أعلنت منظمة الشفافية العالمية التي تتخذ من برلين مقرا لها في تقريرها السنوي، قائمة ضمت 163 دولة تفاوت فيها أحجام الفساد، وقد حصل العراق على الجائزة الفضية في هذا المجال، إذ سبقته (هاييتي) بالفوز بالجائزة الذهبية، ولو توفرت لهذه المنظمة الشفافية التي سميت بها لأعطت العراق الجائزة الذهبية، وحاز على المركز الأول، إذا أخذ بنظر الاعتبار حجم الأموال التي طالها الفساد في العراق وهاييتي، فلا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة الثروات العراقية الهائلة ومخزونه النفطي بهاييتي، التي لا تمتلك عشر ما يمتلكه العراق من ثروات، وعلى الحكومة العراقية الاعتراض وإقامة الدعوى على هذه المنظمة غير المحايدة التي حجبت الجائزة الأولى عن العراق، رغم تفوقه المعروف في هذا المجال.

ومن الغبن للعراق العظيم أن يقارن مع دولة أخرى ليس لها ما للعراق من تاريخ سامق في الحضارة، وأحتل من التاريخ الموقع الأول، فهو بلد الحضارات ، وأول من أرسى دعائم العدل على الأرض بما أصدره القائد العظيم حمو رابي من تشريعات بهر بها العالم، وأول من أخترع الكتابة، وأول.. وأول إلى آخر الأولويات، لذلك ليس قليلا عليه أن يكون البلد الأول في العالم في مجال الفساد.

ولعل أشد ما في التقرير إثارة، أن تكون(فنلندة ونيوزلندة) في المرتبة الأولى من الدول النزيهة، ولا أدري كيف جاز لمعدي التقرير تقسيم الجائزة بين هاتين الدولتين اللتين تفتقران إلى هيئة للنزاهة تراقب من عل ما يجري فيه، في الوقت الذي يحظى العراق بهيئة نزاهة لها فروع في كل المحافظات والمدن والقرى أن لم يكن البيوت العراقية، وهذه الهيئة بعيدة عن سلطة الدولة ولها استقلالية خاصة تجعلها بمنأى عن كل التأثيرات، ولعل هذه المنظمة العتيدة تجهل أن بيوت العراقية مجهزة بأجهزة نزاهة تعمل بالبطارية ـ لعدم توفر الكهرباء ـ تراقب الصغيرة والكبيرة، وتحصي على الأسرة حركاتها وسكناته، خوفا أن يشتط أحدهم ويخرج عن معايير النزاهة المعمول بها في العراق الجديد.

 وربما تساورنا الشكوك أكثر في صحة التقرير، أن كلمة (نزاهة) كلمة عربية مائة بالمائة، فكيف لسكان فنلندة ونيوزلندة، أو أيرلندة أو الجو كنده، أن تلتزم بها وهي ليست من صميم لغتها ولم تر في معاجمه، وأتحدى هذه المنظمة إذا وجدت كلمة نزاهة في كل قواميس العالم، عدى قواميسنا التي كتبت بها بأحرف من نور.

أن علينا كعراقيين بنا بدء التاريخ، وسينتهي بن، أن نقف وقفة رجل واحد، ونتناسى خلافاتنا الدينية والمذهبية والقومية والسياسية، نقف بوجه هذه المنظمة الجاحدة المارقة التي لم توفنا حقن، وتطالبنا بأن نكون بمستوى بلد مثل نيوزلندة، ليس له محله من التاريخ، وليس له موقعه الإستراتيجي في الجغرافية، فالعراق البوابة الشرقية للأمة العربية، ورئة الخليج، وأمل الأمة، وباني الحضارات، وأبو الأمجاد، و..و..كل هذا التاريخ العريق، فهل يمكن مقارنته ببلد ليس له في التاريخ أي اعتبار، وكيف نرضى لأنفسنا أن نقارن بمثل هذا البلد الصغير. وعلى مجلس النواب الذي أنهى كافة الواجبات المناطة به، وشرع القوانين، وأقر الموازنة المالية قبل موعدها بكثير، وأصبح يعيش في فراغ أن يلهي نفسه بعمل حتى لا يضجر السادة الأعضاء، ويضطرون للسفر خارج العراق بعد الأعمال المضنية التي قاموا به، وعليهم دراسة التقرير آنف الذكر، وبذل جهودهم لتجاوز المحنة وإحراز النصر الكبير، على هاييتي التي سلبت منا الأضواء، وأصبحت الأولى في العالم، لأن الأول هو الأول سواء في الفساد أو الجهاد، وعليهم أن يشدوا أحزمتهم هذا العام لأخذ قصب السبق، وإحراز المرتبة الأولى، وأملي وطيد أن يكونوا عند مستوى المسؤولية في هذا المضمار، ...صرخ سوادي الناطور منفعلا: هاي أنته تحچي صدگ لو تتقشمر:

آهمداهه الروح وعلى هالتالي       ما مشت ويه عفين نحرت الچالي

ولكم ألله ولحد، هاي صايره دايره، سمعتوا كل عمركم واحد يهجم بيته بيده، ويبوگ حلاله، چا وين ألغيره وين الضمير، وين الناموس، وين الشرف، سويتونه سالفه بحلگ اليسوه وألما يسوه، ونكستوا عگلنه جدام الوادم، هاي تاليها سويتوا العراگيين حراميه، وأنتم زين تدرون منو ألحرامي، وماكو عراقي شريف يبوگ وطنه، وما يسويها الراضع من ديس طاهر، وشارب ماي دجله والفرات، وآني أدري هاي البلوه أجتنه من ذوله ألحرميه، الچانوا ما أدري وين، وأجونه فاكين حلوگهم، وطاحوا فرهود مال المگرود، وچماله واحدهم من تحاچيه يطلع هو أبو الراهي، وصاحب الفضل عالوا دم، ولا حسبالك أحنه نعرفه ونعرف أبوه وجده، وندري كل البله أجانه من ذوله الگضوا عمرهم عايشين على دم العراقيين، وما شفنه منهم غير البلاوي والطلايب من زمان العصملي لليوم، لكن نشا لله تطلع الشمس عالحراميه، وتعرف الوادم الزين من الشين، وتالي ما يضل الهم مكان بيناتنه...!!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com