|
كما هو شان المثال العسير في خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد (ص) لا يمكن للانسانية ان تلد مرة اخرى مثلا يحتذى به وقدوة سوى شخصية الامام علي ابن ابي طالب(ع) الملائكية التي تجلت فيها اعمق معاني الفضائل والصفات الحسنة القريبة كل القرب من منبع النبوة، على قول الرسول الاعظم (ص): "انت مني بمنزلة هارون من موسى". ومهما حاول المداد فانه لن يعطي لعلي بن ابي طالب حقا من فضائله في العلم والمعرفة والاخلاق والتواضع والسياسة والحكم الرشيد والزهد في الدنيا ومالها. لقد ظل الامام (ع) طوال اكثر من 1400 عام شخصية نموذجية واسوة حسنة يعتقد بها كافة المسلمين شيعة وسنة بل هناك العديد من المسيحيين يعترفون بمقام هذا الحاكم العادل وفضائله وان لم يعترفوا بكونه اماماً وحجة من الله تعالى. نحن كمسلمون وبهذه الايام المشهودة التي تصادف اصابة امير المؤمنين (ع) ومن ثم استشهاده، مدعوون بل نحن في امسّ الحاجة الى ان نجدد العهد بالإمام ونقتدي به، بمعنى ان يكون هو مثلنا في كافة مراحل الحياة، علينا ان نتعلم من سيرته كيفية العمل، كيفية العبادة، كيفية الحكم، كيفية الادارة، كيفية العدالة... فالإمام(ع) كان يدير الحرب والسلم ويقيم الجمعة والجماعة ويدير البلاد والعباد، مثلما كان صاحب عائلة ومعلما وخطيبا وقاضيا وقائدا، وفي كل ذلك كان عادلا وهو (ع) حجة لنا في جميع ذلك. واما بالنسبة للحكومة والدولة في مفهوم سياسة الإمام علي(ع) فان الشعب كله مسؤول في توجيهها، فكل معمم او اكاديمي او موظف وحتى الكاسب والمزارع مسؤولون، وتكمن المسؤولية هنا في المطالبة الحثيثة بتطبيق نهج العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات. يلزمنا ان نتعلم من سيرته (ع) مختلف جوانب الحياة السياسية، حيث كان يتعامل مع مفاصل السلطات في الدولة الاسلامية بنفس القدر من الحزم والعدل ورعاية جميع الحقوق، حقوق الناس والاقليات والمرأة والمعارضة والبيئة والحيوان... وفي ظل ما يجري من تدهور الاوضاع في معظم البلاد الاسلامية فان الاسلام السياسي وخاصة في العراق يعاني حالة نكوص شديدة وتغير في النهج والمضمون وتشتت في تطبيق الافكار، بحيث اصبحت الشعارات التي جاءت بعد سقوط النظام البائد بعيدة كل البعد عما يجري على ارض الواقع، الامر الذي جعل الاهداف التي رسمتها القوى الاسلامية السياسية صعبة التطبيق بل مستحيلة في بعض الاحيان هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان القواعد الجماهيرية للاسلام السياسي والتي يشكل الشيعة اغلبيتها اصابها الاحباط المفرط من تداعيات الاوضاع المختلفة التي تزداد سوءا يوما بعد اخر في ظل الاستجابة المستمرة للضغوط الداخلية والخارجية حتى اصبحت التنازلات تباعا دون ان يكون هناك مقابل في بارقة امل للأمن والسلام والوفاق مع الاخرين. وعليه فاننا ان اردنا السلامة مما نحن فيه من امواج الشر المتلاطمة المحيطة بنا من كل جانب فعلينا ان نتبع سياسة امير المؤمنين(ع) والتي تستند الى: 1- تعميم العدل: قال تعالى "ان الله يامر بالعدل والاحسان" وورد في الحديث الشريف "بالعدل قامت السموات والارض"، فالعدل ووضع كل شيئ في موضعه المناسب له يعتبر من الاعمدة الاساسية في الاسلام. ولذا نجد ان الاسلام الحق ينهى عن امور تنافي العدل بالرغم من انها غير منهي عنها في الممارسات السياسية بانحاء العالم قديما وحديثا، ومنها: الغدر، التمثيل بالقتلى، قتل الشيخ الفاني والمرأة التي لا تشترك في الحرب والطفل والمريض وحتى المنشغل بالعبادة وان كان من الاعداء. 2- انقاذ المستضعفين: من الاعمدة الثابتة في سياسة حكومة الامام علي (ع) كانت انقاذ المستضعفين ومهما كانت اديانهم ومعتقداتهمن وان كانوا غير مسلمين، واساس ذلك قوله تعالى" وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين". 3- الاسلام فوق كل شيء: ومن الاسس الثابتة للسياسة الرشيدة هي ان الاسلام يجب ان يكون دائما وفي جميع المجالات اعلى من اي دين او حكومة او نظام... 4- وحدة المسلمين: ولعل هذه النقطة من اهم ما ينادي به الاسلام حيث قال تعالى: "ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون". وفي الحديث الشريف يوم فتح مكة قال الرسول(ص): يا ايها الناس ان الله قد اذهب عنكم بالاسلام نخوة الجاهلية، ان العربية ليست بأب ووالدة وانما هي لسان ناطق فمن تكلم به فهو عربي..... ان اكرمكم عند الله اتقاكم. ولذا فان اي تفريق بين المسلمين يعتبر من اشد المحرمات في الاسلام، ويكون تشتيتاً للامة الواحدة، وتسهيلا لسيطرة الاعداء على بلاد الاسلام. 5- مكافحة الفساد المالي والإداري الذي ينهش بالامة كما يفعل حليفه الارهاب، فقد كان الامام علي عليه السلام حريصا اشد الحرص على بيت المال ومراقبة الولاة والعمال في الدولة ومحاسبتهم على الانتهاكات المالية والإدارية. 6- الوصول الى الناس وتحقيق حاجاتهم الحياتية عبر تحقيق الخدمات المتواصلة والاستماع الى آراءهم حيث كان الامام علي عليه السلام يعيش مع الناس وفي الناس دون حماية او حاجب او قوى أمنية. 7- احترام الرأي الأخر واحترام الحريات العامة وعدم قمع المعارضة وتهميشها، حيث كانت المعارضة حرة في التعبير عن رأيها بشكل سلمي في زمن الامام علي عليه السلام حتى انها كانت تتجاوز الحدود بتكفير الامام عليه لكن الامام كان يتحملها بصبر وانفتاح، فقد قال ذلك الخارجي عن الإمام عليه السلام بالعبارة المعروفة: (كافر ما افقهه). ان نهج الامام عليه السلام هو حجة علينا ولو مشينا على هذا النهج بإخلاص ونزاهة وانفتاح لاستطعنا التخلص من الكثير من الأزمات وحققنا الاستقرار والأمن والرفاهية.
|
||||
© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |