|
تعاني وزارة التجارة العراقية من قصور واضح في تأمين مفردات البطاقة التموينية، لافتقارها إلى الكفاآت القادرة على أدارته، وتفشي الفساد المالي والإداري في أوساطها بشكل يثير الجدل وعلامات الاستفهام عن أسباب عدم محاسبة الفاسدين في الوزارة رغم كثرتهم وظهور سرقاتهم العلنية، وهل أن الحكومة عاجزة عن محاسبة المسئولين في الوزارة، أم أن هناك أسباب لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم، ورغم مضي أكثر من أربعة سنوات على تعثر الوزارة ، إلا أنا لم نجد أي بادرة من الوزارة لتحسين عمله، والقيام بواجبها على الوجه الأكمل، رغم المعانات الشديدة للمواطنين، والحرب القاتلة التي تمارسها الوزارة، ووجود مافيات مؤثرة تتعامل مع تجار السوق السوداء، وهاهي الأسواق العراقية تغص بالبضائع التي تتعامل بها الوزارة في الوقت الذي لم تستطع الوزارة تأمينه، وعلى مدى هذه السنين لم تتمكن الوزارة من أكمال المواد المقررة للمواطنين، وابتدعت فكرة التعويض المالي عن المواد بطريقة مذلة جعلت المواطنين يتعرضون للأهانة بسبب سوء الطريقة المتبعة في التوزيع، والروتين القاتل الذي ابتكرته الوزارة أمعانا في إذلال المواطن والنيل من كرامته، ولا زالت الوزارة تعاني من ذات الأزمات، وعاجزة عن تأمين المواد، ويرى الكثير من المواطنين أن الوزارة تتعامل مع المواطن بطريقة النظام السابق في افتعال الأزمات لكسب الأرباح بالتنسيق بين عصابات التجارة والتجار، فعلى سبيل المثال ، تقوم الوزارة الكريمة بتأخير تسليم مادة الطحين على المواطنين لأربعة أو خمسة أشهر، فيضطر المواطن لشرائها من التجار الذين يرفعون أسعارها إلى عشرات الأضعاف على طريقتهم الفجة في استغلال الفقراء، ثم تقوم الوزارة فجأة بضخ الحصة لهذه الشهور مرة واحدة، مما يجعل المواطن مجبرا على بيعها لعدم أمكانية خزنها لأنها سريعة التلف، ويصبح سعر كيس الطحين بسعر التراب، ليقوم أصحاب معامل الطحن بشرائه من الأسواق وخزنه وتوزيعه على أساس الحصة الشهرية، وتقوم بخزن الحنطة الخام لأيام قادمة، ثم تعاد الأسطوانة ذاتها ويقوم تجار الوزارة الأشاوس بالتعامل بذات الخطة القديمة، وهكذا تدور المواد كدورة الماء في الطبيعة لتتحول أموال طائلة في جيوب التجار الجشعين. والأزمات المفتعلة تتكرر في مواد أخرى بذات الطريقة، ويعاد ذات المسلسل في الزيوت ومساحيق التنظيف والرز والسكر، حيث تجري اتفاقات سرية بين مخازن الوزارة وتجار السوق لحجب المواد رغم وجودها في المخازن وآخرها مادة الحليب التي لم توزع طيلة سبعة شهور رغم وجودها في المخازن، تحت حجج وذرائع يجيدها كادر الوزارة المدرب على التحايل والسرقات، في الوقت الذي يغزوا حليب الوزارة الأسواق المحلية بالتوافق بين المخازن والتجار، ثم يوزع ليباع مجددا إلى التجار، ولم نجد استجابة من ممثلي الشعب الأشاوس أو رئاسة الوزراء في اتخاذ أجراء حازم بحق الوزارات المتلكئة في أداء مهامه، لأن السيد الوزير يمتلك من الحصانات ما يجعله فوق القانون، ويحضا بالدعم المطلق من سكان الأرض والسماء، رغم فشله في أدارة وزارته، وآخر فضائح الوزارة ما حدث في محافظة بابل، حيث تم العثور على أكثر من ألف طن من الشاي الفاسد الذي عبئ بأكياس من منا شيء راقية ليوزع على المواطنين من قبل مخازن التجارة، ويستبدل بما موجود في مخازنها من شاي سيلاني، ولتلاعب التجار وموظفي الوزارة أثره البالغ على المواطنين، فالشاي الرديء الذي توزعه الوزارة يباع على التجار بسعر(500) دينار للكيلو الواحد فيما يباع الشاي الجيد بعشرة أضعاف هذا السعر. وليست هذه المرة الأولى التي يجري فيها هذا التلاعب فقد عثر قبل عام على آلاف الأطنان من الرز الرديء في مخازن الوزارة، وقد ظهر أن هذا الرز لم يستورد من قبل الوزارة وإنما جرى استبداله، وأحيل المتهمون إلى التحقيق، ليأتي الأمر من هيئة النزاهة بإغلاق القضية وتسويته، وعاد المدير ذاته مديرا من الدرجة الأولى تكريما له على عمله البطولي في التلاعب بأموال الشعب، لأننا لا نزال على نظرتنا الشرقية على أن الحرامي(خوش أزلمه)و(أخو أخيته) والحمد لله أصبح جميع العراقيين(أخو أخيته) بفضل المجالات المتوفرة للسرقة دون حساب. إن وزارة التجارة لأهميتها تحتاج إلى كفاآت وظيفية مخلصة، لا أعتقد أن الحكومة العراقية قادرة على إيجادها في ظل الفساد الذي طال كل شيء، مما يدعونا إلى التفكير بآلية جديدة في توزيع مفردات البطاقة التموينية، وتشكيل لجان وطنية شريفة ونزيهة، من الجهات التي ثبتت نزاهتها وحرصها على المال العام، لمراقبة أداء الوزارة، وكشف الألاعيب والحيل التي تمارس على نطاق واسع، التي لو أشرنا إليها لاسودت وجوه كثيرة، والسبب الأكبر في تفشي هذا الفساد هو لجان النزاهة التي اختير لها أكثر اللصوص احترافا للسرقة ، وأكثرهم قدرة على الابتكار والتجديد، وأن لجان المحافظات اختير لها عناصر معروفة بعدم نزاهته، وهي مصداق للأهزوجة الفراتية التي قيلت عام 1930 ، عندما استشرى الفساد، وكان لأبطال الفرات الأوسط الأثر الكبير في تشكيل الحكومة العراقية بعد ثورتهم التحررية عام1920 ، وكانوا السبب وراء تعين فيصل ملكا على العراق فقال الشاعر مخاطبا له: يمنادي الشعب لباك من ناديت ذبحت أهل الفرات عليك ما خليت سويتك حكومة وسلميتك بيت شلون أتسلم البيت المطره ومطره أتصاوغ بيه وقد رد عليها الشاعر المعروف عبد السادة الكصاد: مطره البيت وأهل البيت وحكها من تصاوغ بيه أشجم مره تجي للبيت مطره وخالي أهو تلكيه من عشرين لثلاثين للخمسين مطره تبوك وتضم بيه الرايد يحفظ هذا البيت أيطلك مطره أوذاك الحايف ما يدناه وهذا الحل الوحيد أن لا ينتخب العراقيين اللصوص الذين أوصلوا البلاد إلى الهاوية، وجعلوه في المقدمة من الدول الأكثر فسادا في العالم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |