|
وزارة الخارجية في أغلب دول العالم لديها ختم تصادق فيه على مختلف الوثائق الصادرة من مؤسسات الدولة لتستخدم في الدول الأخرى, وختم الخارجية فيه عبارة تقول: نصادق على صحة الختم الموجود. والمقصود ختم الدوائر والمؤسسات المصدرة لهذه الوثائق, ووزارة الخارجية ترفع عنها بهذه الملاحظة الحرج القانوني والأخلاقي لدى الدول الأخرى ودولتها فيما اذا ظهرت هذه الوثائق غير كفوءة او مزورة, وتضع مسؤوليتها على الدائرة التي صدرتها . وكان من الضروري لمرجعية آية الله العظمى السيد علي السيستاني ان يتوخى مثل هذا الحذر عندما اوصى بتشكيل لجنة سداسية تعمل لتشكيل قائمة "الائتلاف", لتدخل الأنتخابات مصحوبة ببركاته, وكان يحدوه الأمل على ان وحدة الأحزاب الشيعية ستكون الضمانة الحقيقية لأنصاف الجماهير الشيعية والعراقية, والمحافظة على مكتسباتها. ومن اين له ان تعرف طيبته وسماحته ان القيادات السياسية الشيعية,- ومقلديه بالذات – سيكونون الأدوات الدموية التي ستجرد الجماهير المنكوبة من الشيعة قبل غيرهم من العراقيين حتى من الحقوق التي كانت تتمتع بها ايام النظام المقبور, وتحرمهم من لذة الأمان والعيش الكريم, وتنشر مليشياتها كالسرطان لتصادر الحريات الشخصية لهذه الجماهير, وتفرض اجندتها الطالبانية السوداء. لم يدر في خلدنا في يوم من الأيام ان "الهدنة" الأولى في الصراع الدموي الذي يريد ان يفترسنا ويفترس وطننا, سيجري التوقيع عليها بين اكبر فصيلين شيعيين "المجلس الأعلى" و "التيار الصدري" . كنا نتوقع ان تكون بيننا نحن العراقيين وبين سلطات الأحتلال, او بين العراقيين والنظام الايراني الذي استباح وطننا وحاله حال الأحتلال ان لم يكن اسوء, او بيننا نحن ابناء المقابر الجماعية والأنفال وكل شهداء الحركة الوطنية وبين القتلة من البعثيين وحلفائهم من تنظيم " القاعدة" وعصابات التكفير السنية. اما ان تكون بين الفصيلين الشيعيين المنضويين في قائمة واحدة فهذا ما لم يكن في الحسبان . كنا نتصور ان القيادات السياسية لكل الفصائل الشيعية المتناحرة لم تمتلك السيطرة الكاملة على مليشياتها , وباقي عناصرها الفاعلة. ونزاعاتها الدموية تجري اغلبها بين اداراتها الوسطية والقاعدية لغرض الأستئثار بالسلطة والجاه والمال , ولكن بهذا التوقيع على "الهدنة" اكدا بانهما المسؤولان عما يجري للطرفين. السيد عبد العزيز الحكيم والسيد مقتدى الصدر ورثة العائلتين العريقتين, اللتين موضع اعتزاز كل العراقيين من عرب واكراد, اسلام ومسيحيين وصابئة ويزيديين وشبك, وشهداء العائلتين قلائد في عنق تاريخ الحركة الوطنية المجيدة وتضحياتها الجسام , والشيعة العراقيون منحوا أصواتهم لكم اعترافاً بنبل شهدائكم , وتمثلاً لتوصية المرجعية التي غدرتم بوفائها وبركاتها, نعم لم تحترموا ذكرى شهدائكم ولا جماهيركم ولا صوت حق المرجعية, وطفتم على مياه السلطة الجاه. وتحولت حروبكم لأجل سرقة اموال المراقد المقدسة في النجف الاشرف سابقاً وكربلاء لاحقا, واغتصاب ومصادرة العقارات والمؤسسات وفرض اسعار شرائها بأبخس الأثمان سواء من الحكومة او من اصحابها الشرعيين, تحولت الى وقائع تذكر العراقيين بعوائل خير الله طلفاح, وآل المجيد, وباقي البعثيين المتنفذين . وليت الأمور بقت عند هذا الحد, الا ان الأنكى ان "الهدنة" فرضت عليهم من قبل النظام الايراني الذي يريد ان يلملم الاطراف التي يمكن ان يزجها في حربه المنتظرة مع الامريكان , وليس استجابة لمطالبات باقي الاطراف في القائمة او الاطراف الوطنية الأخرى , او الرغبة المتكررة لمرجعية آية الله العظمى السيد علي السيستاني في حقن الدماء. وجرى التوقيع في طهران وليس في بغداد اوالنجف الاشرف , وبأشراف مخابرات فيلق القدس الايراني وليس بأشراف الحكومة العراقية التي يقودونها, او تحت سقف البرلمان, او تحت اشراف المرجعية الكريمة . ورغم عودة المعارك في الديوانية بعد يوميين من توقيع "الهدنة", الا ان العراقيين يريدون ان يعرفوا ما جرى الاتفاق عليه بين الزعيمين "الوطنيين" تحت اشراف النظام الايراني, لأن حصيلة الأتفاق سيجري تنفيذه على ارض العراق, وادواته ابناء العراق.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |