|
أثار قرار الكنغرس الأمريكي ألأخير والداعي ألى تأسيس ثلاث كيانات فدرالية موجة من الشجب والأستنكار بين أغلب القوى السياسية العراقية التي إنبرى ممثلوها للتنديد بهذا القرار الذي سيقسم العراق بزعمهم, فيما إعتبره البعض الأخر إنتقاصا للسيادة العراقية وسابقة خطيرة في العلاقات الدولية. ورغم أن القرار غير ملزم للأدارة الأمريكية إلا أن البعض قد إعتبره بمثابة الدليل الذي كشف عن النوايا الأمريكية السيئة في العراق والمنطقة. وواقع الحال أن الكنغرس الأمريكي لم يدع إلى تقسيم العراق, بل دعا إلى إقامة فدراليات على أسس طائفية وعرقية وكل مافي ألأمر أن الدستور العراقي ألذي أقر الواقع الفدرالي في العراق من خلال إعترافه بوجود إقليم كردستان, فتح الباب واسعا لأقامة فدراليات على أسس مناطقية. ورغم أن ظاهر هذه المادة الدستورية هو كونها تقوم على أسس جغرافية ألا أن واقع الحال هو أنها تطبق على أسس طائفية من الناحية العملية. فجميع الأطروحات الفدرالية التي طرحت في الجنوب لم تتحدث عن إقامة فدرالية بين محافظات مختلطة, فلم نسمع عن العزم على إقامة فدرالية بين النجف وكربلاء والأنبار, أو بين واسط وديالى وتكريت.وألأمر ينطبق كذلك على محافظات الوسط والمنطقة الغربية. ولذا فلايوجد تناقض بين ماطرحه الكنغرس وبين الواقع العراقي ,بل إن طرح السناتور بايدن هو طرح واقعي نابع من مفردات الواقع العراقي الذي يحاول الكثيرون غض النظر عنه وعدم رؤيته على حقيقته. ومن ناحية أخرى فإن مايثير العجب هو إدانة هذا الطرح ووصمه بأنه سيؤدي إلى تقسيم العراق يأتي من سياسيين يمارسون التقسيم كل يوم في مفردات حياتهم السياسية, وهم المسؤولون عن تقسيم العراق أن حصل وليس السناتور بايدن الذي يعتبر طرحه تحصيل حاصل وطبقا لقاعدة ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم!. أولم يمارس الساسة العراقيون التقسيم منذ أن أسسوا كتل قامت على أسس طائفية وعرقية؟ وإذا ما إستثنينا كتلة العراقية التي لم تقم على أسس طائفية والكتلة الكردستانية التي كانت واضحة ومنذ البدء في مطالبتها بالفدرالية, فإن الكتل الأخرى مارست التقسيم السياسي بل أسست له كمقدمة لتقسيم العراق. ثم ماذا نسمي العرف الذي أقره ومارسه الساسة العراقيون والقاضي بتوزيع المناصب السيادية بين المكونات الرئيسية الثلاث؟ وما ذا نسمي عمليات التطهير الطائفي والعرقي التي مارستها مجموعات مسلحة مرتبطة بقوى سياسية حاكمة أدت ألى تقسيم العاصمة بغداد على أسس طائفي؟ أوليست هذه ممارسات تقسيمية أقرتها القوى السياسية تارة بدعمها وأخرى بالسكوت عنها؟ وماذا نسمي مشروع هيئة التوازن الذي يدعو إلى توزيع المناصب الأدارية على أسس طائفية وعرقية بدلا من أعتماد مبدأ الكفاءة؟ وماذا نسمي دعوة بعض القوى السياسية إلى حل الميليشيات المسلحة وفي نفس الوقت تدعم هذه القوى تشكيل ميليشيات جديدة تحت مسميات جديدة لكونها تنتمي إلى طائفة معينة. وماذا نسمي حالة الأستقطاب السياسي التي تجتاح المنطقة ففي الوقت الذي تعتبر القوى السياسية السنية الدول العربية عمقا لها فإنها تتهم القوى الشيعية بكونها إيرانية أو موالية لأيران. ولذا فإن الضجة التي أثارها الساسة العراقيون حول قرار الكنغرس الأمريكي لم تكن سوى مزايدة من سياسيين مارسوا التقسيم بأبشع صوره!
|
||||
© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |