ألمرجعية الوحيدة القادرة على أنقاذ العراق

 

تقي الوزان

wz_1950@yahoo.com

كل جيوش الأحتلال في العالم تعتمد في ادارتها للشعوب التي تحتلها على مجموعة اجتماعية سياسية مدجنة, كأدوات للأحتلال, وكانت تسمى هذه المجاميع, ذيول او اذناب, عملاء, طابور خامس, وعند الأكراد جحوش. وفي زمن القطب الواحد, والعولمة, أعلن الأحتلال عن طموحه في تنمية مجموعة القيم "الديمقراطية والليبرالي " لدى الشعوب التي تحتلها. والتي بدورها ستنهي البيئة الحاضنة للفكر السلفي, وتنقذ البشرية من جرائم منظماته الفاشية, كما اعلنت اميركا.

الا ان الامريكان بعد احتلالهم للعراق, جعلوا منه الساحة المفتوحة لتجمع السلفيين المتطرفين من كل البلدان العربية والأسلامية, ومن الجانب الآخر لم تقدم اية تسهيلات للمجاميع العلمانية واليسارية أصحاب القيم الحقيقية للديمقراطية والليبرالية . وتوزعت رعاية سلطتها بفسح المجال واسعاً لبناء ونمو العصابات البعثية والسنية, والمليشيات الطائفية الشيعية, وتركتها في صراع طائفي كاد ان يفلت من سيطرتها لولا تطبيق الخطة الأمنية الأخيرة, والتي ساعدت في ان يكون الصراع سني سني, وشيعي شيعي, تبعاً للمصالح الشخصية بشكل أوضح. وعلى احجام مجاميع الصراع هذه, جرى أقتسام السلطة والنفوذ, ونهب المال العام في وضح النهار, وامام اعين الجماهير المنكوبة والتي سبق لها ان آمنت بالعملية السياسية.

ليس من الغريب ان تعلن اميركا عن شئ وتطبق شئ آخر, حسب احتياج مصالحها, ووجدت ان من مصلحتها ايضاً ان لاتساعد الديمقراطيين والعلمانيين واليساريين,– واذ أقتضت الضرورة منعهم- لكي لايبنوا المشروع الوطني الذي يؤسس للمرجعية الوطنية, الوحيدة التي بأستطاعتها أنتزاع الحقوق العراقية كاملة من الاحتلال حتى وان طال الزمن.

لقد نجح الامريكان في خلق الفراغ القيادي الوطني, وجعلوا هذه المسألة المهمة في نهضت اي شعب من الشعوب المنكوبة محصورة في قيادة المالكي الحكومية, والتي تستند بالكامل على العكاز الأمريكي, الذي بدونه سينتهي الوضع القانوني وتنهار كل اركان العملية السياسية.

ومن الغريب ان الامريكان لم يقدموا البديل عن كل هذه المجاميع الطائفية والجهوية التي عجزت عن ان تكون قيادات وطنية, بمن فيهم القيادات المحسوبة على الامريكان مثل الدكتور احمد الجلبي والدكتور اياد علاوي, اللذين جرى ركنهم حالهم حال الآخرين .

هذا الفراغ للمرجعية الوطنية الذي يمكن ان يحل بمجرد سحب الدعم الامريكي عن حكومة المالكي, لايعرف لأي مدى سيستخدمه الامريكان, والمنطقة تتوجه لتفاعلات كبيرة لاتقل في اهميتها عن ازاحة النظام الصدامي, واهمها المواجهة الحاسمة المتوقعة بين المشروع القومي الايراني والمشروع الامبراطوري الامريكي, وما سيتركه من تأثيرات كبيرة على المنطقة والعالم.

ان توقيت طرح مشروع "الديمقراطيين" الامريكان والذي يدعو لتقسيم العراق الى ثلاث اقاليم, والساحة العراقية تخلو من قيادات يتم الأجماع الوطني عليها, والابقاء فقط على تواجد القيادات الطائفية والقومية, مع اقتراب الحسم لملفات المنطقة وعلى رأسها الملف الايراني, يثير الكثير من التساؤلات, واهمها هل ان مشروع "الديمقراطيين" الامريكان من ضمن السيناريو؟

المخرج الناجح هو الذي يتمكن من اقناع الجمهور بتلقائية الأحداث, وأقناعهم ايضاً بالضرورة الحتمية للنهاية. الا ان العراق وشعوب المنطقة ليست فلم سينمائي يخرجه الامريكان كيفما يريدون, وستكون التأثيرات الكارثية لهذا التوجه ليس على الامريكان في المنطقة فقط, وانما ستنعكس على السلم الاجتماعي للشعب الامريكي وباقي شعوب الدول التي تساعد في هذا التوجه, لأنهم سيفتحون باب جهنم على مصراعيه.

ان الأمل لايزال كبيراً في القيادات العراقية لتجاوز العثرات, واعادة الروح الوهاجة للمشروع الوطني الذي تضمحل عنده كل الصعوبات, وبدونه لاتقوم قائمة للعراق بعد اليوم وستخسر كل الاطراف ما حققته من مكاسب .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com