|
عل الرغم من التهديدات احتفلنا كشعب يعشق الحب والحياة رغم كل الخناجر.. دسنا على الجراح وخرجنا نتبادل القبل والاماني.. مثل كل شعوب الدنيا احتفلنا في هذا العيد كما لم نفعل منذ شهور طوال.. في بغداد العزيزة التي لازالت توابيتها تحكي قصة ادم والبارود وعشق الحياة خرجنا الى الشوارع.. الاصابع تحمل الورد وتصطبغ بالحناء بعيدا عن الزناد.. بعيدا عن الرماد... فكل شيء جميل حتى الموت في بغداد. حتى المتفائلون بان العراق سينتصر في النهاية ومنهم انا لم نتوقع مثل هذه المظاهر السعيدة.. في كل شارع وتحت ظل كل شجرة وقف العراقيون ليقولوا انهم مازالوا هنا.. وان الحياة تسبق الموت وتنتصر عليه لانها متجددة بينما الموت واحد.. الحياة نحن نصنعها بينما الموت قدر كوني ولهذا فنحن قادرون على العطاء والانتصار ايضا. عندما تتجول في العيد في بغداد تعرف انك في مدينة تصارع الجراح وتتشبث بالحياة بغرابة لم تعهدها المدن القديمة والحديثة.. الشوارع التي غسلت بالدم ورائحة البارود وبللها الخوف الذي يقطر من السماوات ويعانق كل شيء طبطبت عليها ارجلنا في العيد لنقنع انفسنا انها الحقيقة وليست ذلك الحلم الذي نهشنا طيلة الشهور الماضية ...مراجيح الاطفال هدهت امالنا الغافية وانستنا وجعنا فيما امتدت قلوبنا مثل شريط ملون طويل يطير في كل بغداد يلقي تحية العيد على كل شرفات البيوت واوراق الشجر والطيور التي عادت لتحلق حذرة في سمائنا.. نسغ الحياة عاد ليورق في الرصافة والكرخ وتبادلت العيون التي كان يحاصرها الخوف والريبة والشك نظرات الحنين الى ان تشتبك الاصابع من جديد في رحلة البحث عن عيدية تعمر بها الجيوب ونتدافع الى التقاطها من اكف الاهل والاقارب... لم يعد الجار مرعبا بل صار رفيقا لنا من جديد في رحلة البحث عن عيدية... وقبلة... وامنية بعام سعيد قادم.. رائحة ملابس العيد الجديدة عادت من جديد الى ازقتنا والشوارع وبدانا نشم من جديد عطور النساء وروائح البخور وانفاس الطيبة والسلام.. ربما لم يكن العيد كما حلمنا به بالضبط.. ولكنه كان عيدا جميلا التمعت فيه من جديد نوارس دجلة وتماوجت على امواج نهرنا الهادئة غيوم السماء البيض تخبرنا ان الشتاء القادم سيكون كثير المطر وان رحلة البحث عن عيدية لن تكون طويلة.....
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |