خيبة أمل

 

 

 علاء مهدي- سدني

 في لقاء أجرته محطة إذاعة إسترالية رسمية باللغة العربية مع ثلاثة من أبناء الجالية العراقية في سدني حول قرار مجلس الشيوخ الأمريكي- غير الملزم- بتقسيم العراق، أختار البرنامج ثلاثة شخصيات. الشخصية الأولى، إسلامية شيعية، والثانية كردية، والثالثة لم أتعرف على إنتماءها الطائفي، لكن من الممكن حدسها!

 مَثَلَّ الشخصية الأولى صديق لي، ولا أنكر معرفتي بالشخصية الثانية، أما الشخصية الثالثة فلم يسبق لي التعرف عليها.

 موضوع اللقاء كان حول قرار مجلس الشيوخ الأمريكي- غير الملزم- بتقسيم العراق إلى ثلاثة دويلات، وهو أمر أجتهد الكثير من السياسيين والمفكرين والكتاب في بيان مختلف وجهات النظر بشأنه.

 كنت على حق مع نفسي في أن الشخصية الكردية كانت قد أيدت الفكرة بشكل أو بآخر سواء وفق مبدأ التقسيم إلى دويلات أو الفيدرالية المشروطة وهو أمر يصر عليه أخواننا الأكراد مع التأكيد على ضرورة ضم كركوك وخانقين وبعض المدن العراقية الأخرى إلى كردستان.

 أما رأي الشخصية الثالثة فقد حاول مسك العصا من وسطها مؤيداً الحالة الكردستانية وأهمية أستقلاليتها رافضاً فكرة مركزية الحكم الديكتاتوري حيث ثبت للعراقيين فشل هذا الإسلوب عبر سنوات طويلة من العذاب.

 أما صديقي، فقد ركز على أهمية تطبيق الفيدرالية وليس التقسيم مؤكداً أن تقسيم العراق هو بالأساس منصوص عليه في الدستور العراقي ! ولم يشر فيما إذا كان المقصود به الدستور العراقي أبان أستقلال العراق أم الدستور الحالي. وعقب على أنه لا يمانع في تطبيق مبدأ الفيدرالية وربما بمعنى - التقسيم الطائفي - وليس تقسيم العراق إلى دويلات!

 لم أعر إهتماماً للآراء الثلاثة عدا فكرة - التقسيم الطائفي- التي كادت أن تكون بمثابة رصاصة قناص أو إرهابي أصابتني في الصميم. ففكرة التقسيم الطائفي تعني فيما تعني - لي شخصياً على أقل تقدير- سحب مواطنيتي العراقية مني، وهو أمر لا أعتقد أنه من صلاحية أي شخص أو حزب أو دولة . فالمواطنة حق مشروع لكل المواطنين مهما كانت أنتماءاتهم العرقية والدينية والطائفية.

 وفق المنظور أعلاه، سيتمتع الكردي العراقي بمواطنيته في أقليم أو دولة كردستان، وسيشاركه المسيحي العراقي في تلك الحقوق حسب منظور ما نسمعه من معطيات التقسيم المقترح. وسيتمتع السني العراقي بمواطنية دولة الوسط التي لا نعلم ماذا سيكون أسمها، وكذلك الحال مع الشيعي العراقي حيث سيتمتع بمواطنيته في الجنوب العراقي في دولة لا نعرف ماذا سيكون أسمها أيضاً.

 لقد فات على الجميع التفكير في مصير الملايين من العراقيين ممن أختاروا التزاوج بمن هم من غير طوائفهم ؟ فالعراق، الدولة المتعددة الثقافات والحضارات فيها الكثير من الزيجات المختلطة والمتنوعة، فالشيعي المتزوج من سنية وبالعكس، والشيعي المتزوج من كردية وبالعكس، والسني المتزوج من شيعية كردية والعكس، وحالات التزاوج بين المسلمين والمسيحيين وبالعكس، ويقال نفس الشئ عن بقية الطوائف العراقية مثل التركمان والأرمن والإيزيدية والصابئة وغيرهم.. ترى أين سيذهب هؤلاء وأية – دويلة ستقبلهم أو تستقبلهم – أم أن الدويلات الجديدة ستضطر إلى ممارسة جرائم التسفير شأنها شأن نظام البعث المباد والمنظمات الإرهابية التكفيرية في أيامنا هذه؟

 للبشر حقوق ولدوا معها وولدت معهم ولا يحق لأحد أيا كان أن يسلبهم أياها، فالعراق الواحد وطن لجميع العراقيين والمطالبة بتقسيمه وفق أهواء الطائفية المقيتة إنما هي دعوة صريحة للإعتداء على حقوق المواطنة العراقية لملايين البشر ممن عانوا من ظلم وإجحاف الأنظمة العنصرية والشوفينية عبر عقود طويلة من الزمن.

 سؤال يفرض نفسه : ترى، هل ستمنح الدويلات الجديدة مواطني العراق– الملغى– ثلاثة جوازات سفر بديلة لجوازات السفر العراقية الحالية؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com