محنة المبدعين في بلد الإبداع

 

سناء صالح /هولندا

sanaelgerawy@hotmail.com

ما أن قرأت النداء الذي وجهه الأستاذ الخميسي الى الرئيس الطالباني للالتفات الى حالة الفنان المبدع حسني أبو المعالي والاهتمام بموضوع علاجه, صدمت لأنني أعرف الفنان حسني أبو المعالي فهو من جيلي ومن أبناء مدينتي, أعرف عائلته, تذكرت المعارض التي كان يقيمها يوم كان طالبا في الثانوية ومساهماته المتميزة في الحفلات المدرسية التي كانت تقيمها ثانوية كربلاء للبنين سنويا وعلى قاعة الإدارة المحلّية. كنت أتابع ما يكتبه وأفخر به كما أفخر بأسماء أخرى ممن أعرفهم في الحي الذي أسكن فيه ومن الجيل الذي أنتمي إليه مثل محمد الشبيبي ورشيد كرمة أسماء وجدت طريقها الى القراء فتميزت بعد أن أصبح الإنترنت الوسيلة المتاحة والأكثر انتشارا.

نداءات قرأتاها, نقرأها باستمرار وسنظل نقرأها عن أدباء وفنانين ساهموا في صنع جزء من تاريخ العراق الثقافي الذي سيخلد, وسيكون صفحة منيرة من تاريخ بلد يحاول المتطرفون من كل حدب وصوب إطفاءه لكن أمجادهم باقية بفنهم وبإبداعهم , بالريشة وبالكلمة وبالنغمة بينما ستخبو وتطوى صفحات تاريخ صنعه سياسيون وضعوا مصالحهم الخاصة فوق اعتبار الوطن واحتياجاته تركوا الوطن يعيش فوق براكين الفتنة والكره على مدى عقود.

إن ممن وقعوا تحت غوائل المرض ممن استجيب لندائهم وممن لم يصل الى أسماع ذوي المروءة والإحسان من السادة المسؤولين المشغولين أو ممن كانت نداءاتهم متأخرة فيكون المبدع قد قضى نحبه ولم يحصل على العون,!! فالعراقيون جميعا مشاريع مرضى فكيف بالفنان المبدع المرهف الحس! كيف ستصمد أعصابه أمام هزات الموت والدمار وفقدان الأحبة, كيف سيستطيع أن يتعايش مع الفوضى والهرج والمرج , كيف سيتعامل مع خيبات الأمل المتكررة . من سيحميه من طوفان الحقد على كل شيء له علاقة بالحضارة واللمسات الإنسانية.

الحالة الصعبة التي يمر بها المثقف العراقي منذ أكثر من ثلاثة عقود من تشريد وامتهان مستمرة, فاليوم ليس بأفضل من الأمس فالعصابات التي ترتدي لبوس الدين وتتمترس بالحلال والحرام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حلت محل الأجهزة الأمنية للنظام البائد, وانعدام الخدمات وعدم التفكير لحد الآن بصناديق دعم لحماية المفكرين والمبدعين من كابوس الفقر, إذ كيف يتسنى للفنان التشكيلي أن يقيم معارضه أو ينشر ديوانه ليقيم أوده والوضع الأمني وغياب الخدمات أضف الى ذلك هيمنة الفكر الرجعي والتعيين حسب الولاء لاالكفاءة على الكثير من المؤسسات الثقافية وأقرب مثال هو وزير ثقافتنا المتهم بالقتل العمد وعلى هذا المنوال .

إن التاريخ سيذكر بأن الكثير من مثقفي العراق قد قضوا لأن جرعة الدواء أو يد العون قد تأخرت .

 الخلود لمبدعينا ممن وافته المنية, أمنيات بالشفاء لمثقفينا الذين يرقدون في أسرة المرض وعيونهم ترنو الى من يأخذ بيدهم تقديرا ورد جميل لما قدموه لوطنهم من أعمال ستكون جزءا من التراث الذي سترثه أجيال قادمة لامن باب الشفقة والإحسان!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com