عبد الكريم قاسم: مجرم قتلته جرائمه، تزامن ذكرى الجريمة و العقاب

 

د.علي جواد الكاظم

Iraq4Iraqis@googlegroups.com

تمكن عبد الكريم قاسم بعد قيام ثورة 14 تموز من التسلط على مقادير السلطة وتحكم بمصير البلاد و العباد وذلك عن طريق الغدر بإخوانه قادة ثورة 14 تموز الآخرين، الذين ساقهم إلى السجون و ساحات الإعدام، وجعل السلطة حكرا له ولعصابته من المجرمين القتلة أمثال عبد الكريم الجدة و طه الشيخ احمد ووصفي طاهر كما فعل صدام عندما جعل السلطة والحزب مجرد أدوات لخدمة الذات.

لم يتوانى هذا الزعيم الدكتاتوري الأوحد الذي كان يحلو له أن يسمي نفسه بهذا اللقب عن ارتكاب أفظع الجرائم واكبر المذابح و الجرائم بحق العراق وأهله، وأول جرائمه هي استفراده بالسلطة وتحويل حكمه إلى أبشع حكم دكتاتوري فردي اسود حيث أصبح هو المتحكم با لرقاب والأموال والأعراض والنواميس، وانتقى أربعة وخمسين لقبا من ألقاب الطغيان التي تعبر عن جنون العظمة التي ملأت أركان نفسيته المريضة معتقدا أن العناية الإلهية هي التي اصطفته لحكم العراق، وهو الأمي الذي يقول عنه مرافقه جاسم كاظم العزاوي انه لم يقرا كتابا واحدا طيلة مدة حكمه الأسود الذي دام أربعة سنوات ونصف، وبذلك فكان بدكتاتوريته وفرديته هو القاضي وهو الشاهد وهو الجمهور وهو قاعة المحكمة وهو المحامي وهو الجلاد.

ومن جرائم عبد الكريم قاسم الأخرى الكبيرة تجرؤه على القران الكريم بإصداره قانون المساواة بين الرجل والأنثى في الإرث وهو الحاكم الوحيد في العراق الذي تجرا على هذه الجريمة الكبرى، وبما إن الإرث من حدود الله فانه تعدى بذلك حدود الله وظلم نفسه تقول نص الآيات الكريمات عن موضوع الإرث بالذات (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) وبذلك عصى عبد الكريم قاسم الله و رسوله وتعدى حدوده وبذلك دخل نار جهنم خالدا فيها وله عذاب مهين.

ومن جرائمه الكبرى الأخرى استناده في حكمه إلى الحزب الشيوعي الخائن فأطلق يد الشيوعيين الملحدين ليرتكبوا أفظع الجرائم وأبشع الماسي وأسالوا الدماء الغزيرة في حمامات دم يخجل منها هولاكو وجنكيز خان، وقام الشيوعيون بسحل الناس في الشوارع وهم أحياء أو بعد قتلهم وأقاموا المحاكم الدموية الوحشية كمحكمة المهداوي ابن خالة الزعيم الأوحد ومحكمة حسن الركاع في المسيب ومحكمة عدنان القصاب في الموصل والتي كانت تقام في الشوارع والساحات العامة، إذ كانوا يربطون الضحية من رجليها بسيارتين تسيران اتجاهين اتجاهين مختلفين ليشقوا الضحية إلى نصفين وهي حية، وأقام الشيوعيون المذابح في الموصل و كركوك والدملماجة والكاظمية والمسيب والبصرة وقتلوا النساء والأطفال ومنها مذبحة الأطفال في كركوك حيث جلبوا إلى عبد الكريم قاسم رؤوس الأطفال المقطوعة، ومن جرائمهم بحق النساء جريمة قتل وسحل الشهيدة حفصة العمري وهي شابة تبلغ من العمر (22) عاما حيث قتلوها بالمدي و العصي وسحلوها في شوارع الموصل وعلقوا ما بقي من جثتها الطاهرة على أعمدة الكهرباء، وذلك بعد ان قتلوا والدها الشهيد الحاج علي العمري وسحلوه في الشوارع، ومن جرائمهم كذلك قتل وسحل الإمام الشهيد الشيخ هاشم عبد السلام والإمام الشهيد الشيخ توفيق النعيمي، وكذلك جريمتهم البشعة في مدينة الكاظمية المقدسة حيث قتلوا الشهيد أموري الطويل بقناني المياه الغازية والسكاكين وسحلوا جثته الطاهرة عبر شوارع المدينة وعبروا جسر الأئمة وهم يسحلونها حيث تصدى لها أهالي الاعظمية الكرام وردوهم على أعقابهم واستلموا الجثة وغسلوها وكفنونها وصلي عليها وغير ذلك كثير وكثير.

 كانت تتم كل هذه الجرائم والماسي وحمامات الدم تحت ظل حكم الدكتاتور المستبد عبد الكريم قاسم وهتافات الشيوعيين القائلة (عيني كريم للإمام ديمقراطية وسلام) و(ما كو مؤامرة اتصير والحبال موجودة) وهتافهم الأسود (اعدم اعدم لا تكول ما عندي وقت أعدمهم الليلة) و( ارواح الشعب فدوه لابن قاسم) و بدعم الجواهري الذي قال في قصيدته مخاطبا الزعيم الأوحد:-

فضيق الحبل واشدد من خناقهم          فربما كان في إرخائه ضرر

وذلك قبل أن ينشق عن الزعيم الأوحد ليعيش لاجئا في الخارج ويصف عبد الكريم قاسم بأبشع النعوت والصفات ومنها أن عبد الكريم قاسم كان يحمل في نفسه جبنا فظيعا وكما ذكر ذلك في مذكراته المنشورة مؤخرا.

ومن جرائمه غدره بالضباط الأحرار قادة ثورة 14 تموز الذين عاشوا معه في بيت واحد وقاسموه رغيف الخبز وشظف العيش والحياة المشتركة لسنين طويلة.

ومن جرائم عبد الكريم قاسم هي خطيئته الكبرى التي ارتكبها في يوم 20 -9-1959 عندما أقدم على إعدام تسعة عشر ضابطا من ضباط الجيش العراقي ومنهم أخوانه قادة ثورة 14 تموز الشهيد ناظم الطبقجلي والشهيد رفعت الحاج سري وغيرهم، وذلك بعد طالب المقبور فاضل عباس المهداوي بمحاكمتهم بتهمة الاشتراك في ثورة الشهيد عبد الوهاب الشواف التي قامت في 8-3-1959 وهو يعلم ان الشهيد الطبقجلي والحاج سري لم يشتركا فيها بدليل أن الشهيد الطبقجلي بعد ان عاد إلى مسكنه في بغداد بعد ثورة الشواف وبكامل صفته العسكرية وحرسه فقد طلب عبد الكريم قاسم طلب منه تولي وزارة الأعمار إلا أن الشهيد الطبقجلي رفض ذلك لأنه تيقن إن الزعيم الأوحد يقصد من ذلك التغطية على جرائمه.

لقد اصدر المجرم المهداوي على هؤلاء الشهداء البررة حكم الاعدام في يوم 16 9 1959 ولم يتورع الطاغية عبد الكريم قاسم على التصديق على الحكم وتنفيذ في 20 9 1959 فكان الأمر كله يدور بين الزعيم و ابن خالته الذي اصدر الحكم وقام هو بالتصديق عليه وتنفيذه، ولم تنفع معه كل النصائح التي قدمها له العلماء ومراجع الدين لكي يمتنع عن ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء ولكنه أبى وأصر واستكبر فتلطخت يداه بدماء هؤلاء الشهداء الأبرار لتكون معولا يهدم حكمه وعمره.

بعد أن نفذ المجرم عبد الكريم قاسم جريمته النكراء بإعدام إخوانه الضباط الأحرار والتي تمت بإشراف المجرم الشيوعي العقيد سعيد مطر الذي اشرف بنفسه القذرة على إعدامهم في ساحة أم الطبول ببغداد و التي بني فيها واحد من اكبر المساجد في بغداد بعد أن تم إزالة حكم الطاغية عبد الكريم قاسم.

وفي يوم 7 10 1959 أي بعد 17 يوما تم معاقبة عبد الكريم قاسم على هذه الجريمة وغيرها وذلك في محاولة اغتياله في شارع الرشيد التي نجا منها بحكمة من الله تعالى لكي يبقيه ليوم يذل فيه ويخزى ويحاكم على جرائمه التي لا تعد ولا تحصى، ولو انصاع عبد الكريم قاسم إلى نصائح العلماء ومراجع الدين بالامتناع عن إعدامهم لكان خيراً له في الدنيا و الآخر، ولو انه فعل مثل ما فعل الرئيس عبد السلام محمد عرف عندما انصاع لنصائح العلماء ومراجع الدين بالعفو عن ثلاثة عشر من الشيوعيين الذين أعلنوا توبتهم ولم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، وكذلك عفو عبد السلام وعبد الرحمن محمد عارف عن الذين قاموا بانقلابات عسكرية ضدهم ولم تتلطخ أيديهم بدماء عفت أنفسهم عنها وكان لهم الخير في الدنيا و الآخرة.

وفي يوم الرابع عشر من رمضان المبارك عام 1383هـ قام الجيش العراقي بثورة مباركة ضد هذا الصنم الأوحد حيث قامت طائراته بدك وزارة الدفاع التي كان يتحصن فيها وانهارت معنوياته وقواه واستسلم للثوار الذين اعتقلوه وساقوه إلى دار الإذاعة، عندها تذكر صديقه القديم الفريق طه يحيى الذي كان الزعيم الأوحد وطاهر يحيى والطبقجي وعبد السلام عارف في خلية واحدة في جولاء ضمن تنظيمات الضباط الأحرار، واتصل به مستنجداً أن ينقذه من الإعدام فجاء الجواب من الصديق الوفي لإخوانه قائلا أئتنا بالطبقجلي وسنعفوا عنك ولما كان ذلك محالا فكان إعدامه محتما، اعدم عبد الكريم قاسم مع عدد من أعوانه المجرمين وهم فاضل مهداوي و طه الشيخ احمد وكنعان حداد.

وأراد الشيوعيون إنقاذ حليفهم فأصدروا بيانا ودعوا أنصارهم لحمل السلاح وإعادة المجازر والمذابح وسحل الناس وسفك الدماء وإعادة حمامات الدم من جديد وسحل الناس فتصدى الجيش و الشعب لهم ودمرهم غير مأسوف عليهم والى جهنم وبئس المصير.

إن من عجيب الاتفاقات أن تقع ذكرى كل هذه الأحداث وإعدام السفاح عبد الكريم قاسم في هذا العام في شهر رمضان المعظم ففي 16 9 1959 اصدر المهداوي بحق الشهداء الأبرارحكم الاعدام، وبعد أربعة أيام وفي 20 9 1959 نفذ الحكم الظالم فيهم، وفي 7 10 1959 نفذت أول محاولة للاقتصاص من عبد الكريم قاسم، وقامت ثورة الرابع عشر من رمضان للاقتصاص من المجرم الذي ظن انه ناج إلى الأبد وان العقاب لا يمكن إن يطاله في الدنيا وهو لا يعلم أن عذاب الآخرة اشد و أخزى.

أما الحزب الشيوعي فانه فبقي مصرا على السير في دروب الكفر والإلحاد والخيانة للدين والوطن فانضم إلى البعثييين في جبهة سوداء قذرة عام 1973م ليعمل مخبرا ذليلا وخسيئا نذلا ليخبر عن الناس ويقدم المعلومات عنهم لأجهزة الأمن والمخابرات البعثية وخاصة تجسسه على أبناء الحركة الإسلامية، وحمل السلاح ليقاتل الأكراد دفاعا عن حكومة البعث فتصور أي حزب متخلف هذا.

ولا ننسى جريمة الحزب الشيوعي عندما اخبر البكر عن حركة الجيش العراقي لإسقاط البعثيين وذلك عندما أخبرته السفارة السوفيتية في بغداد عن الحركة وضباطها فتم إجهاضها وبذلك ليدوم حكم العبثين 35 عاما ارتكبوا فيها أفظع الجرائم وأسوئها ويتحمل وزر ذلك الشيوعيون مع إخوانهم البعثيين.

وختم الحزب الشيوعي حياته بأعظم جريمة وذلك عندما انضم إلى الاحتلال الأمريكي الصليبي الصهيوني للعراق ليحوز أعلى درجات الخزي و العار، ولما كان هذا الحزب منعدم الشعبية ومكروها عند العراقيين فانه انتمى إلى قائمة أياد علاوي ألبعثي السابق ليفوز بمقعد أو مقعدين في مجلس النواب المصادق عليه أمريكيا.

أن ما فعله عبد الكريم قاسم وأعوانه الشيوعيون هم أساس محنة الشعب العراقي اليوم فول لم يرتكبوا المجازر الوحشية ويحفزوا الشعب للثار والانتقام لما أعطوا للعبثيين مشروعية لوجودهم في مقاومتهم ولا ما تمكن هؤلاء للعودة للحكم ثانية في 17 تموز 1978 وبدعم المخابرات الأمريكية وبشخص عبد الرزاق النايف.

إن ما كتبناه أعلاه هو نزر يسير ونقطة في بحر من جرائم عبد الكريم قاسم وأعوانه الشيوعيين وإلا فان الامر يحتاج الى مجلدات بكاملها.

وأخيرا ينبغي ان لا نسى (السفرطاس) الذي يحاول بعض التافهين من الأميين أن يتذرعوا به للدفاع عن قاسم السفاح والشيوعيين وجرائمهم ليستدلوا بـ (السفرطاس) على زهده وبساطته، ويا ليت انه زهد في الدماء والأرواح واحترم الإسلام ولم يخرب العراق ويدمر شعبه وليأكل يوميا عشرين خروفا فان ذلك كان أولى له من أن يقتل غيره ونفسه ويخلد في نار جهنم مذموما مدحورا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com