من دفتر ذكرياتي في معتقل/ أبوغريب/ الحلقةـ 31، عنوان الحلقةـ ألأعمال الحرة!!.

ياترى ماهي تلك ألأعمال الحرة؟؟ وهل هنالك أعمال حرة خلف القضبان.. لنرى:

 *********

هنالك مسألة مهمة، وهي: ياترى كيف سيتدبر (رب ألأسرة) وهو صاحب عائلة، وقد شاء القدر أن يدخل السجن ويحكم عليه بكذا سنة؟ ولايملك مورداً يدبر بها أمور الحياة المعيشية لأهله أولاً ولنفسه ثانياً، ولاسيما أن مدة محكوميته طويلة، قد تصل الى المؤبدـ عشرون عاماً!!؟؟.

في الحقيقة.. حيرة.. نعم هنالك العشرات من أمثال هؤلاء.. لقد دخلوا السجن وتبقى ألأسرة من غير معيل ولامورد!!.

الحكومة.. وكل الحكومات العراقية المتعاقبة، لم تلتفت الى هذه النقطة ألأنسانية المهمة.

في أبو غريب/ كان المئات من هذه النماذج.. هو داخل ألأسوار وخلف القضبان وعائلته من زوجة وأطفال.. الهم الله فقط!!... لذلك:

أتخذ الكثيرون مهن مختلفة للأسترزاق ومن خلالها مساعدة عوائلهم والعيش في المعتقل بكرامة من غير مساعدة ألأخرين!!.

وللتأريخ كان الكثير الكثير من الميسورين يراعون هذه النقطة ويساعدون الفقراء والمحتاجون بسخاء.. تلك المواقف لاتنسى وفي مقدمة هؤلاء:

ـ سماحة السيد/ محمد الطباطبائي .

ـ الدكتور/ عبد الكريم هاني.

ـ اللواء الركن/ ثامر سلطان .

ـ الدكتور الشهيد/ قاسم مهاوي .

ـ اللواء/ طارق مدحت .

ـ الصحفي المرحوم/ نجم السعدون .

ـ خلف جرجري .

ـ الدكتور/ صادق عرفات .

ـ جمال جاف .

ـ أحمد عبد الستار .

ـ بيرج بينابين كوركيدسيان .

ـ علي حميد .

ـ والعشرات من ألأسماء من عرب وكورد وبقية ألأديان والطوائف .

ولكن كما معلوم أن تلك المساعدات (لاتداوي الجروح) ولذلك التجأ هؤلاء الى أعمال حرة داخل المعتقل ومنها:

1 / الحياكة: من أهمها:

آ / حياكة أحذية  بواسطة خيوط خاصة (بيضاء وسوداء) وتركيبها على ـ نعال ـ ويصبح حذاء صيفي جيد .. خفيف وألأسعار معتدلة.

ب / الحياكة مع أستخدام (الخرز والنمنم) لعمل ـ القلائد وألأقراط ومحافظ النقود النسائية والحقائب اليدوية.. وغيرها.

2 / البسطيات / وهي تسمية شعبية، عبارة عن (منضدة خشبيةـ مستطيلة يضعون عليها بضاعتهم للعرض والبيع كالمواد الضرورية [ليفة، صابون، شفرات حلاقة، بيض، جوارب، عطور بسيطة.. نواعم] .

3 / مرطبات وحلويات/ كان عددأ من ألأخوة يعملون العصائر (شرابت) بنكهات مختلفة (برتقال، زبيب، تمر هند، قمر الدين) مع قطع من الحلويات البسيطة.

4 / تأجير البرادات ـ مجمدات، كان هنالك عدداً من زملائنا لديهم (مجمدات كبيرةـ يقومون بتأجير المجمدة للعشرات لخزن موادهم، مقابل أجور أسبوعية.

5 / كوي الملابس / كان هنالك ثلاثة أشخاص يقومون بكوي الملابس مقابل أجور زهيدة، ولكن النتيجة وبين المئات كان هنالك محصول وفائدة.

6 / خياطة / كان أربعة أشخاص لديهم ـ مكائن خياطة ـ عملهم تصليح الملابس وحتى الخياطة.. بأجور قليلة.

7 /  تصليح أجهزة كهربائية وغيرها / تلفزيون.. ثلاجة.. طباخ غاز.. وغيرها.

8 / رسوم وتخطيط/ كان بيننا العديد من الفنانين من خريجي الكليات والمعاهد.. يقومون برسم المناظر الطبيعية والشخصية.. كان ألأقبال عليهم كثير.

9 / الحلاقة / كان عدداً من الحلاقين المهرة.. لهم خبرة في قص وترتيب الشعر وأسعارهم بسيطة لاتذكر.

10 / متعهدوا الحمامات/ كانت ألأدارة تراعي هذا الجانب.. في كل أسبوع في فصل الشتاء، كان أحدهم (يحمي ماء) ويبيعها للذي يستحم.. كانت شغلة مربحة.. حيث المئات يستحون حتماً.

11 / المنظفون/ كان عدداً من الشباب ينظفون الممرات ويرمون بالنفايات خارج القسم ، مقابل أجور ندفعها لهم أسبوعياً.

نعم كان عليهم أيجاد أية وسيلة للحصول على مورد ما..وإلا كيف سيدبر أمره لكل تلك السنوات .

للأسف الشديد وفي ألأونة ألأخيرة لجأت أدار السجن الى تأجير حانوت كبير ومقهى للنزلاء ولكن بموجب (مزايدة علنية) وحينها ترسو على الذي يدفع أكثر.. وهنا كان الخاسر ألأول وألأخير الفقراء.. لكون القرار كان قد منع أصحاب (البسطيات) وغيرهم من ممارسة البيع والشراء.. نعم كانت ضربة قاضية لهؤلاء.. خسارة ولكن ماباليد حيلة.. ومن الجدير بالذكر أن تلك المناقصات (رست) على ألأثرياء.. وإلا كيف للفقير أن يدفع التأمينات القانونية بملايين الدنانير!!!.

كان الله في عون الجميع... الميسورين قبل الفقراء.. كانت أيام صعبة للغاية لاتنسى الى يوم يبعثون .

لنا حلقات أخرى أنشاءالله تعالى.

العودة الى الصفحة الرئيسية