|
إلى متى يبقى الدم العراقي رخيصاَ؟
عبد السلام الخالدي سؤال يبحث عن إجابة ونحن في السنة الرابعة بعد سقوط الصنم ولم نجد له جواباً شافياً، فالنظام البائد جعل من الدم العراقي أرخص من التراب من خلال سياساته العدوانية على جيران العراق والدخول معهم في حروب خاسرة لم يعرف وقتها الشعب سبب هذه الحروب، فسجلت هذه الحروب مئآت الآلاف من العوائل في سجلات المتضررين والأيتام والأرامل والثكالى، دفع المجرم صدام وقتها دماء العراقيين ثمناً مقابل إشباع رغباته ونزواته، هذا غير الأعداد الكبيرة التي سالت دماؤها في زنازين الأمن والمخابرات والمعتقلات التي تحمل اسماءاً عدة كلها تصب في بودقة (القائد الضرورة)، وهناك دماء زهقت ولكن بطريقة أخرى قد تكون حصلت في العراق لأول مرة في تأريخ البشرية فقد حبست تحت الأرض في مقابر جماعية هزت العالم أجمع إلا من لاضمير له، العالم كله أصم لم ينطق بحرف واحد تجاه العمليات الإجرامية، سقط النظام وجاءت البشرى مع دخول جيوش التحرير التي حملت على دباباتها وهمراتها نعمة الحرية والديمقراطية، إستبشرنا خيراً بعودة الحق لأصحابه ورد إعتبار حرمة الدم المباح ولو بكلمة طيبة (والكلمة الطيبة صدقة)، إستعمل الطاغية صدام أدواته التي كان قد أعد لها مسبقاً للإستهتار بالدم العراقي مرة أخرى ولكن هذه المرة بطريقة أكثر شرعية مما كان عليه في عهده المقبور، فكان العمل تحت مظلة الإسلام والجهاد ومقاومة الإحتلال، فتسارعت جيف وقذارات بعض الدول العربية الحريصة على وحدة وكرامة العراق على الإستهتار بالدم العراقي وبصورة جماعية وبشعة يندى لها جبين الإنسانية والشرف وتتبرأ منها كل الأديان السماوية والغير سماوية، أصبح الدم العراقي أرخص من السابق فاليوم لاتخلو كل خطوة نخطوها على أرض العراق من دم طاهر سال بكل رعونة وإستهتار وإستخفاف بحرمة هذا الدم ضاربين بعرض الحائط كلام الله المنزل الذي يحترم الدم البشري وحتى الحيواني. الجهة الثالثة التي دخلت على خط المستهترين بالدم العراقي هي القوات الأجنبية العاملة في العراق سواء كانت قوات عسكرية أو شركات حمايات أمنية مدنية، لايمر يوماً على العراقيين من دون تعرض أحد من المدنيين الأبرياء للإعتداءات الغير شرعية والغير قانونية من قبل هذه القوات، الهمر تطلق النار بصورة عشوائية ليس دفاعاَ عن النفس بل خوفاً ورعباً من أي سيارة تتقرب عليها، وهذا إستخفاف بالدم العراقي من نوع آخر وجديد، وماحدث بالأمس من إعتداء سافر على عوائل بريئة من قبل أفراد شركة بلاك ووتر (الماء الأسود) يعد خرقاً واضحاً وصريحاً للسيادة العراقية وإستهتاراً بالدم العراقي، ولم تنته الملفات التحقيقية الخاصة بالفعل الجرمي لهذه الشركة حتى قامت شركة أخرى ولكن هذه المرة قادمة من أستراليا وليس من الولايات المتحدة علّ إسمها هذه المرة (الماء الأبيض أو الأحمر الله العالم)، قامت هذه الشركة بقتل إمرأتين من السابلة في منطقة المسبح بالكرادة ولكن الغريب في هذه الحادثة أن شركة بلاك ووتر ورغم العمل الدنيء افادت بأنها د تعرضت لإطلاق نار فردت بالمثل أي إنها كذبت وبانت كذبتها، الشركة الأسترالية لم تكذب بل إعترفت وقدمت إعتذارها لعائلتي الضحيتين وهذا إستهتار وإسترخاص بالدم العراقي ولكن من نوع جديد، (يعني لو كاذبين مثل بلاك ووتر مو أحسن)، ماذا قدم الإعتذار هل عادت الشهيدتين إلى الحياة؟، هل بردت قلوب العائلتين؟ سيما وأن أحدى الشهيدتين في الأربعين من عمرها تقود سيارتها الخاصة لنقل الموظفات يومياً لإعالة عائلتها، فمن لعائلتها بعد هذا الحادث؟. الحقيقة هي إن الإستهتار في الشارع يبدأ من الجانب الأميركي وينتهي بالجانب العراقي البريء، كيف؟ وأنت تسر في الشارع العام بكل أمان وخوفاً من سيارة مفخخة أو جسم عفن ملغم بحزام ناسف ورعباً من التايهات تأتي المفاجأة من حيث لاتدري، رتل أميركي ينزل إلى الشارع بكل رعونة وإستهتار ومن دون سابق إنذار يدخل الرعب في قلوب جميع المارة ويبدأ إطلاق النار بحجة عدم التوقف والإقتراب من الرتل المنزه والمعصوم من الغلط، على الجانب الأميركي أو أي جانب أجنبي عامل في العراق إحترام قانون الشارع العراقي وقانون السير وإحترام الدم العراقي قبل كل شيء أو عدم نزولهم إلى الشارع إلا ليلاً فسيكون اشارع خالياً، وعلى الحكومة العراقية المنتخبة ردع مثل هذه الأعمال الدنيئة بكل قوة وحزم وعدم فسح المجال للإستهتار بالدم العراقي فالدم العراقي ليس رخيصاً لهذا الحد، فبالدم العراقي الطاهر تحرر العراق وليس بدبابات المحرر الديمقراطي الذي إستباح الدم العراقي مرة أخرى.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |