هذه المرّة حزب اليتيم الأتاتوركي رجب طيب أردوكان يحارب الكورد

 

 أحمد رجب

ahmad.rustom@comhem.se

من جديد تعود حكومة تركيا الكمالية القمعية إلى عاداتها القديمة بدفع أزلامها وأيتامها للقيام بتحركات عسكرية مريبة ومكثفة على حدود كوردستان مستفيدة من سماح السلطات الدموية لنظام صدام حسين العروبي الشوفيني في الثمانينات التدخل في كوردستان بعمق عشرين كيلومترتحت ذريعة "تعقب المسلحين الكورد" حالها حال الأنظمة الإستبدادية والدكتاتورية البغيضة التي تعاونت في الماضي وتقاربت في إطار كتل أقليمية أو عقد محاور للإلتفاف على حقوق الكورد بحجج واهية وتبريرات عدوانية مختلفة.

وتختلف الحالة اليوم إذ انّ قادة العراق على مختلف الصعد يذهبون بإرادتهم وهمم "الرجولية" إلى تركيا ويتباحثون مع أقطاب الحزب الإسلامي الفاشيين في تركيا حول القضايا التي تخص اقليم كوردستان دون إستشارة الكورد أصحاب الحق، ومن ثمّ يوقعون على صكوك العبودية، وفي هذا الإطار زارجواد بولاني وزير داخلية العراق الديموقراطي الفيدرالي تركيا قبل أسابيع ووقعّ على بند يكون بمقدور القوات التركية على دخول العراق بعمق ثلاثين كيلومتر، أي بزيادة عشر كيلومترات على نظام المقبور صدام حسين، ومن المستحسن أن نذكر الجميع بالمثل الكوردي القائل: (الرحمة على سارق الكفن).

جاء في الأخبار بانّ رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوكان قد أكدّ ان حكومته تعد خططا للتفويض بعمل عسكري في شمال العراق لسحق (مسلحي حزب العمال الكردستاني)، وانه سيطلب من البرلمان التركي التوغل في أراضي كوردستان، وهو يعلم قبل الآخرين بأن إعطاء الضوء الأخضر للجيش التركي لشن عمليات عسكرية قرار خطير وسوف تكون له عواقب وخيمة لا على تركيا فحسب، وإنّما على كامل المنطقة، وقد اكد أردوكان إنه اعطى أوامره للاستعداد، عسكرياً، واقتصادياً وقانونياً وسياسياً، للقضاء على حزب «العمال الكردستاني».

وفي الإطار ذاته، بدأت أنقرة اتصالاتها الديبلوماسية مع الأطراف ذات الصلة لاطلاعها على نيتها التعامل بحزم مع هذه القضية، ولتوضيح وجهة نظر الحكومة التي ترى ان القانون الدولي وهي (سلعة جاهزة) لتركيا يسمح لها بالعمل العسكري في الأراضي العراقية. وقالت مصادر في الخارجية التركية إن الاتفاقية الأمنية الموقعة مع العراق تعطي تركيا الحق في الدفاع عن نفسها من أي خطر خارجي.

ومن المقرر أن يلتقي رجب طيب أردوكان الرئيس الأمريكي جورج بوش في واشنطن، إذ من المتوقع أن يطلب منه التحرك لطرد حزب «العمال الكردستاني» من العراق لتفادي العمل العسكري. وفي رأي العسكريين والساسة الأتراك أن نهاية الشهرالمقبل هي التوقيت الأنسب للهجوم، بينما تتحدث مصادر أخرى عن إمكان حل وسط، بالاتفاق مع اكراد العراق لطرد أو تسليم قيادات «الكردستاني» خارج الاقليم على غرار ما حدث عام 1999 مع دمشق حين طردت عبدالله اوجلان.

ان قاموس الإسلامي رجب طيب أردوكان مليء بكلمات وعبارات قذرة كنظامهم العفن تظهر حقد وكراهية أيتام أتاتورك ضد الكورد ومناضليهم، ويمكن ملاحظة هذه الكلمات والعبارات على سبيل المثال: سحق مسلحي حزب العمال الكردستاني، القضاء على حزب العمال الكردستاني، طرد حزب العمال الكردستاني.

ان المجرم المقبور صدام حسين وجيشه الذي تم تصنيفه بـ (رابع) جيش في العالم لم يستطع بقواده وأفراده وطائراته الحربية والسمتية ودباباته الحديثة أن يسحق الكورد ولا فصائلهم المناضلة التي قارعت نظامه وجيشه رغم إتباع كافة الوسائل الحربية الحديثة وإستخدام السلاح الكيمياوي المحرم دولياً، وسوف يمّرغ الكورد وجوه أقطاب العسكر والجندرمة الأتراك في الوحل، وستبقى دائماً جبال كوردستان الشماء ظهيراً قوياً للكورد والمناضلين الأشداء ضد الظلم والماكنة العسكرية.

لقد قال الزعيم الكوردي ورئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني:

نؤكد بأنّنا سوف لا نرى قتالاً كوردياً كوردياً في إشارة واضحة بأنّ كوردستان وطن الكورد جميعاً كما هو وطن لجميع أبناء القوميات المتآخية بتلاوينهم الدينية والمذهبية، وليعلم رجب طيب أردوكان وزبانيته من الطورانيين والعسكر أن الكورد لا يتعاملون مع أبناء الكورد مثلما تعامل فرسان النظام البعثي السوري في طرد الكورد على أراضي سوريا ، وهم غير مستعدين طرد أو تسليم أبناء الكورد للأنظمة العنصرية والشوفينية، فكوردستان وطن الكورد والكوردستانيين جميعاً، وفي إجتماع المجلس الأعلى للأحزاب السياسية في إقليم كردستان الذي عقد في مدينة أربيل برئاسة مسعود بارزاني رئيس الإقليم مؤخراً شدد على أن: {أي هجوم عسكري تركي سوف يواجه بمقاومة شاملة من قبل قوات البيشمركة الكردية والمقاومة الشعبيةْْ}.

وفي هذا الوقت بالذات تؤكد مصادر كوردية مطلعة ان حكومة كوردستان ابلغت انقرة مرات كثيرة استعدادها للتعاون السياسي والامني والاداري بغية وضع حل لوجود مقاتلي حزب العمال الكوردستاني في جبال قنديل، ولكن بشرط التخلي عن مخططات ومفهوم الاجتياحات العسكرية، كونها لن تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدا وصعوبة، والحل يكمن في الحوار والمفاوضات وفق مباديء حضارية محددة.
الا ان المشكلة كما ترى هذه المصادرهي في انقرة التي ترفض حتى قبول فكرة الحل السلمي وتصر على """هزيمة ساحقة""" لحزب العمال الكوردستاني من خلال اعلانه رسميا عن حل تشكيلاته العسكرية والسياسية والقاء سلاحه وعودة مقاتليه ومؤيديه في مخيمات مخمور الى تركيا وتسليم انفسهم دون اي ثمن في المقابل حتى ولو كان الاعتراف بحقوق الاكراد داخل الدولة التركية، والملاحظ ان حكومة انقرة ترفض الجلوس مع قيادة كوردستان والتحادث معها، وتعتبر مثل هذه الخطوة إعترافاً رسمياً بهم وباقليم كوردستان الفيدرالي.

أنّ حكومة رجب طيب أردوكان تواجه ضغوطاً قاسية من المؤسسة العسكرية المتوحشة والمتعطشة لإراقة الدماء وقصف القرى الكوردستانية الآمنة هذا من جانب، ومن جانب آخر يأتي الإصرار التركي لأهداف وغايات أخرى وليس العمل على مطاردة مقاتلي حزب العمال الكوردستاني فحسب، وإنّما العمل على تحجيم وتقويض التجربة الفتية لشعب وحكومة كوردستان، وزعزعة أمن وإستقرار الاقليم بغية إيقاف التحولات الجارية نحو التقدم والتطور في جميع الميادين، والقيادة التركية لا تريد رؤية بناء الاقليم، وتريد التدخل المباشر في مسألتي مدينة كركوك والفيدرالية اللتين أصبحتا شوكة في أعين الأعداء رغماً عنهم.

ان التدخل التركي إذا حدث يعتبر إنتهاكاً صارخاً لسيادة العراق، وهو موّجّه أساساً لزعزعة إستقرار اقليم كوردستان، ويشجع دولاً أخرى للتدخل لتنفيذ أجندتها الخاصة، ويؤّدي إلى إضطرابات وأعمال عنف داخل تركيا نفسها، إذ أنّ الكورد في شمال كوردستان سيشعلون النيران ويحرقون الرؤوس العفنة للقيادات العسكرية وأيتام أتاتورك من حملة الفكر العنصري والشوفيني، كما أنّ المصالح التركية تصلها أيادي الكورد في كل مكان من أنحاء العالم.

وإذا تم الاجتياح التركي لأراضي كوردستان فإنّ شعب كوردستان وقواه الوطنية وأحزابه السياسية بالإتفاق مع مقاتليه من البيشمه ركة الأبطال سيتصدون له، وقد تمّ إعلان ذلك على لسان قادتهم السياسيين والعسكريين، والمطلوب من تركيا الساعية لنيل عضوية الاتحاد الاوروبي تغيير سياساتها الهوجاء من القومية الكوردية وبقية الاقليات العرقية والدينية والتخلي عن الاستعلاء والغطرسة والتعاطي الايجابي مع المتغيرات التي يشهدها العالم في مجال صيانة حقوق الانسان وحقوق القوميات.

وتحاول تركيا منذ سنوات الظفر بإنضمامها إلى الإتحاد الأوربي، ولكن سجلها سيء للغاية، حيث أنّها تدّعي بأنها دولة "ديموقراطية" وفي نفس الوقت تستخدم سياسة العصا الغليظة بوجه منتقديها وخاصةً من الكورد، وقد دفعت الهيستيريا بحكامها إلى إستخدام السلاح المحرم دولياً ضد الكورد الذين يعيشون على أرض آبائهم وأجدادهم.

انّ أعداء الكورد يعملون بكل جد ونشاط في سبيل طمس الحقوق القومية لشعبنا الذي قدّمّ القرابين وقافلة من الشهداء الخالدين من أجل تحقيقها، ومن المؤّكد أن التجربة الوليدة في جنوب كوردستان تؤّثر بصورة أو بأخرى على دول الجوار ذات الأنظمة الدكتاتورية، وخاصةً تركيا الكمالية، وأن هذه الدول تقّييم الأمور إيجاباً فيما عملت حكومة الإقليم لمصلحتها أو لبّت طلباتها، وتتخذ مواقف متشنجة إن لم تعمل الحكومة وفق مشيئتها، ولهذا يتخذون مواقف عدائية للكورد، لأنّ حكومة الأقليم تدرك بأنّ عليها تلبية مطاليب الجماهير الكوردستانية، والعمل على تقوية أواصر العلاقة الأخوية بين فصائل الحركة التحررية لشعبنا الكوردي.

انّ ما يحدث للكورد من محاولات القتل وتصعيد الإرهاب واللجوء إلى تحشيدات عسكرية لضرب المناطق الآمنة في كوردستان عموماً، وجنوب كوردستان خاصةً ليست بمعزل عن التدخلات الإقليمية المدعومة والمسندة دولياً أحياناً لضرب المكاسب التي تحققت، وأهّمها تجربة جنوب كوردستان ضمن العراق الفيدرالي المتحد، ولا يقف الأعداء مكتوفي الأيدي، بل يحاولون بشتّى الطرق الجبانة ضرب مكاسب الشعب الكوردستاني وإجهاض التجربة التي يناضل الكورد مع إخوتهم من القوميات الأخرى أن تكون تجربةً ديموقراطية رائدة تضع الأسس القوية لبناء كوردستان الموّحدة كحق شرعي وعادل لشعبنا الذي يزيد عن أربعين مليون نسمة.

وفي الشأن العراقي الخاص بتهديدات تركيا والتلويح بدخول أراضي كوردستان يجب وبأسرع وقت إلغاء الإتفاق الأمني الذي وقعه المسؤولون العراقيون مع تركيا نهاية الشهر المنصرم، وان ذلك الإتفاق مشين ويأتي منافياً للدستور العراقي، وهو يشجع العسكر التركي للتوغل داخل اراضي كوردستان، ومن الأفضل لوزير الداخلية جواد بولاني الإعتذار للشعب وترك وزارته لأنّه أضّرّ بمصالح العراق، وعلى الآخرين الذين يتهافتون على زيارة تركيا عدم الإنصياع لمطالب ودعوات حكامها الفاشيين، ويجب على من يجلس في البرلمان العراقي أن يوازن بين كلماته ومصالح العراق وشعب وحكومة كوردستان، وعدم التخبط ونعت القوىالكوردية بالإرهاب،اوالزعم بأنّ كوردستان ملاذ آمن للإرهابيين.

 وليعلم، من لا يعلم بأنّ لحركة التحرر الكوردية في شمال كوردستان حضور دائم، وتنادي غالبية أحزابها وتنظيماتها بحق تقرير المصير حسب المواثيق والقوانين الدولية، وتتعّرض هذه الحركة إلى القمع المنقطع النظير الذي تشّنه الطغمة العسكرية ضد الشعب الكوردي بغية ثنيه عن الإستمرار في النضال من أجل حقوقه العادلة والمشروعة.

أنّ نضال الشعب الكوردي في جميع أجزاء كوردستان ضد الإضطهاد القومي، وفي سبيل تقرير المصير والوحدة القومية، هو نضال يحظى بدعم كامل من قبل الأحزاب والقوى اليسارية العالمية ومنظمات المجتمع المدني، وأنّ نجاح النضال التحرري للشعب الكوردي مرهون بوحدة القوى الديموقراطية والتقدمية الكوردية، وبتحالفها المتين مع الحركة الديموقراطية واليسارية في البلدان التي تعمل فيها القوى القومية التحررية الكوردية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبعوالنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com