|
من اروقة البرلمان (1) النائب الالكتروني وعصر المحاصصة
طارق العادلي/ مستشار مجتمع مدني رحم الله فناننا العربي الراحل (نهاد قلعي), الفنان التوأم للفنان طويل العمر (دريد لحام) والذي ظهر معه في مسرحية (غربه) بدور مؤلف يروم تأليف كتابآ عن (الوضع في الصومال) فيستهله بعبارة واحد لم يكملها طيلة فترة عرض المسرحية وهو يردد.... (اذا اردت ان تعرف ماذا يدور في الصومال .. فعليك اولا ان تزور اليابان) استذكرت ذلك المقطع الذي تصوره الكثير منا في حينها أوربما من يطلع عليه الان, بانه جزء من مقطع كوميدي... فقد شاهدت قبل ايام مقابلة لاحد السادة من اعضاء مجلس النواب عبر احدى الفضائيات وهو يدلو بدلوه الى مقدم البرنامج حول رأيه بالانقطاعات المستمرة والمتواصله لبعض الساده اعضاء مجلس النواب و تاثير تلك الغيابات على تشريع القوانين وعمليتي البناء والتحولات الديمقراطية في العراق . وقد رد السيد النائب وبكل ثقة, ان هذه الغيابات ليس لها تأثير على الواقع السياسي, وان مثل هذه الغيابات واردة في برلمانات العالم اجمع , ويرى انه ليس من الضروري ان يطالب العضو بالدوام المتواصل , ودليلة على ذلك لما يدورالان في النمسا والسويد , اذ ترسل الهيئة الرئاسية الى النائب المشروع او القانون الذي يراد التصويت علية بالبريد الالكتروني (الايميل) ليطلع علية او ليصوت له وتستلم الهيئة الجواب بنفس الطريقة دون ان يكون لوجوده داعيآ للحضورتحت قبة البرلمان!!!!! ان اغرب ما في تصريح السيد النائب الوارد اعلاه هو مقارنته للوضع في العراق مع النمسا والسويد ودول العالم الاخرى التي سبقتنا بكل شيء وفي اي شيء, ما عدا الاقتتال الطائفي والعرقي والفكري اذ نعد وبامتياز نحن في المصاف الاول ودون منازع, ولربما سوف لن نسمح لاحد يومآ تجاوزنا ما دام الاحتلال جاثمآ على صدورنا وما دامت المحاصصات سبيلنا الامثل لبناء عراقنا الجديد!!!!!! ولعل بعض الحقائق التي اود ان اوردها للسيد النائب ولكل من يؤمن بتطلعاته هذه في يومنا هذا, عسى ان يستفيق البعض منهم ويؤمن بان لكل امة اوشعب في العالم له خصوصيته وضروفه الموضوعية التي يختلف بها عن غيره ضمن ثوابته الروحية وانتمائه القومي واعرافه الاجتماعية, ناهيك عن وضعه السياسي الداخلي ومحيطه الاقليمي وعلاقاتة الاقتصادية والدولية وانعكاسات كل تلك في صراعه اليومي مع الحضارة وروح العصر وتقلباتها والا لاصبحت مقولة فناننا الراحل هي جزء من الاستراتيجية السياسية لكل البلدان, ومن هذه الحقائق: اولا : ان الدول المذكورة في حديث السيد النائب وجاراتها ومثيلاتها كانت ومنذ زمن بعيد قــــد تجاوزت التبادل السلمي للسلطة عبر آلية صناديق الاقتراع والانتخابات ووفق ضوبط وقوانين اقرها الشعب بنفسه, مما جعل انسيابية العملية السياسية ذات نمط تلقائي خالي من اللبس والتظليل , مما انعكس الامر ايجابآ على النائب المنتخب. ونحن حديثو العهد بذلك ولم تتم عملية الهضم كاملة لما يدور في وسطنا, هذا من طرف , ومن طرف آخر اننا لم ننزع بعد الانوية من دواخلنا لنكون على استعداد لتقبل الامر الواقع ولما يدور بنا وندور به . ثانيآ :ان الدساتير والقوانيين في تلك البلدان قد تم اقرارها والمصادقة عليها واستفتي عليها وبشفافيه منذ امد بعيد وما بقيه منها وخلال تلك الحقبة من الزمن قد تم تعديلاتها او حذفها او الاضافة عليها حتى اصبحت جزء من كيانهم ووجودهم وذاتهم , ونحن وحتى هذه الساعة لازلنا امام دستور اعرج, اذ لم نعرف وحتى الان ان كانت المادة 142 من الدستور ستبقينا دولة اتحادية آم لا؟ ووفق أي نمط او شكل؟ وهل سيشبه اتحادنا انظمة ال 24 دولة في العالم التي هي مجموع تلك الدول التي تبنت الانظمة الفيدرالية ؟ آم ستكون لنا فيدرالية بثوب وشكل جديد مغايرآ لما نعرفه؟ لازلنا لانعرف ان كانت ان كانت المحاصصات المقيتة ستكون نهجنا القادم؟ آم ان الامور ستعود الى الوضع الطبيعي حيث المواطنه والكفاءة والخبرة اولا ؟ لازلنا لانعرف حتى الان هل ان كركوك مدينة كردستانية آم عربية آم مدينة تآخي؟ لازلنا لانعرف حتى الان ان كانت ستطغي مستحقات الديمقراطية على الثوابت الدينية؟ آم العكس صحيح ؟ لازلنا ولازلنا نجهل الكثير, وحتى ان تعد اللجنة المكلفة بتعديل الدستورعملها ربما سيكون لنا ذلك التصور والمنهجية التي بموجبها سيكون الدستور جزء من كياننا ووجودنا وذاتنا, وبعدها من الممكن ان ينعكس الامر على نوابنا وأدائهم كي يمكن ومن باب محدد مقارنتهم بالغير . ثالثآ: ان هذه البلدان ونتيجة لابتعادها عن التخندقات الطائفية والعرقية, وايمانها المطلق بوطنيتها فان عملية البناء والتحول قد تم انجازها, وهذا الانجاز قد قادها الى مواكبة الحضارة وروح العصر وبكل ما فية من تقنية وابداع وتطور, اذ حققت قفزاتها النوعية في الادارة والنظم والاساليب ما ارادته, فكان لها, حيث اصبحت وضمن مصاف الدول المتقدمة للتحويل والتغيير من النظم الدفترية والالية اليدوية الى النظم الكترونية فكانت الحكومة الالكترونية التي يختصر بها الزمن والجهد والمسافة , للحكومة وللمواطنين وعلى حد سواء , حيث أصبح لكل مواطن الحق في الوقوف على منجزات واعمال وبرامج الحكومة من جهة وانجاز متطلباته الشخصية وهو في داره اوعمله دون حاجته لهدر الزمن والطاقة من جهة آخرى , لذا فان الامر ولاي مسؤول في السلطات الثلات بما في ذلك عضو مجلس النواب او المجلس ذاته بات واضحآ وجليآ فهو يعلم انه تحت مراقبة ومحاسبة الشعب, ولااعتقد ان ذلك سيدعونا للمقارنة او حتى التقرب منه, وشتان فيما بيننا وبينهم !!! رابعآ : ان عضو مجلس النواب في تلك البلدان ان كان في حزب او تجمع او منظمة , فهو اما ممثل نفسه ان كان من المستقلين اوممثل انتمائة في تلك المنطقة الانتخابية, وليس هو رقم من ارقام القائمة التي تعتمد على مؤسسها او بعض الاسماء وما عدا ذلك لاللناخب دراية بهم اومعرفة ويبادله الصفة ذاتها العضو ألمنتخب آزاء من انتخبه,وهذا ما هو قائم عندنا في القائمة الواحدة , فهل في تلك البلدان آليات تشابه ما عدنا كي تصح المقارنة؟!!! ان حقيقةالنائب المنتخب في تلك البلدان ياسيدي النائب, انه ممثل دائرته الانتخابية ومحل ثقتهم واختيارهم, ووجوده معهم يعد من الضروريات التي تستدعيها مهامه, فالذين قبله قد نكثوا من على اكتافهم نهاية التشريعات المطلوبه, ولم يبقى امام النواب الحاليين سوى المستحدثات الخالية من الاسقاطات والمرجعيات والمتعلقات, فهي وأن وجدت فانها نتاج المتطلبات الآنية التي يفرضها الواقع المتحضر والمواكب للحضارة وروح العصر, فلا عجب ان ان يستقر النائب عندهم في مكتبه بدائرتة الانتخابية, محافظة كانت او قرية اومعمل ,ويبقى على اتصالا مع هيئة رئاسته عبرالبريد الالكتروني او الهاتفي او الدائرة التلفزيونية المغلقة, ترى هل يدور في دائرتنا المعرفية من وجود نائب واحد من مجموع 275 نائب منتخب له مكتبه الخاص في محافظته او قضاءه او ناحيته يكون فيه على احتكاك مع ناخبيه كما هوالحال عندهم كي يمنح العذر بعدم حضوره لانشغاله مع ناخبيه؟ هناك سيادة النائب وانت ادرى مني ومن غيري بهم , بوجود (بعض) الناخبين اللذين ابتلى بهم الناخبون , وكأنهم انتخبوهم لكي يقضوا بقية عمرهم او ما تبقى منه او على الاقل للاربع سنوات القادمة وهم يتمتعون بما تجود عليهم تلك الصفة (النيابية) من امتيازات وايرادات لينعموا بها على ضفاف الشواطئ الاسبانية او في مدينة الضباب في بريطانيا او المدن التجارية عمان وابوظبي ودبي , ومع كل هذا تبقى طلباتهم وتبريراتهم وتصريحاتهم النارية وخطبهم التراحمية توقد النار في الهشيم قائمة , ويوم بعد يوم هل من مزيد !!!!!! سيادة النائب ان ما عرضته حلم جميل ورائع ونحن نتمناه اليوم قبل الغد , ولكن توقيت وزمان هذا العرض وتلك المقارنه ليست في وقتها , فنحن في مرحلة بناء الاسس وليس في الديكورات , ونحن في مرحلة التحول وليست مرحلة الاضافات , لازلنا بعد لم نتمكن من ان نحبو , فكيف نشارك في المارثونات. نعم سيكون هذا الحلم الوردي واحدآ من احلامنا... ولكن ! وسيكون لنا حق طلب المناظرة والمقارنه ...ولكن! وسيكون ماعرضته جزء من طموحنا ...ولكن! ولكن ...... عندما ننتهي من وضع دستور قد اقره الشعب برمته دون متعلقات. وعندما ينكث مجلس النواب يده من آخر قانون حدده الدستور للتشريع. وعندما يكون النائب يمثل مواطني منطقتة الانتخابية وجاء باختيارهم. وعندما تصبح حكومتنا (الحكومة التقنية) اي الالكترونية. وعندما تصبح وتمسي وتبيت (المواطنة) اولا وهي فوق كل شيء , حيث لامحاصصة ولا عرقية او طائفية او مناطقية او عائلية. وعندما يكون (لااحد فوق القانون). حينها ياسيادة النائب سنكون معك ومع ماتروم الوصول الية .ونسأل الله ان يتحقق ذلك يوما, ولو كان ذلك اليوم في عصر احفادنا, فدعوة كهذه في يومنا هذا اشبه لما كان يدعونا لها الفنان الراحل وهو يعد عدتة لمشروع كتابه المقترح . والى رواقآ آخر انشأ الله ............ طارق العادلي/ مستشار مجتمع مدني
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |