|
كتب كثير من الأخوة الأعزاء حول موضوعة قرار مجلس الشيوخ الأميركي القاضي بتقسيم العراق إلى ثلاث وحدات أدارية (شيعية وسنية وكردية) والحق يقال عن هذه الكتابات كانت جميعها تلامس الجرح العراقي النازف لسنته الخامسة على التوالي وأوضحت الكثير من التناقضات بين ماهو سلبي وايجابي في فهم مضمون هذه الرسالة الأميركية الغير مباشرة للشعب العراقي التي تضمنت في مجملها جس نبض الشارع ومدى تقبله لهذا الأمر أن حصل بشكل ملزم وبقرار أميركي حفاظا على هيبة الإمبراطورية الأميركية . الرسالة الأميركية هذه لم تكن وليدة يومها أوانها أتت من خلال أفكار غير مرتبة أو مدروسة وممنهجة لأننا جميعنا نفهم ونعرف العقل الأميركي والغربي لايمكن له أن يشخص حالة ما في القرارات الخطرة التي تتعلق بمصائر الشعوب ألا بعد أن تمر بعدة فلاتر معدة سلفا لهذا الغرض لتزيل منها الشوائب والعوالق لتظهر على السطح بشكل مُجمل بل يصل الأمر إلى أتباع أساليب اختباريه مخابراتية ممكن أن تكون ذات حدين منها الضار ومنها النافع وهذه الدوافع بمجملها مرتبطة بديناميكية مبرمجة تحكم سياسة الولايات المتحدة الأميركية مترابطة ومتراصة في جوهرها ومضمونها وان اختلفت النوايا في ظواهرها على السطح لأنها بطبيعة الحال مرتكزة على أسس لايمكن تجاوزها من قبل السياسي الأميركي أو الغربي لارتباطها بقرار دافع الضرائب أولا ومن ثم بالعامل الاقتصادي الداخلي والخارجي وكذلك مرتبطة بما يحيط أي منطقة في العالم من أحداث وتطورات قد تحدث لتؤثر في هذا القرار سلبا أو إيجابا أي أنها متحسبة لكل عوامل نجاحه أو فشلة وبالمجمل فان القرار لم يكن قرار فرديا أو قرارا سياسيا وليد صدفته ولحظته كما قلنا لأن الجميع يتفهم ويعرف أن السياسة الأميركية في العراق قد مرت في عدة مراحل تلاءمت مع التفكير الأميركي في جعل جميع الحلول تقبل بالتحاصص والتقسيم منذ احتلال العراق ولحد لحظتنا هذه خاصة وان هذه السياسة ركزت على عوامل التقسيم ألاثني والطائفي ونمتها في عقلية السياسة العراقية منذ لحظتها الأولى من خلال أيجاد ارض خصبة لها من خلال تقسيمة مجلس الحكم ومن ثم الإقرار على قانون أدارة الدولة في عهد بريمر الذي أصبح فيما بعد هو الأساس في عمل صياغة وبلورة ولادة عراق مابعد الدكتاتورية بالرغم من أن الجميع كانت لدية ملاحظات سلبية علية هذا من الجانب السياسي أما في الجانب الأخر وهو الجانب ألعملياتي العسكري الموجود على الأرض فقد ساعدت أميركا بتواجدها العسكري المكثف وسياسة عدم أعطاء مجال للعراقيين بإعادة بناء قوة أمنية أو عسكرية تساعدهم على احتواء الوضع المتأزم بشكل واضح وجلي للعيان على أيجاد كانتونات طائفية سنية شيعية كردية أطلقت عليها التسميات الأولية من خلال الأعلام وتسييسها بشكل افتراضي ومن ثم جعلها واقعية بالملموس الحسي والمادي ومن ثم تمرير ذلك من خلال بناء الأسوار العازلة الكونكريتية بين هذه الكانتونات لتعطيها صبغتها النهائية ولتجعل من هذه المناطق ضرورة لابد منها للالتجاء والاحتماء من حالات القتل والتهجير التي حدثت بمساعدة أميركية خالصة ليجد الشيعي نفسه مجبراً وملزماً على الالتجاء إلى المناطق الشيعية والسني إلى المناطق السنية مجبراً غير مخير لان هذه سياسة الأمر الواقع المفروضة من قبل قوات الاحتلال والحل الوحيد ولا توجد خيارات أخرى ألا في الهجرة إلى خارج البلد وهذا مالمسناه من خلال الالتجاء إلى البلدان المجاورة مثل سوريا والأردن وباقي بلدان العالم بل يتعدى الأمر إلى أن الكثير من حالات القتل المبرمج التي تمارسها هذه القوات قد أعطت ثمارها من خلال ألقاء جثث ألسنه في مناطق ألشيعه والعكس صحيح التي انتهت في الوقت الحاضر لأنها أدت الغرض المنشود منها مع الأخذ بنظر الاعتبار التحول من مرحلة إلى أخرى بشكل مترابط حسب الحاجة التي ترتئيها سياسة أميركا ووكالة مخابراتها السيئة الصيت , هذه الوصفات لايمكن أن تكون بريئة بل هي مكملة لمراحل تطور الأمر في العراق لغرض الوصول إلى مرحلة الاقتناع بضرورة القبول بالأمر الواقع المر الذي نحن علية ألان (وصلت إلى مراحلها الأخيرة) من خلال الدوران في دائرة الرفض والقبول بهذا القرار وحسب تصوري الشخصي المتواضع فأنني أرى أننا جميعا نُجر إلى هذا المربع بالتتابع من خلال وضع الشعب العراقي في دوامة القتل والتهجير وفقدان الأمن وتصعيد المواقف السياسية من خلال تشابك الرؤى وليس اختلافها ومن خلال سياسة الهروب إلى الأمام التي يمارسها ساستنا دون وعي بخطورة هذه ألخطوه لنجد أنفسنا بالتالي منتظرين قراراً اشد قسوة من القرار الحالي ولكننا نقبله بكل رحابة صدر وفرح لنتخلص من واقع رسمته الأيادي القذرة للسياسة الأميركية ولتتخلص هي من وضعها الحالي بأقل الخسائر الممكنة بعد ضمان مكاسبها المتمثلة بإقرار قانون النفط العراقي وبقية القرارات المشبوهة في العراق ولكنني أقول لننتبه قليلاً فليس كل مايلمع ذهباً والقرار قرارنا إن امتلكنا الرؤية الصحيحة لعراق جديد وفعال.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |