|
في إحدى القنوات الفضائية الخليجية إعلان للتبرع لليونيسيف يريك سعر حذاء نسائي بمبلغ خرافي يستطيع أن يوفر ماء صالحا للشرب لمدرسة كاملة في إحدى الدول الأفريقية, التي تعد من أفقر دول العالم تساوي في فقرها العراق, يومها ظهر إعلان في إحدى الصحف الألكترونية فحواه (بأمر من فخامة السيد وزير الخارجية تقيم السفارات العراقية... والدعوة عامة) فكرت بالأمر ترى أية قاعة يمكنها استيعاب العدد الضخم من الناس, فعلى سبيل المثال في هولندا يتواجد عدد يفوق الأربعين ألف عراقي, وتحرك العرق.. فيّ لأحسب ما ستتكلف به وزارة الخارجية العراقية من مأكولات ومشروبات للشخص الواحد فسيكلف على الأقل 5 يورو للشخص الواحد على الأقل بمعنى أنه سينفق في هولندا لوحدها مائتا ألف يورو للأماسي الرمضانية التي منحت شعا ر التواصل والمحبة. السهرات الرمضانية للجالية العراقية في أوروبا هي تقليد ثابت وجزء من برامج الجمعيات والأندية العراقية المتواجدة في هذه البلدان, حسب إمكانيات الجمعية أو النادي في حصولها على الدعم المالي من الدولة التي تنشط فيها يكون مستوى النشاط , فالجمعيات التي تحصل على دعم مناسب تقوم بالتكلف لمستلزمات السهرة الرمضانية من مأكل ومشرب وحلويات وأحيانا الفرقة الموسيقية, أما النوادي التي ليس لديها هذا الدعم فيكون أعضاؤها مكلفون بجلب طعامهم وشرابهم وحلوياتهم فتوجه لهم الدعوات بطلب جلب ما يلزم, والهدف الأساسي هو التواصل مع الوطن ضمن استحضار أجواء عزيزة وذكريات حلوة تثير الشجن والحنين في نفوس العراقيين وتزين ظلمة غربتهم . إذن أن التواصل والمحبة من ضمن أهداف العراقيين ومنظماتهم ولم تأت السفارات العراقية بشيء جديد فالأمر هو واقع منذ سنوات. إنّ إتباع وسيلة (الوصول الى قلب المواطن من خلال معدته) أمر عرضي يكون فقط في ساعة مضغ الطعام أما بعد الخروج من الوليمة مهما كانت دسمة وعامرة , فسرعان ما تزول بعد غسل الفم من بقايا الطعام . والوسيلة الأبقى والأنجع لتحتفظ وزارة الخارجية بحب العراقي المغترب وتقرب المسافات وتزيل الفكرة القديمة عن نشاطات السفارات المخابراتية وتترك إحساس العراقي الذي يدخل السفارة بأنه في وطنه وبيته, هو حسن اللقاء والتعامل وسرعة إنجاز المعاملات بمعنى حينما يقابلك موظف الاستعلامات بوجه سمح يرد السلام ويجيبك بأدب لا عن استعلاء. أن يظهر السادة السفراء في مقابلات صحفية أو تلفزيونية يطرح هم العراق دون أن ينظر إليها من زاوية عرقية أو طائفية, بحيث يشعر المواطن بالفخر والاعتزاز بالسيد السفير فيقول(هذا من يمثلني), أن يحضر السادة السفراء أو من ينوب عنهم الفعاليات التي تقام في المناسبات المختلفة للمنظمات العراقية بغض النظر عن هوية القائمين بها, هذا ما يجعل الناس يرضون عن أداء وزارة الخارجية المتمثلة بسفاراتها دون الحاجة الى هذا العناء وهذه النشاطات التي يتمكن مواطنوهم القيام بها وبأ بداع. عوضا عن الجولات المكوكية في المدن للالتقاء بالمواطنين من خلال موائد باذخة, كان من باب أولى أن توجه دعوات السادة السفراء العراقيين الى نظرائهم سقراء الدول الأخرى لشرح وجهة نظر الحكومة العراقية بقضايا تمس الشأن العراقي وتوضيح الأمور التي تحتاج الى تفسيرات, هذه هي مهمات وزارة الخارجية وسفرائها. أما ماعدا ذلك فسيكون خلط بين مهام السفارة ومهام المنظمات الاجتماعية العراقية ويتحول السادة السفراء الى منافسين جديين لرؤساء النوادي والجمعيات وهذا سيكون بدون شك لصالحهم لكونهم يمتلكون إمكانيات دولة. تعليق أخير حول مآدب وزارة الخارجية العراقية وتساؤل هل هي فعلا لكل الطيف العراقي!! الصور التي أطلت علينا من خلال التغطيات الإعلامية تقول أن الصورة ناقصة ينقصها المكونات المختلفة, حيث اختفت وجوه وبرزت وجوه في أكثر من مأدبة في بلد واحد شممت منها رائحة العرقية والطائفية, في نشاط يقال عنه محبة وتواصل!!
هوامش.. لم أتطرق الى مسألة أولويات الأنفاق من توفير الأمصال الواقية ضد الكوليرا أو التصدق على المهجرين لأن الأستاذ مهدي قاسم قد سبقتني في مقالته فلا حاجة للتكرار. هامش آخر .. في إحدى الصور يظهر أحد السادة السفراء من البلدان الأوربية يلقي كلمته عن مضمون التواصل والمحبة في جمهور الحاضرين, خلفه يقف الحماية يذكرني بأفلام الأكشن جامد الملامح أصلع الرأس متحفزا للانقضاض على من يحاول التقرب من جناب السفير.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |