|
كلنا سمعنا بأخبار التفجيرات الغادرة التي طالت الكنائس المسيحية في العراق، وفجعنا لمصاب أهلنا المسيحيين الذين طالتهم أيدي الجماعات التكفيرية بالقتل والتشريد، واعتصر الألم قلوبنا لمرأى طوابير المسيحيين المهجرين والمهاجرين الواقفين بانتظار وجبات الطعام المجانية في كنائس سوريا، ولأن العراقيين تفرقوا طائفياً بفعل سياسات الأمريكان المحتلين والإرهاب المستورد من قبل الأمريكان والعجز المزمن للحكومة العراقية تساءلنا أين ذهب مسيحيو بغداد الذين لا يقدرون على الهجرة؟ وبمن يلوذون وهم أيضاً مستهدفون من قبل الإرهابيين؟ هل أنشأت لهم قوات الإحتلال ملاذاً آمناً كما فعلت مع حلفائهم الأكراد؟ أم هل أمدت الحكومة العراقية مناطقهم بقوات أمنية كافية لضمان حماية أرواحهم وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم من اعتداءات الإرهابيين؟ يأتيك الجواب من المسيحيين بأنهم وجدوا الحماية والأمن، لا من قوات الاحتلال ولا من القوات العراقية المسيرة بقرارات الأمريكان، بل من.... جيش المهدي لو كنت مصدر هذا الخبر لما صدقني الكثيرون، ولكن هل يستطيع أحد منهم تكذيب الصحافة الأمريكية، وبالتحديد جريدة الواشنطن تايمز المعروفة التي أوردت هذه المعلومة في مقالة منشورة في عددها الصادر يوم الاثنين الموافق الأول من شهر تشرين الأول الجاري؟ ومن المؤكد بأن كاتب المقالة الصحافي الأمريكي جيمس بالمر غير منحاز للتيار الصدري ومعادي للمجلس الأعلى وحزب الدعوة، وهو لم يستقي بياناته من مصادر ثانوية بل جمعها بنفسه من عراقيين مسيحيين أجبرتهم الجماعات الإرهابية التكفيرية على النزوح من حي الدورة، ويسكن هؤلاء المسيحيون الذين يحصون بالمئات حي بغداد الجديدة، بجانب العائلات الشيعية وتحت حماية جيش المهدي. أليست هذه شهامة أم للشهامة تعريف جديد في العراق أم تراها حكراً على فئة من الناس دون سواهم؟ ذكرني هذا المقال بخبر قرأته قبل أقل من شهر، فقد أوردت المصادر الصحفية خبر تسيير جيش المهدي قوافل إغاثة للعائلات السنية التي لجأت إلى قرى شيعية جنوبي بغداد بعد تعرضها لهجمات من قبل جماعات إرهابية تكفيرية، وقد أثنت جبهة التوافق على هذه المواقف الإنسانية والوطنية. هذه الأنباء عن شهامة ووطنية جيش المهدي مزعجة لقوات الاحتلال الأمريكي والإرهابيين الطائفيين والتكفيريين وبعض الفصائل الشيعية، التي تناصب التيار الصدري العداء، فأشد ما يخشاه الأمريكان وقوف جميع الشيعة صفاً واحداً مع التيار الصدري وجيش المهدي معارضين للمخطط الأمريكي الرامي إلى اضعاف وتقسيم العراق وتحويله إلى قاعدة كبيرة للقوات الأمريكية وتسخير مقدراته وشعبه في خدمة مصالح أمريكا استمراراً للدور المرسوم سابقاً لنظام الطاغية صدام ولكن تحت قناع جديد، ولن ينسى التكفيريون والطائفيون استبسال وتضحيات جيش المهدي في الدفاع عن المواطنين العراقيين العزل في مدينة الصدر وبغداد والكوت، وبدا وكأن هنالك تنسيق خفي بين الإرهابيين الطائفيين والقوات الأمريكية، إذ كلما توجهت مجموعة من جيش المهدي إلى تلعفر أو ديالي وغيرها من المناطق العراقية لنجدة المستضعفين ضد الإرهابيين ترصدتهم قوات الإحتلال وأمطرتهم بقنابلها الغادرة، وليس من قبيل المصادفة أن تصعد قوات الإحتلال من تهديداتها وعملياتها الإجرامية ضد جيش المهدي تزامناً مع إبرام تحالفها المشبوه والمستهجن مع الإرهابيين الطائفيين، ثم اكتملت صفوف أعداء التيار الصدري وجيش المهدي بانضمام بعض الفصائل الشيعية التي تسعى بصورة محمومة للإنفراد في التحكم بالشارع الشيعي وإعادة تأسيس حكم العائلة الواحدة والقرية من جديد، فهل نسى هؤلاء المتشيعون تناخي أفراد جيش المهدي لحماية جامع براثا بعد فشل إدارته في حماية المصلين مرتين من تفجيرات الإرهابيين، وليس من حق أحد مؤاخذة جيش المهدي على إقدامه على ملأ الفراغ الأمني الناتج عن تقاعس الحكومة وقوات الإحتلال عن توفير الأمن للمواطنين، بل إنه أمر يستحقون عليه الحمد والثناء في زمن ندرت فيه الأثرة والتضحية والنخوة والشهامة. تحتم الموضوعية علينا النظر في الأدلة والتأكد من صحتها قبل التوصل إلى الأحكام، والأدلة التي دونتها صحيفة أمريكية والمصادر المحلية حول نخوة وشهامة جيش المهدي التي جعلته يوفر الأمان لغير الشيعة وغير المسلمين من العراقيين تقضي ببطلان كل الإدعاءات الكاذبة التي روج لها أعداؤه، إذ لا يقدم الشجاع الشهم على التعرض للأبرياء والعزل، لذا كل ما قيل عن فرق الموت التابعة لجيش المهدي محض افتراء، لا تقبل التصديق، وهذا الجيش الذي يبذل الدماء حماية للعراقيين الشيعة وغيرهم لا يمكن أن يمد يداً بالسوء لأخوته أو لعتباته المقدسة، والأجدر بأعداء التيار الكف عن الافتراء عليه لأننا لم نعد نصدق كلمة واحدة تخرج من أفواههم، وبتنا نشكك في حسن نواياهم، وصرنا نصدق بأنهم كلهم متآمرون على مستقبل العراق، ويريدون تمزيقه إلى دويلات خدمة للمحتلين الأمريكان، ونصيحة أخيرة لهم: أيها المحتلون الأمريكان لقد أوصلتنا الفوضى الخلاقة الأمريكية إلى حافة التقسيم والحرب الأهلية ولم تتحقق كلمة واحدة من وعودكم بالديمقراطية والأمن والتنمية، وأنتم أيها الإرهابيون الطائفيون الذين ادعيتم المقاومة زوراً وبهتاناً فلستم سوى مرتزقة كنتم بالأمس في خدمة البعث ودويلات الجزيرة الطائفية واليوم تدفع أمريكا أجوركم، فأنتم ومرتزقة بلاكووتر على حد سواء،أما الفصائل الشيعية المعادية للتيار الصدري فقد أثبتت فشلها على كل الصعد سياسياً وأمنياً واقتصادياً، ولن يكون التيار الصدري كبش الفداء الذي تتنصل بواسطته عن كل إخفاقاتها، وأقول لهم جميعاً بأن كل يوم يمر يأتي بنبأ فضيحة جديدة لكم، وعلى سبيل المثل فقد حفل هذا الأسبوع بفضائحكم بدءً بثبوت سيادة بلاكووتر على الحكومة العراقية وقراراتها، ومروراً بمسخرة تبرع عبد المهدي المرفوض للأزهر، وانتهاءً بقرار الكونجرس الأمريكي تقسيم العراق على أساس طائفي وعرقي تأكيداً منه على أن الأمريكان محتلون واصحاب سيادة فوق رقاب الحكومة والعراقيين، وهكذا فإن كل أسبوع، بل كل يوم يمر، يباعد بيننا وبينكم ويقربنا إلى الصدريين، الذين نأمل بتحولهم قريباً إلى تيار سياسي يتسع لكل العراقيين أصحاب الشهامة والنخوة المخلصين لوطنهم وشعبهم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |