في عصرنا وضعوا د. احمد البغدادي خلف القضبان مازال الذئاب الكواسر ينهشونه

 

 

توما شماني– تورونتو/ عضو اتحاد المؤرخين العرب

tshamani@rogers.com

شخبطة على الحائط

في الكويت المصاب مجلس نوابه باكثرية من المتعصبين العتات، صدر الحكم بسجن الأكاديمي والكاتب الصحفي الكويتي الحر الفكر د. أحمد البغدادي، الحكم عاما بالسجن مع الشغل ولا يكفي الحكم المهين هذا عليه بل مع الاشغال الشاقة، بتهمة الإساءة إلى الدين، أدانته محكمة الاستئناف الكويتية بتهمة (تحقير مبادئ الدين)، لنشره مقالا في جريدة السياسة الكويتية (أما لهذا التخلف من نهاية؟)، اعتبرها البعض، من بينهم هيئة المحكمة، آراء وأفكارا تميل إلى تحقير الدين والاستهزاء به. وكانت دائرة الجنايات في المحكمة قد برأت البغدادي ورئيس تحرير صحيفة السياسة أحمد الجار الله من تهمة (الجنحة الصحافية)، المرفوعة ضدهما، بيد ان النيابة العامة أصرت على الاستئناف، لأن المقال من وجهة نظرها قد تجاوز حدود النقد المباح وامتد ليطال الاستهزاء بدروس الدين والربط بين التربية الإسلامية والإرهاب الفكري. وحكمت محكمة الاستئناف على البغدادي بالسجن سنة مع الشغل، ووقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات على أن يوقع تعهدا بكفالة قدرها 2000 دينار كويتي، ويلتزم (بعدم العودة إلى الإجرام). وكانت المحكمة قد حكمت على د. البغدادي قبل سنوات بالسجن بتهمة الإساءة إلى الدين وقضى خمسة عشر يوما في السجن، كانت ردود الفعل العالمية والمحلية المنددة بالحكم في تواصل حتى أصدر أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح عفوا أميريا عنه بعد بالافراج عنه, بعد احتجاجات منظمات حقوق ومنظمات حرة اخرى وممن شارك في تواقيع الاحتجاجات اكثر من مائة من الكتاب والاكاديمييين والفنانين العرب ومنهم زهير كاظم عبود القانوني المعروف، ود. سيّار الجميل الباحث الأكاديمي العراقي، ود. محمّد الرّميحيّ الكاتب الأكاديمي الكويتي، ورئيس المنظّمة الكنديّة المصريّة لحقوق الإنسان نصر منير، وغيرهم وما زال الاحرار في العالم يواصلون مناصرة البغدادي والباب مفتوح على العنوانين التاليين

Shakerfa@worldnet.att.net أو rajabenslama@yahoo.fr

ومن ناحية اخرى رفع متطرفون دعوى قضائيه على البغدادى لانه فى برنامج 6/6 التلفزيوني اعترض على ترديد (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) في المدارس. واصفين مؤيدي د. أحمد البغدادي (اعداء للمله والشريعه والاسلام وهم اذناب ومطايا لليهود والنصارى والملحديين) وهذه هي احدى انواع صلافاتهم واحقادهم على اليهود والنصارى.

 في الكويت الخلاف قائم بين السلطة وبين السلفيين في قضية ترشيح المرأة وانتخابها للبرلمان ولكن السلطة في بعض الأحيان تسعى إلى عدم قطع شعرة معاوية بينها وبين السلفيين درءاً من شر أكبر، واتقاءً من نازلة أضخم، وتحاشياً لقارعة أعظم. الدكتور أحمد البغدادي عندما كان ينتقد السلفية الدينية كان ينتقد الدين من موقعه الأكاديمي والعلمي. وهو يركز على ضرورة تجديد الفكر الديني والدعوة لاستخدام العقل في هذا التجديد، وكتابه (تجديد الفكر الديني، دعوة لاستخدام العقل، 1999) تأكيد على هذه الحقيقة التاريخية العلمية. في مطلع القرن العشرين ظهر من الليبراليين كتاب منهم (طه حسين وعلي عبد الرازق وخالد محمد خالد وغيرهم) حاولوا دفع الفكر نحو الحداثة لكنهم لاقوا ردة كبرى من الدينيين اذ اعتبروا ما انتجه هؤلاء الليبراليون من فكر هجوم على الإسلام واعتبروه (مشروعا تخريبيا) وليس (نقداً علمياً تاريخيا). فتعطلت بذلك كل حركات التجديد الديني ومن الليبراليين المحدثين الدكتورة نوال السعداوي وهي الصوت الاكبر للمرأة ولكنها حذرة كل الحذر من التطرق للمسائل الدينية الحساسة.

 واليكم واحدا من مئات مقالات د. أحمد البغدادي:

(ما أجمل تَسامُحهم!) (رجال الدين المسلمون والبابا والدالاي لاما)

حين أنظر إلى الدالاي لاما، الرئيس الروحي والزمني لبوذيي التيبت، وأرى ابتسامتَه الساحرة الهادئة، وحين أستمع إلى بعض أحاديثه، أو حين أرى طيب تعامُله مع الآخرين، أتساءل: لماذا لا نرى مثل هذا في كبار رجال الدين المسلمين؟! كذلك الأمر مع البابا الراحل يوحنا بولس الثاني وكيفية تسامُحه وتواضُعه مع الناس.

الطابع الإنساني هذان المثالان على ممثلَي ديانتين كبريين، يُعَد أتباعُهما بالملايين أكثر من المسلمين وينتميان إلى بلاد أكثر تطورًا من بلاد المسلمين، يقدِّمان الأمثولةَ لأجمل صور التسامح الإنساني والديني. وحين أستعرض ما أراه في البرامج المتلفزة الوثائقية عن رجال الدين غير المسلمين عمومًا، أرى فرقًا كبيرًا في درجة التسامح الإنساني، درجة لا يمكن لرجل الدين المسلم أن يبلغها يومًا. والطابع الإنساني الذي يجمع بين هذين العملاقين إنسانيًّا يتسم بالتالي: لم يدَّعيا قط أن دينهما وحده هو (دين الحق) وأن الأديان الأخرى باطلة.

- لم يدْعوا أتباعَهما قط إلى قتال الآخرين باسم الدين. لم يضعا أتباعَهما فوق الآخرين، لا دينيًّا ولا أخلاقيًّا- لم يكفِّرا إنسانًا، ولم (يبشِّراه) بالنار في الآخرة! - لم يتدخلا يومًا في إيمان أو معتقَد، بل تركا الأمر للخالق. - لم يجبرا الحكوماتِ على تدريس دينهما ونبذ ديانات الآخرين. - لم يؤذيا كاتبًا أو مثقفًا احترما نفسيهما، فلم يأخذا كاتبًا إلى المحاكم، حتى لو كَتَبَ ضد دينهما، ولم يتدخلا قط لمنع كتاب أو مقال، حتى ولو كان ضد دينهما.

- لم يُصدِرا قط فتاوى دينية ضد الآخرين- لم يروِّعا أحدًا بفتاوى الدم والقتل- لم يؤذيا أحدًا في دينه كما يحدث في فتاوى المسلمين تجاه غير المسلمين- طلبا الغفران لكلِّ نَفْس بصرف النظر عن دينها (غفر البابا حتى للرجل التركي الذي حاول اغتياله وبارَكَه)- كانا على مستوى من الفضيلة جَعَلَهما لا يترددان في الاعتراف بالخطأ حتى لو كان تاريخيًّا - لم ينصرا يومًا طاغيةً أو مستبدًا بل اعتذرت الكنيسة الكاثوليكية عن صمتها إزاء جرائم النازيين وحثَّ الدالاي لاما التيبتيين على مسامحة الصينيين على جرائمهم في التيبت- لم يتدخلا في حياة الناس الخاصة- لم يتدخلا في عمل الساسة- لم يداهنا حكامًا لمصالح دنيوية- لم يسعيا إلى جمع المال باسم الدين- زهدا في الدنيا على الرغم من قدرتهما الكبيرة على التلذذ بها ماديًّا وأدبيًّا- لم يرتقيا يومًا منبر كنيسة أو معبد لشتم الآخرين- تجنَّبا الإثارة الإعلامية لكسب الأتباع- لم يظهرا في الفضائيات والمجلات والصحف لتفسير الأحلام! - لم يتعاملا يومًا مع (الجن) على اختلاف جنسيتهم!.

التسامح الإنساني

أتساءل من أين جاء هذا الرجلان بهذا القدر الهائل من التسامح الإنساني تجاه الآخرين المختلفين عنهم دينيًّا؟! وما هي القوة الروحية التي لديهما والتي تُمِدهما بهذه الروح الإنسانية التي لا نجدْ لها مثيلاً في ديار الإسلام؟! لماذا لا نتعلم منهما كيفية إشاعة هذه الروح الكريمة المتسامحة في مجتمعنا المسلم؟!

اقرؤوا معي ما كَتَبَه المرحوم سيد قطب في كتابه في ظلال القرآن (مجلد 2، ص 134):

إن البشرية اليوم تعيش في ماخور كبير... إن البشرية تتآكل إنسانيتُها، وتتحلَّل آدميتُها، وهي تلهث وراء الحيوان، وميراث الحيوان، لتلحق بعالمه الهابط، والحيوان أنظف وأشرف وأطهر... حتى الحيوان لم يسلم من الشتم... بالله عليكم، لو يصل هؤلاء إلى السلطة ماذا سيفعلون ببني البشر؟!

وختامًا، رجل الدين المسلم هو وحده الذي يفتي بتحريم بناء المعابد للآخرين في بلاد المسلمين، في حين لا يمانع البابا أو الدالاي لاما في بناء المساجد في أية بقعة يصل إليها نفوذُهما الديني.

هل هناك تسامُح أكثر من هذا؟!

انتهى المقال

في فشل اللبرالية العربية يقول د. أحمد البغدادي، بانه يمكن القول بيقين إن الليبرالية الفكرية والسياسية قد فشلت ولم ولن تجد لها قبولاً لدى معظم الناس، بمن فيهم حمَلة الشهادات العليا "وهذا مانراه هنا من كتبة الصحف العربية الكندية اذ نراهم يثرثرون بعمى فكري لاحد له ومنهم اساتذة في الجامعات الكندية في اختصاصات كثيرة، ولسخف بعضهم تجدهم يخافون على اللغة العربية وكأن اللغة العربية (قارورة من زجاج) انسجاما مع القول (رويدكم رفقا بالقوارير). ويذكر د. أحمد البغدادي في كتابته الى ان فشل المستوى الفكري في العالم العربي يعود الى التركيبة التي تبني أسلوب الازدواجية في الحياة اليومية بسبب هيمنة التقاليد وثقافة الكبت والتظاهر الكاذب, كما تشيع ثقافة الخوف الكاذبة على السمعة، ورفض مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة, باعتبار الأخيرة إنساناً من الدرجة الثانية في كل شيء. وكذلك العشقل للتراث الاستبدادي الذي يتيح له بكل حرية اتخاذ القرار بدون مسؤولية. وسيادة روح الانتماء للقبيلة والطائفة، كبديل للمواطنة السياسية ولهذا يقول إن الحقيقة المؤلمة التي لابد من الاعتراف بها هي أن العرب والليبرالية يصدق عليهما قول الشاعر العربي (لست منك ولست مني... فامض عني مفارقاً بسلام).

صورة الدكتور احمد البغدادي هي صورة بلاد تتجسم في رقعة جغرافية واسعة من العالم، ابتداء من المغرب ومصر والجزيرة العربية وتركيا وايران وباكستان المعروفة بالبلاد الاسلامية حيث تسود الغوغائية في الشوارع السايكوباثية بالنار فيحرقون الدكاكين وينهبون اثر كلمة قيلت او صورة نشرت وتزيدها شعيلا الصحون التلفزيونية والعمائم السود والبيض ودكاترة ام القرى والكتاب واساتذة الجامعات في كتاباتهم في صحف هذه الديار ومنها كندا اذ لم نجد صحيفة واحدة احتجت على ما عاناه الدكتور احمد البغدادي من اهانات واذى خوفا من سخط خطب المساجد.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com