لا شك أن لتحولات ومتغيرات وأساليب نظام البعث السوري للتحول والتغير والتدليس وجوها عدة تتسم ببعض جوانب ذكاء لا بد للمرء من الإعتراف بها!! لأن أجهزة دولة المخابرات السورية قد إكتسبت بالأقدمية وبالخبرة المتراكمة مهارات فنية وتقنية متحولة أمكن إستغلالها لأبعد مدى في إدارة عملية الصراع الإقليمي في المنطقة التي أعقبت مرحلة سقوط نظام البعث العراقي وتبدل صيغة وطبيعة إدارة الصراع السياسي في المنطقة! ، وعن دور المخابرات السوري المهم في دعم الإرهابيين والتيارات الإرهابية في الشرق الأوسط وخصوصا في لبنان والعراق وبعض دول الخليج العربي تحدثت تقارير مؤكدة عديدة كانت مدعومة بإعترافات تفصيلية من عملاء نظام دمشق أخفيت لأسباب سرية كل تفاصيلها وفحواها ولم يركز عليها الإعلام الذي ظل يدور في حلقات مفرغة من إشاعة الإتهامات دون الخوض في الأدلة والقرائن؟ وهوما أعطى لنظام دمشق مرونة كبيرة للمناورة والنفي والإستمرار في الوقت نفسه في خوض تلك اللعبة الدموية لأنها ببساطة تمثل ستراتيجية النظام السوري في البقاء! كما أنها الذراع الحيوي والورقة التفاوضية المهمة لنظام دمشق في حال إقرار أي ترتيبات إقليمية جديدة، فمسألة ومشكلة تنظيم (فتح الإسلام) الإرهابي الذي روع الشمال اللبناني ما كان لها أن تأخذ كل هذا الحيز وأن تستهلك كل هذا الخزين الهائل من شهداء الجيش اللبناني لولم تكن مدعومة فنيا وتقنيا من نظام البعث السوري الذي تتلاعب أجهزة مخابراته الخبيرة بأوراق جماعات وتجمعات وأحزاب دينية وطائفية مختلفة التنوع والمرجعية من أقصى الأحزاب الشيعية المتطرفة في العراق ولبنان لأقصى الجماعات التكفيرية والسلفية المتوحشة في العراق ولبنان والشام نفسها! ، وقد يبدوغريبا للغاية أن يدعم نظام علماني تقدمي ثوري تلك الجماعات السلفية والطائفية التي قاتلها بشراسة ذات يوم بل ويجندها لخدمة مصالحه وأهدافه ؟ ولكنها عقلية وستراتيجية إدارة الصراع الجديدة التي تحتم خلق مثل هذا النوع من التنظيمات حتى ولولم تكن موجودة لأنها ببساطة العدة المناسبة لمرحلة الصراع الإقليمي الجديدة والبيضة التي تدر ذهبا على نظام لا يهمه من أمر الشعب السوري سوى غريزة البقاء والهيمنة والسيطرة والنهب مهما كانت معاناة الشعب السوري، وبمقتل أحد زعماء التكفيريين المخابراتيين الجدد في حلب مؤخرا وهوالمدعو (أبوالقعقاع) تنكشف صفحات مهمة من التغطية المخابراتية لتلكم التنظيمات التي يمثل وجودها العلني مسألة في غاية الغرابة لأنها تتناقض مع أفكار النظام وبرامجه العلمانية فيما يحجر على أهل ربيع دمشق وتسجن كل التوجهات الحرة وتصدر أحكام الإعدام والأحكام الثقيلة ضد الوطنيين السوريين الداعين لحرية وإنعتاق الوطن والشعب السوري، ولعبة التنظيمات التكفيرية هي اللعبة المفضلة لحماية النظام من نار التقلبات الدولية ولكنها لعبة خطرة تتشابه تماما مع من يلعب بثعابين سامة للغاية في عروض شعبية! فهذه التنظيمات مهما بلغت الحبكة المخابراتية من إتقان لا يمكن الإطمئنان لما قد تفعله وتؤول إليه خصوصا وأن التجارب المشابهة للعب في ملف التيارات الدينية في المنطقة قد أدى لنتائج مأساوية كما حصل في مصر  أيام السادات ، فهذه الجماعات تيارات حارقة وصاعقة وتدميرية ستكتسح المجتمع وتعمل فيه معاول الفساد والتخريب ، ومع ذلك فإن نظام دمشق يتعامل مع هذه الجماعات بشفافية وإنفتاح و(حنان) منقطع النظير!! فيما يكشر عن أنيابه المسوسة بوجوه الأحرار ويوسع مساحات السجون ويمارس أبشع الأدوار في دعم جماعات الإرهاب التي تنشر الموت والدمار بحق الأبرياء والمسالمين في العراق ولبنان ، من الواضح إن إغتيال (أبوالقعقاع) وقبله الهجوم قبل شهور على مقر التلفزيون السوري في ساحة الأمويين هوجزء من سيناريومخابراتي واسع النطاق ومتعدد الملفات والأهداف والزوايا يصب جميعه في إطار اللعبة الإرهابية الكبرى التي تمارس في المنطقة وتتقاطع فيها محطات مصالح وجهات وأطراف دولية عديدة ، وملف الجماعات التكفيرية والسلفية المكشوف اليوم في دمشق يشكل أكبر عائق أمام قوى المعارضة السورية الوطنية للتحرك وتغيير الأوضاع ، فنظام دمشق قد تبنى ستراتيجية دفاعية مشابهة لحد بعيد لستراتيجية نظام البعث البائد في العراق وهي ستراتيجية تخريب المعبد قبل الرحيل وزرع البذور والأسس الحقيقية لحرب أهلية تدميرية شاملة تطيح بالوطن في حالة الإطاحة بالنظام من خلال تشجيع ودعم الجماعات التكفيرية المسيطر عليها من قبل النظام الحالي والتي ستشكل عوائق كبيرة أمام قوى التغيير السورية المستعدة لتوجيه ضربة حاسمة وقاصمة للنظام لا يبدوأنها ستحدث في ظل الخلافات العميقة بين صفوف المعارضين وعدم تحديد النية الدولي في وضع حد للنظام وفي ظل التشابكات الإقليمية الساخنة ومشاريع الحروب الجديدة التي ستعيد صياغة خارطة الشرق الأوسط ولربما العالم في واحدة من اخطر الحقب التاريخية تحولا وإنقلابا، وملف الجماعات التكفيرية سيكون على ما يبدوالحبل الذي سيخنق به نظام المخابرات السورية نفسه ، فخداع الناس قد يستمر لبعض الوقت ولكنه لن يستمر كل الوقت ، وقوى الحرية السورية أمام تحديات جمة ومفترق طرق صعبة ستحدد إشكالياتها مستقبل الوطن والشعب السوري.

التكفيريون سلاح تدمير شامل سيرتد على مطلقيه ورعاته لا محالة... تلك هي الحقيقة العارية..!. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com