ايها المهاجرون من فيافي الوطن الى فيافي الجوار العنوا توينبي... واعلنوا البراءة من نظرية سقوط حضاراته.. سبوا المغول. وارفعوا اكفكم بالدعاء من اجل ان يزج الله في جهنم الغزاة.. وان لايستثني ابو لؤلؤة فيروز ولا ابن ملجم والشمر والحجاج من عذابات الدرك الاسفل ...فلاعاصم اليوم لكم من ارادة الشيطان.. فحتى الجبال التي كنت تتحسرون عليها وتبحثون عن معرف يستميح لكم سلاطينها لتدخلوها بسلام امنين غزتها الكوليرا لترفع على بيوتاتها الرايات الصفر.. قدركم ايها الاخوة اينما تولوا وجوهكم ان ثمة وجه للوطن ..وجه تتمزق ملامحه وتضيع في غمامة من الامراض والاوبئة والقلق والشحوب الذي لايمكن ان تنتصر عليه مساحيق التجميل التي نقدمها لانفسنا ونحن نتذرع بأن الوطن بخير.. وأن كل شيء على  مايرام  جدا..  فللوطن وجه واحد لاعدة وجوه ..هذا مالايدركه الحمقى الذين لايستطيعون الا ان يرى كل منهم زاوية واحدة فقط ..ولهذا السبب تصطاده الجراحات وتتغلغل فيه عميقا الندب ..تحرقه حماقات الاخوة الذين يدعون جميعا انهم يدافعون عنه..
يقولون ان الاعور في بلد العميان ملك.. ولكنه في بلد العوران مصيبة... ونحن مبتلون بالعوران... وكل منهم ينظر صوب تلك النقطة التي تسعفه بها عينه المفردة يفعتقد بانها الحقيقة الوحيدة المطلقة ويمزق ماسواها..

مصيبتنا ايها الساده اننا نمزق خريطة الوطن ..كلنا نريد ان نقتطع بيوتنا من على الخريطة لنقول  للاخرين هذا بيتي.. مصيبتنا اننا جميعا  نريد ان نجلس على كراسينا بينما نحرق كل اثاث المنزل كما يفعل الاطفال... اصبحنا مولعين بحرق كل شيء خارج حدود كراسينا.. ولافرق بين قطع الاثاث وبين ابدان الاخوة... عشقنا للنار فاق كل تصو ... ولهذا نجتهد في ان تظل السنتها طويلة.. تقذعنا باللعنات وتصب علينا حميم عذابها ..ومثل الالهة المنقدسة صرنا نلقي في قلبها المزيد من القرابين كل يوم... ليستمر الحريق.. الذي قد ياتي على كل شيء.. حتى نحن...