|
ما من ساحة تختلط فيها المواقف وترتبك فيها السياسات وتتغير فيها التحالفات والمواقف الوطنية كما يحدث في الساحة العراقية، فهنا ثمة حراك يومي لابد من متابعته على نحو حثيث كي لا يسقط المراقب في فخ تسطيح المشهد السياسي في بلد تشتبك على ارضه دول من مختلف الاوزان والطوائف والمذاهب والاحزاب، وبطبيعة الحال لن يكون هذا امرا غريبا اذا ما تذكرنا اننا ازاء بلد يحدد الصراع على ارضه مصير الحراك السياسي الاقليمي والعربي، فكل الدلائل تشير الى ان المشكلة المعقدة في العراق لم تعد مقتصرة على آليات انسحاب المتعددة الجنسية، بل هي التصادم بشأن الوحدة العراقية اذ يسعى البعض الى هدم كل معطيات العملية السياسية وارجاع العراق للمربع الاول الذي غادرناه من خلال ايجاد تحالفات هدفها تفكيك الصف الوطني والالتفاف على الدستور الذي لا توجد بين ثناياه ما يحتجون به لاجل تحقيق مصالح شخصية ضيقة، وهذا الكم من التجاذب السياسي والمفاهيمي القائم حاليا للتشدد على حساب مصلحة الامة العراقية، وهو لارباك العملية السياسية بتكتيكات مستوردة، ومثل هذا التجاذب بنظرنا انما هو نتاج مناهج بنيوية تقليدية اعتمدت اسلوب القبول الكلي غير المشروط او الرفض الكلي غير المبرر، غير ان هؤلاء من انصاف الساسة والمفكرين والمنظرين يجب ان يعلموا انهم سيرثون بافكارهم الهدامة بقايا انسان ومجتمع ودولة مؤسسات، سيرثون وطنا مهزوما انهكه التضاد والاحتراب الثقافي والفكري، سيرثون تجارب الدم والكوارث، فهل سيسمح لهم بتمرير رسالة مفادها اعادة عقارب الساعة الى الوراء، وهل من الحكمة أن نقع مرة أخرى في فخ التجارب المتشظية؟ او ليس من الحكمة أن نتشارك لابداع مركب بنيوي صالح وهادف ومتطور يساعدنا على انتاج تجارب وطنية تقبر كوارث التعويم والتبعية والتخلف التي نعتقد أن من اهم معطياتها ازمة الثقة التي ترتسم بصماتها على تحديد المواقف في حين أن العراق يعيش ظروفا استثنائية مما يجعل المسؤولية تتوزع نسبها على اكثر من ملف، اذ لا يمكن النظر لها بمعزل عن الارهاب القاعدي، فضلاً عن الموقف الاقليمي الضاغط على الشأن العراقي او بمعزل عن دول الجوار والظروف الاقليمية على مختلف ابعادها، مما اعطاها المسوغات بحسب فهمها لتفكر باتباع تكتيكات تترجم مصالحها على ضوء الواقع القائم، الامر الذي يتطلب صحوة وطنية لمنع تفكيك الصف الوطني ووضع خارطة طريق عراقية وطنية تحرك بوصلتها القوى التي قارعت النظام الشمولي لغلق المنافذ امام الازدواجيين الانتهازيين العابثين بمشاعر الملايين من العراقيين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |