|
الفاشوش في حكم قراقوش، كتاب رائع أنصح العراقيين بقراءته وفهم مراميه، ففيه من العبر ما يغني عن مجلدات، وفيه من الفكاهة ما يزري بكل المسرحيات التجارية الهابطة، والمسلسلات التلفزيونية التي تصف الواقع العراقي بأسلوب فكاهي ساخر، ومؤلف الكتاب أبدع في تصوير فترة أتسمت بضياع الضوابط وفقدان المقاييس في الإدارة السليمة للبلاد المصرية، وشر البلية ما يضحك، أو كما يقول المتنبي: وكم في بلادي من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا فقد استبشرت قبل أيام بصدور قرار لحل مشكلة طلبة الدراسات العليا ، بتخصيص مبلغا قدره خمسون ألف دينار شهريا للطلبة الذين لا يتقاظون رواتب من خزينة الدولة العراقية، فهذا القرار الجماهيري التاريخي، هو أول قرار أنتفع منه بعد التغيير، فهو يشمل اثنان من أبنائي قيض لهم (سوء الطالع) أن يكونوا من الأوائل فكرموا من الوزارة بتعينهم كمعيدين في جامعة بابل، والقبول بالدراسات العليا بمنحهم أجازة بدون راتب طيلة فترة الدراسة، ولكن الفرحة لم تتم كما يقول المثل(بعرس اليتيمة غاب الگمر)فقد فسر جهابذة القانون ودهاقنة الإدارة في الجامعة عدم شمولهم بالمكرمة، لأنهم موظفين على الملاك الدائم للجامعة، وعند مناقشة الأمر مع الإدارة الجامعية بأنهم لا يتقاظون الراتب في الوقت الحاضر، أحالت الأمر إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي المحترم، وأن سيادته أمر بعدم شمول الموظف بالمكرمة حتى إذا كان لا يستلم راتبا. وأتساءل أين المساواة والعدالة الاجتماعية في هذا التصنيف الجائر، ولماذا يبخل السيد الوزير على طلبة الدراسات العليا بهذه المنحة، وهل ستؤثر على الموازنة المالية الانفجارية، أم يخشى أن تتحول إلى (انتحارية) إذا شمل بها حفنة من الطلبة قيض لهم حظهم العاثر أن يكونوا من النابهين في بلد لا يحترم المواهب والأوائل، وليست هذه التجربة الوحيدة مع وزارة التعليم العالي الموقرة، فقد سبق لها أن ابتلعت هدية السيد وزير الصناعة والمعادن للطالب الأول في كلية الهندسة جامعة بابل، حيث أوعزت بإرسال مأمور لاستلامه، إلا أن الهدية ذابت بين دهاليز الوزارة وأزقة الجامعة، فاضطررت أن أنوب عن السيد الوزير، وأقدم له هدية راعيت أن تكون مهذبة وبسيطة، فكانت سيلا من الشتائم العراقية لكل الأوائل والمتميزين، فلو كان من الطلبة الفاشلين دراسي، لأصبح شرطيا يتقاضى راتبا يوازي راتب عشرة من المهندسين والمدرسين والإعلاميين والمذيعين، وما يتبعه من (قومسيون) يستطيع الحصول عليه إذا سار في (الدرب الوسطاني) وتناسى ما علمته من الأخلاق والمثل العليا. ولا أدري هل يتهامس القراء بأني أسعى وراء مكاسب شخصية، وأمور ذاتية، ولكن ...لست الوحيد في هذ، فهناك الكثيرون غيري من عباد الله المساكين الذين انهالت على رؤوسهم (طراگيع) الزمن العاثر وابتلوا بمن يفسر القوانين على مزاجه، بطرق ما أنزل الله بها من سلطان.....قاطعني سوادي الناطور ضاحكا (شوف لن ألشغله من يمك، وشرت منجلك زين، وگمت تسوگ عامي شامي، وديتها للصناعة ورديتها عالتعليم، وذبيتها عالجامعة، وكلها على حساب خمسين ألف دينار، الله يساعد الجيش المنحل صار الهم أربع سنين ينطوهم بالشهر خمسه وسبعين ألف دينار، وعدهم عوائل، وعليهم مصرف بيوت، وما سمعتك يوم جبتهم بالطاري، لمن أجت الشغلة يمك فكيت حلگك، وترست عبك حجار ، وطحت للوادم دگه دگه، جا هاي المباديء الگرعت روسنه بيه، واللي يسمعك إذا حجيت يگول هذا عنده (نكران ذات) وتاليها لا ذات ولا بات، حالك حال الو ادم، كلمن يحوز النار الگرصته، وكل واحد يصيح يا روحي، ويا هو ليصير بظافرة طحين، وأيده تگوم تنوش، يفصل القانون على گده، وشوف رواتب مجلس النواب والوزراء والمدراء والعظماء وكل واحد ينتهي أسمه بالئاء، حسبا لك الله خلق العراق بس الهم، وخيراته من حصتهم، وسوادي وربعه يأكلون حو...!!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |