|
بات واضحا أن الفساد المالي والأداري في العراق، وخاصة بعد سقوط نظام البعث الصدامي، قد ضرب أطنابه عميقا وتجذّر وترسخ، وأن الأطراف التي مارسته بشكل بشع في السابق واصلت عملها المجرم حتى هذه الأيام. وما كان لمثل هذا التوجه اللعين أن يتواصل لولا ضعف أداء الحكومة وعدم قدرتها على التعاطي مع هذه المسألة المصيرية. أننا اليوم نرى مظاهر الفساد في كل ركن وفي كل صوب، فالتعيينات في دوائر الدولة وخاصة الأماكن الحيوية مثل النفط قد أصبح لها ثمنها الذي يعرفه المواطن البسيط. والسلسلة تمتد من الموظف المباشر الى المدير العام أمتدادا الى الوزارة!! ويظل الحصول على جواز سفر هم المواطن العراقي لأنه يعرف أن ذلك لايتم ألا بدفع مبلغ يصل الى بضعة مئات من (الدولارات!!)، كما أن تنفيذ المشاريع في المحافظات، وخاصة المهمة منها، بدأ يرتبط بالمحافظ وحاشيته وأعضاء مجالس المحافظات بحيث بدأ الثراء يظهر بشكل مباشر وعلني وفاضح على هؤلاء المتلاعبين بقوت الفقراء. أن تردي الأمور المتعلقة بالفساد في العراق قد عمّق الهوة التي تضر بالفقراء والمحرومين، كما أنه أساء الى البلد أمام البلدان الأخرى وبدأ يزعزع الثقة بالحكومة المركزية لعدم أتخاذها الأجراءات الصارمة بحق المجرمين المعنيين. ونحن نسأل هنا: اين وصلت الأمور المتعلقة بالفساد الفاضح لوزراء سابقين (الدفاع والكهرباء وغيرهما)؟! أين الأجراءات الصارمة بحق الأحزاب (الدينية!) التي يمارس (قادتها!) في المحافظات سلطات دكتاتورية تذكرنا باسوأ أيام صدام حسين؟ أين المركزية المطلوبة في أدارة دفة الأمور لتحاشي تواصل الفساد وتأصله؟! مطلوب من الدولة أن تتخذ أشد الأجراءات قوة وصرامة بحق المفسدين وخاصة الرؤوس الكبيرة البشعة، وأن يكون لها وجودها الحيوي في عمل المحافظات حيث تقاسم النفوذ والثروات والسحت الحرام. لابد من نصرة الفقراء والمظلومين الذين تذهب أموالهم ظلما وعدوانا للجيوب المجرمة والأرصدة العفنة التي تودع في مصارف دول الجوار المتأمرة على العراقيين. لابد من تقديم العون والأسناد الى لجنة النزاهة لتمارس عملها بشكل دقيق ومباشر ومؤثر. لقد بلغ السيل الزبى وماعاد الأمر يحتمل أكثر من ذلك ياحكومتنا المنتخبة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |