|
ليس فيما أقوله من جديد، فالكثير من المواطنين عانوا ولا زالوا يعانون من الروتين القاتل والبيروقراطية المقيتة لدوائر الدولة بكل قطاعته، هذا الروتين الموروث المبني على الأسس القديمة لتأسيس الدولة العراقية، عندما كان العالم يمتطي صهوات الجياد، ويقاتل ب (الفالة والمگوار) ويقطع على قدميه المسافات الطويلة للتنقل من مكان إلى آخر، والظاهر أن دوائرنا العتيدة التي تتقيد بآثار السلف الصالح لا تنوي مواكبة العالم، وتفضل البقاء على عقليتها السابقة في أنجاز معاملات المواطنين، لأن اللحاق بالغرب في تطوره الصاروخي والاستعانة بالطرق الحديثة في مختلف المجالات رجس من عمل الشيطان، وعلينا المراوحة في مكانن، حفاظا على موروث الآباء والأجداد، لأنهم القدوة التي تحتذي، والأسوة الحسنة الواجب أتباعها. لقد ورث جهازنا الحكومي الكثير من التعليمات البالية التي تجاوزها العالم، ولا زال رهن الأساليب المعقدة في التعامل مع المواطن، فالموظف الكريم الذي وفرت له الدولة الرواتب المجزية، وسمحت له بالتعالي على المواطن، وأخذ الرشوة والفساد، و(دللته) إلى أقصى حدود الدلال، لا يؤدي ما أوكل إليه من مهام، فالدائرة التي يستطيع عشرة موظفين إدارته، فيها من الموظفين العاطلين ما يزيد على المائة، وهؤلاء إذا حضروا أضروا بالعمل لإلهائهم الآخرين عن أداء أعمالهم، وإذا غابوا زاحموا المواطن المسكين في العمل الحر، وأعرف أحدهم وهو الحاج(جوكر) يتقاضى راتبا تقاعدي، ويعمل في الليل حارسا بعقد، وفي النهار (خردة فروش) ورأيته يراجع للحصول على راتب الرعاية الاجتماعية، (ألف عافية للي يجيب نقش) وهؤلاء الموظفين النجباء أصبحوا يشكلون عبئا على المواطن المسكين، فإذا راجع أحد عباد الله المساكين، الذين ليس لهم(في الخيل خيال)ولا يرتبطون بعضو مجلس محافظة، أو مجلس بلدي، أو مسئول كبير، أو كادر حزبي متقدم في أحزاب هذا الزمان، فعليه الصبر على الدوامة القاتلة للمراجعات، وكلمة(تعال باجر) تصدمه ابتداء من الحمايات الخاصة وانتهاء بفراش السيد المدير، والكل يقول (تعال باجر)، وما فتأ(باجر يأكل باجر)حتى يرحمه الله برحمته الواسعة، وتنفجر به أحدى المفخخات، أو يصاب بضربة شمس، أو مرض الفقرات بسبب الوقوف لساعات، أو (البواسير)لجلوسه القرفصاء بانتظار نهاية الدوام الرسمي، والعودة إلى أهله(أيد من وره وأيد من جدام)أو ترك المعاملة وانتظار (الحكومة الإلكترونية) التي شاهدها في أفلام الكارتون، ومثال بسيط على (الونسة) التي يعانيها المواطن للحصول على بطاقة السكن، هذه البطاقة اللعينة التي لم أستطع الحصول عليها من النظام السابق إلا بعد أشهر من المراجعات والوساطات والرشوات ، واليوم يطالب المواطن بالحصول على أخرى جديدة، ليمر بدوامة من الطرق الملتوية التي سنتها الإدارة الفيدرالية المؤقتة للمحافظة، فعلى المواطن استنساخ البطاقة التموينية، وشهادات الجنسية، وبطاقات الأحوال المدنية لأفراد الأسرة، وتأييد من المختار والاختيارية، واستنساخ عشرة استمارات معلومات، وجلب كتاب صحة صدور البطاقة التموينية من التجارة، وتأييد من الجهات الأمنية بحسن السيرة والسلوك، وثلاث صور شخصية، وهذه المعاملة تتطلب صرف مبلغ لا يقل عن 15 ألف دينار وأسابيع من المراجعات، والمواطن يدور في هذه الدوامة المهلكة ليثبت أنه يسكن في عنوانه الحالي، وبأ مكان الدولة الاستعانة بالمختار فقط الذي يستلم راتبا محترم، وإرباح طائلة من بيع الغاز ولنفط ، لتوفير هذه البيانات بالتعاون مع دائرة الأحوال الشخصية، ودائرة المعلومات، دون أرباك المواطنين الفقراء للركض في الدوائر والوقوف في الطوابير لأيام وأسابيع لإكمال بطاقة يمكن إنجازها بعشر دقائق لو توفرت النية لمساعدة المواطن... قاطعني سوادي الناطور قائلا( بيش بلشت يا بو بشت" والله أتهوه أواجه عزرايين ولا أراجع دائرة بها الأيام، وين ما تروح تعال باجر، والباجر يصير باجر، "وعله هالرنه طحينج ناعم"وأحنه خلص عمرنه بالباجر، يسو لفلي واحد من أولاد أخوك كريم، جان لاجيء سياسي بالسويد، وسوده بوجهي على أهل السويد، شابعين ضيم وقهر، وماكليها معلسه من الروتين، يگول إذا تريد جواز أطلعه بساعة، وإذا تريد تأشيرة تحصلها بالتلفون، وإذا تحجز طياره حسبا لك مأجر تكسي، وأحنه ردينه ليوره، يوم قدمت عريضة المسعول جبير، طلع أضبط من الموظفين، كتب على عريضتي"تعال عگب باجر:....!!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |