الأردني بطلب من الأخير في 11 نيسان العام 1976 في لندن، وقال وعدنا الملك حسين بإسم الرئيس السوري حافظ الأسد أن قوات نظام حافظ الأسد لن تنتشر في جنوب لبنان ولن تقترب من الحدود مع إسرائيل وأنه (أي حافظ الأسد) وعد اسحق رابين بأنه سيعمل على ضبط كل الجماعات الفلسطينية المسلحة التي قد تفكر بشن عمليات على شمال إسرائيل، واضاف رافايل أن حافظ الأسد تعهد لرئيس وزراء إسرائيل أن العملية السورية هي فقط ضد منظمة التحرير الفلسطينية وأنه سينسحب من لبنان فور عودة الهدوء. ونقلت صحيفة هآرتس حرفيا عن سفير اسرائيل السابق في بريطانيا جدعون رافايل: أن رابين وافق على دخول القوات السورية في رسالة وجهها الى العاهل الاردني في 28 نيسان 1976 ولا تزال محفوظة في ارشيف رئاسة الوزراء في اسرائيل. وبناءً على ذلك الاتفاق دخل حافظ الأسد لبنان ليذيق شعبها وخلال 29 عاماً من الأحتلال القسري ما لم تذقه أمة من قبل، أباح القتل علىالهوية، أضعف منظمة التحرير الفلسطينية، تخلص من خصومه في الحركة الوطنية اللبنانية، قتل وذبح الشعب الفلسطيني في مخيم تل الزعتر، وعبثا حاول الزعيم الدرزي كمال جنبلاط وقف الهجوم ومنع المذبحة, لكن محاولاته ذهبت سدى امام اصرار النظام الطائفي على اشعال نيران الحرب الاهلية بين اللبنانيين... وفي 5- 4 - 1976: اعلن قائد القوات اللبنانية بشير الجميل ان "الاطراف المتنازعة في لبنان كانت على وشك التوصل الى اتفاق لحل المشكلة اللبنانية، عندما تدخلت القوات السورية واضاعت الفرصة وقلبت الاوضاع رأسا على عقب. وفي 4-4-1976 : اعلن الزعيم كمال جنبلاط ذهوله لأجتياح الجيش السوري بعض المناطق اللبنانية دون ان تكون لوجوده أي طابع شرعي. وفي 16 – 3 - 1977: اغتالت استخبارات نظام حافظ الأسد الزعيم كمال جنبلاط في منطقة الشوف على بعد امتار من حاجز للقوات السورية، ثم عمدت الى التحريض على ارتكاب مجازر انتقامية دامية ضد مسيحيي الشوف ذهب ضحيتها 250 مدنيا بريئا . وفي 23-2-1980: اغتال عملاء سوريا ابنة رئيس الجمهورية اللبنانية الطفلة مايا بشير الجميل. وفي 22-7-1980: اغتالت الاستخبارات السورية نقيب الصحافة اللبنانية رياض طه. وفي 24-2-1980: وجد الصحافي اللبناني سليم اللوزي مقتولا في احراج عرمون (جنوب بيروت) قرب مواقع للقوات الخاصة السورية بعد تسعة ايام على اختطافه على طريق مطار بيروت الدولي بسبب مقالاته ضد السلطة السورية . وفي 27-8-1980: حاول عملاء الاستخبارات السورية اغتيال السفير الاميركي جون غونتر دين . وفي 3-9-1981: اغتال عملاء سوريا ، السفير الفرنسي في بيروت لوي دو لامار . وفي 15-12-1981: الاستخبارات السورية تفجر مبنى السفارة العراقية في بيروت مما ادى الى سقوط 30 قتيلا واكثر من 120 جريحا . وفي 14-9-1982: اغتال عملاء سوريا رئيس الجمهورية اللبناني المنتخب بشير الجميل. وفي 19-4-1983: فجر عملاء سوريا مقر السفارة الاميركية في بيروت مما ادى الى سقوط عشرات القتلى والجرحى. في 6-9-1983: ابلغت الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس المرحوم شفيق الوزان الادارة الاميركية والحكومات الاوروبية عن مشاركة فلسطينية وسورية في حرب الجبل لأسقاط الشرعية اللبنانية. وفي 8-9-1983: اعلن الناطق بأسم وزارة الخارجية الاميركية الن رومبرغ "ان سوريا تتحمل مسؤولية كبيرة بالنسبة الى الوضع في لبنان وانها المصدر الرئيسي للسلاح الذي تستعمله الميليشيات المتحالفة معها, فضلا عن الدور الذي يقوم به 40 الفا من الجنود السوريين الموجودين في لبنان. في حين اعلن مصدر فرنسي رفيع المستوى "ان دمشق تعمل بفاعلية على تقويض النتائج الايجابية التي اسفرت عنها المفاوضات اللبنانية – اللبنانية المباشرة" واكد ان قصف السفارة الفرنسية كان من مواقع تحت السيطرة السورية، وفي 22-11-1989 : اغتال نظام حافظ الأسد رئيس الجمهورية اللبنانية المنتخب رينيه معوض بسبب خلافه مع القيادة السورية ورفضه تنفيذ اوامرهم . وفي 14 شباط من العام 2005 اغتالت مخابرات رستم الغزالي وبامر من قيادة النظام (بشار الأسد – آصفت شوكت وماهر الأسد) الشهيد الحريري ورفاقه وهناك كوكبة من الشهداء اغتالهم نظام بشار الأسد بعد الخروج المشين للقوات نظام بشار الأسد من لبنان في العام 2005، كان اخرهم اشهيد أنطوان غانم . في الطبع هذه ليست فقط الجرائم التي ارتكبها النظام الطائفي بحق لبنان واللبنانيين الشرفاء ، بل هناك العديد العديد من الجرائم التي لا ينتهي حصرها وسردها في هذا المقال. لقد احتل حافظ الأسد لبنان بشكل رسمي في 13 تشرين الاول 1990 ونفذوا رغبتهم بالتواطؤ مع اميركا وإسرائيل والمجتمع الدولي وقيادات الأنظمة العربية، وتمكنوا اخيرا من دخول المنطقة التي كانت عاصية على احلام حافظ الاسد في ابتلاع لبنان، وقيام الوحدة السورية بالقوة، لكن لبنان الصغير بلد الثقافة والمعرفة والتعددية الثقافية والحضارية ليست دولة غنية بمواردها الطبيعية، لذلك لم تهب أي دولة الى نجدتها او لمساعدة شعبها على تحرير ارضه واستعادة السيادة والاستقلال: اسرائيل تريد ان تعطي لبنان الى سوريا مقابل احتفاظها بالجولان، واميركا تريد من سوريا ان تبقى دائما الحارس الامين للمصالح الأميركية والغربية في المنطقة والمنفذ الامين لسياستها تحت ستار الدفاع عن العروبة ومواجهة الامبريالية، اما فرنسا واوروبا فقد باعوا لبنان من اجل حفنة من المال ومن اجل بعض الاستثمارات في سوريا. لقد واجها اللبنانيون خلال 29 عاماً من احتلال اكبر ديكتاتورية عرفها الشرق الاوسط في تاريخه، والتي لم تتورع عن قتل 30 الف مواطن سوري في مدينة حماه من اجل حماية نظام آل الأسد ومصالحها، كما لم تتورع عن تدمير لبنان وقتل 200 الف من مواطنيه وتهجير مليون ونصف من اللبنانيين من اجل تنفيذ حلم سوريا الكبرى الوهمي بالقوة، عداك عن قتل الزعماء اللبنانيين بالتدريج وتهديد كل الصروح الثقافية والفكرية والعلمية والدينية كما جرى في الجامعة اللبنانية والاميركية وكنيسة سيدة النجاة وغيرها الكثير من الامثلة. لقد نصب نظام حافظ الأسد ، نظاماً دمية على لبنان وجرى تعيين الياس "الهراوي" ومن بعده اميل لحود "رؤساء" اسوة بحكومة فيشي المتعاملة مع الاحتلال النازي في فرنسا، وقام الهراوي بالتوقيع على ما سمي "معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق" بين لبنان وسوريا الامر الذي اتاح للنظام السوري التدخل وتحت غطاء قانوني بكل شؤون لبنان السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والدينية والتربوية والثقافية... وهكذا اخذ الوضع ينهار في لبنان من سيء الى اسوأ الى درجة تجويع الشعب اللبناني وافقاره من اجل اذلاله وهي سياسة كل محتل ومستعمر. وتمكن تحالف العصابات السورية مع العملاء في بيروت من تدمير مقومات الاقتصاد اللبناني ومصادرته لصالح حفنة من المستفيدين الذين باعوا شرفهم وكرامتهم الوطنية والدينية. في الختام وبعد هذا السرد البسيط والمتواضع وموجز لجرائم نظام حافظ الأسد والوريث الشرعي جلالة الملك بشار الأسد، وتبيان الموقف الدولي المتذبذب والمنافق والمنحاز في كثير من الأحيان يظهر مدى التعاون الوثيق بين نظام آل الأسد والمجتمع الدولي، ولم يعد المواطن السوري يهتم لتهديد الولايات المتحدة ووعيد رئيس ووزير جارجية فرنسا، ولم يعد يكترث لمواقف الإتحاد الأوروبي حتى مواقف بعض الأنظمة العربية، فهي في باطنها دعم لأمن وإستقرار النظام على حساب مصالح الشعب السوري وشعوب العالم الأخرى، ولم يعد يخفى على الشعب السوري أن قوة نظام آل الأسد يكمن في قوة ودعم إسرائيل وتأييد الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظاهرها بيانات وإعلانات جوفاء يقصد منها امتصاص غضب الحاقدين على نظام آل الأسد، أما بالنسبة للشعب اللبناني فلم يعد يكترث لدموع التماسيح التي يذرفها المجتمع الدولي بعد كل جريمة نكراء ترتكب بحق الشرفاء من أبناء لبنان. قبل النهاية نود أن نسأل المجتمع الدولي ماذا فعلتم للنظام السوري ولديكم هذا الكم الهائل من الجرائم التي ارتكبت بحق لبنان واللبنانيين؟ وماذا فعلتم وليديكم كل الادلة والشواهد التي تؤكد قيام نظام آل الأسد بكل هذه الجرائم؟ وهل تنتظرون مزيداً من الدماء والشهداء لكبح جماح (بشار – آصف وماهر الأسد) الشعب السوري الأبي يعرف أن نظام آل الأسد يعشق القتل ويعشق رائحة الدم، فهل أنتم تتلذذون على روائح جرائمهم؟.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |