|
يراود الكثير من المسؤولين العراقيين الأمل في عدم اندلاع حرب امريكية ايرانية, والخوف من ان يكون العراق ساحتها الرئيسية في حالة اندلاعها , وما ستتركه من مآسي جديدة على الشعب العراقي المنكوب اصلاً. ولاشك ان هذا الأمل والخوف مشروعان للحفاظ على الدماء العراقية الجديدة التي ستسفك, وبدل هذا الترقب والأنتظار الى ان تحل الكارثة, لتتوجه جهود هؤلاء المسؤولين للعمل على ايقاف تورط البعض من القوى العراقية المشتركة في العملية السياسية, والمشاركة في قيادة السلطة, من التورط أكثر لمصلحةالجانب الايراني, وهذا التورط هو الذي سيكلف العراقيين الأثمان الباهضة الجديدة . ان المواجهة بين المشروع القومي الايراني والأمبراطوري الامريكي شر لابد من وقوعه, مهما قيل ويقال حول ارجحية عدم المواجهة, لأن بقاء اي المشروعين رهين بزوال الآخر. والمرء لايحتاج الى ذكاء لمعرفة النتائج المترتبة على حسم هذا الصراع, بين نظام طائفي متخلف ومتهور, ويدعي امتلاك القوة, وفي نفس الوقت يستجدي ضرب وتدمير المؤسسات الخدمية للشعب الايراني في محاولة لأعادة الثقة به, واثارة "النخوة الوطنية" لدى الشعوب الايرانية بعد ان فقدت هذه الثقة نتيجة التضييق على الحريات , ومصادرة القرار السياسي لصالح الحرس الثوري فقط , والتدهور الأقتصادي وارتفاع الاسعار, والآثار السلبية العميقة التي تركتها العقوبات الدولية, وانتشار الفساد الاداري, والأدمان على المخدرات, وغيرها من السلبيات. اضافة لعداء دول الأقليم والخوف من توجهات النظام الطائفية, وكذلك النبذ العالمي للنظام, والذي توج بسلسلة العقوبات المتصاعدة. مثل هكذا نظام يعتقد اتباعه الطائفيون في العراق, بأنه سينتصر على مشروع امبراطوري لايزال في دور الصعود, بعد ان انتصر على اعدائه التقليديين الأقوياء "منظومة الدول الأشتراكية", وحسم اغلب الصراعات الجانبية مع الدول الرأسمالية الأخرى, ليتوج على رأس النظام العالمي الجديد , ويتربع على اكبر قاعدة تكنولوجية عسكرية متطورة, تجهل حتى الدول الرأسمالية الحليفة امكانياتها التدميري. ان قيادات النظام الايراني تحاول جاهدة ان تطمئن اتباعها في العراق, بأن الامريكان لايستطيعون مهاجمة ايران, لتورطهم في " المستنقع العراقي", والأدارة الامريكية "تخاف" من ردود الفعل العنيفة للجمهورية الأسلامية في ايران. هذه الردود المتنوعة من سد مضيق" هرمز "وقطع امدادات نفط الخليج علىالعالم الغربي, وتحريك "حزب الله" في لبنان, و"حماس" في غزة, والأهم ان النظام الايراني سيلقن الجنود الامريكان درساً سيكون اصعب من الدرس الفيتنامي, وذلك عن طريق الأحزاب الشيعية العراقية التي اشرف على تكوينها, ومول مليشياتها بالتدريب والسلاح والاموال. ورغم استحالة عدم المواجهة, نفترض ان الادارة الامريكية توصلت لأتفاق مع النظام الايراني, وتمت المساومة لمنح النظام الايراني النفوذ السياسي على العراق مقابل انفراد الامريكان بالنفط, كما يروج دعاة عدم المواجهة. فهل هذا في صالح العراق؟! لقد تخلص الشعب العراقي من النظام البعثي الدموي بعد اكثر من ثلاثة عقود, ودفع خسارات لم يتحملها اي شعب آخر, فهل من المعقول ان يدفع الى حفرة سوداء اكثر ظلامية من النظام البعثي, ولفترة لايعرفها الا الله . وهل سيقبل الشعب العراقي بذلك؟ ان الخسائر التي سيتكبدها العراقيون من تصفية الحساب بين الطرفين أهون بكثير من المآسي التي ستلحق بالعراق لو تم الاتفاق بينهم, ومن مصلحة العراقيين ان تكسر شوكت النظام الايراني, ولا امان للعراق ما دام النظام الايراني بهذا العنفوان القومي . وكان الأجدى بالحكومة العراقية – لواخذت المصلحة الوطنية على محمل الجد – ان تفرز الموالين لايران, وتتعاون مع باقي الاطراف لأقناعهم بالتوقف فوراً عن هذا النشاط المدمر لهم ولكل العراقيين, حتى لو اقتضت الضرورة استعمال القوة. ولكن, من اين تأتي للحكومة بهذا الحزم والوضوح, والمالكي لايزال يتعكز في موازنة رئاسته لمجلس الوزراء على ادوات النظام الايراني بالذات. وهنا تجدر الاشارة الى ان البعض لايزال يعتقد بضرورة دعم النظام الاسلامي في ايران, ولايميز بين الطموحات القومية الايرانية التي لبست الثياب الطائفية, وبين الحقوق المشروعة للشيعة العراقيين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |