|
لا يخفى على الجميع قصة نبي الله يعقوب وولده يوسف عليهما السلام، الذي تكالب عليه اخوته وغدروه حقدا وكراهية كونه المقرب الى نفس ابيهم، فقاموا برميه في البئر بعدما جردوه من قميصه وعادوا الى ابيهم بقميص اخاهم يوسف وهو ملطخ بالدماء ليخبروه بان الذئب قد اكل اخاهم، وجلسوا يبكون ويتضرعون إلى الله عما بدر منهم، وشاءت العناية الإلهية أن بعض المارة قد توجهوا الى ذلك البئر ليستسقوا من ماءه فاذا بيوسف عليه السلام قد تشبث بالدلو فسحبوه، واذا هم يفاجأون بغلام جميل مرمى في ذلك البئر. فقرروا اخذه قبل بيعه بسوق مصر، وباعوه بثمن بخس دراهم معدودة كما جاء ذكره في القرآن. وبقى حينها يوسف عليه السلام يتضرع مرارة فقدان ابيه تارة وشدة الفتن التي يواجهها تارة اخرى والتي كان من اصعبها واشدها عليه هي مراودة امراة العزيز له عن نفسها والتي شهدت زورا بعد ان رفض الانصياع لرغباتها وقد القي على اثرها في السجن ظلما وجورا . الا ان الله سبحانه وتعالى قد من في نهاية المطاف على يوسف عليه السلام، بعد ان امتحن قلبه ووجده صبورا مؤمنا، بان ازال عنه الكرب واخرجه من السجن وأعاده الى ابيه يعقوب عليه السلام لتقر عينه برؤيته وليعاد اليه بصره. بعد هذه الحادثة اود ان أبين ان التاريخ يعيد نفسه، حيث ان العراق قد تبنى الكثير من اخواننا في الدول العربية وغيرها، حيث كان مرتع لطلب الرزق والاصطياف ولم يذكر لنا التاريخ يوما بانه قد عادى أحداً. بل لا يخفى على الجميع ان ابناءه من مواطنيه كانوا المقربين والمعززين الى ذاك العراق الأشم، لكنه لم يتاخر يوما ما عن نصرة ومساندة اخوانه من الدول العربية، والمتابع للتاريخ الحديث قد يلمس ذلك جليا لكن لا نعلم هل ان لهذا الامر ام ان هناك اسبابا اخرى جعلت العدو والقريب يكن لهذا البلد الحقد والكراهية والضغينة حتى من كان يتصدق عليهم يوما ما، وقد لمسنا هذا الحقد والكراهية حينما تكالبت تلك الدول واصطفت مع نظامه البائد في انتفاضة عام (1991م) لقتل ابناءه واصطفوا الان مرة اخرى مع قوى الكفر والرذيلة لقتل ابناءه موهمين الراي العام بان العراق قد قتله الذئب الإمريكي وحلفاؤه وباعونا بابخس الاثمان، حيث شاهد الجميع اشقاؤنا في مصر العربية قد فتحوا قناة السويس على مصراعيها لدخول البارجات الامريكية، وفرشت دول الخليج الارض ورودا للقواعد الامريكية، ومهدت سوريا اراضيها لاستقبال البعثيين، وتبنت الاردن المجاميع الانتحارية لترسلهم على بساط الريح لقتل ابناء العراق، وغيرها من المؤامرات التي يحيكها اخواننا في الدول العربية والمجاورة!! وعادت هذه الدول العظمى بعد ان تمكنت في اراضينا لتراودنا عن نفسها حتى ننغمس في ملذاتها الشيطانية لنكون كالخاتم باصبعها ولكي ننصاع لاوامرها لكنها كانت غير مدركة بما يحمله العراقي من كرامة وعزة نفس وغيرة على بلده. وها هو العراق اليوم يبكي دما وقد ابيضت عيناه لفقدان احبته الذين هاجروه وتركوه جبرا بسبب تكالب الاراذل عليه حيث تشير اخر احصائية الى هناك اكثر من اربعة ملايين عراقي قد هاجروا، من بينهم الكفاءات العراقية، والعدد يزداد يوما بعد اخر كون النزوح والهروب من البلد مستمر دون انقطاع. لكننا موقنين بان الله سبحانه وتعالى معنا وان النصر لقريب وسيفكّ الله اسرنا، وان يوسف العراق سيعود الى ابيه لتقر به عينه، ورغم اننا قد نعلنها صراحة أن حسابنا مع الأخوة العرب لن يكون قرين حساب يوسف وأبيه مع أخوته عندما عفوا عنهم، إلاّ أننا نتلمس صفحات التأريخ لنرى أن العراقيين كانوا وسيبقون أشرق مصداق للعفو والمسامحة.. وهذا سرّ ضعفنا.. وقوتنا.. لكن هل سيصحى الضمير العربي حيال ذلك ويقفوا مع العراق املا بان يمحي التاريخ صفحتهم السوداء.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |