عودة أيام ـ الفتوة والشقاوات ـ في أحياء بغداد ..!!

 

 

جلال جرمكا/ كاتب وصحفي عراقي/ سويسرا

عضو ألأتحاد الدولي للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية

tcharmaga@hotmail.com

 لحد نهاية الستينيات من القرن الماضي.. كانت هنالك وفي أكثرية المحلات البغدادية عدد من الفتوة والشقاوات ..وهؤلاء البشر كانوا مشهورون في مناطقهم وبقية المناطق ألأخرى.. ولعل سبب وجود هؤلاء هو ضعف الحكومة والسلطات ألأمنية..لاغير!!.

نعم كانت لمناطق/ باب الشيخ.. الفضل.. قهوة شكر.. باب المعظم ..الكسرة .. الأعظمية.. الكاظمية.. وباقي المناطق ألأخرى شقاواتهم.. وكان لكل واحد منهم عدد من أتباعه يحركهم كما يحرك اللاعب أحجار الشطرنج ..وواجباتهم كانت كالأتي:

ـ أخذ ألأتاوات من أصحاب المحلات وألأثرياء في المنطقة .

ـ حماية أهالي المنطقة من الغرباء .

ـ اللجؤ الى أجراء المصالحة بين المتخالفين على أمر ما .

للتأريخ كان هؤلاء الناس متمسكون بعدد من العادات والتقاليد الجميلة ..منها عدم ألأعتداء على الضعفاء وأحترام النساء وألأطفال والشيوخ والفقراء.

سمعت من أكثر من جهة بأن أحد أشقياء منطقة / ساحة الفردوس في شارع الكفاح كان يوزع ألأتاوات على العوائل الفقيرة ..لذلك كانت له شعبية منقطعة النظير بين تلك الشريحة الواسعة في ذلك الوقت !!.

قرأت بأن الذي قضى على ظاهرة الشقاوات في بغداد ، هو البلطجي المجرم القذر / ناظم كزار ـ مدير ألأمن العام ـ ألأسبق ..نظراَ لخبرته في مجال البلطجة وأساليبهم ..لقد أمر جلاوزته بجمع كل الشقاوات وأمرهم أن يختاروا طريقين :

1 / ألأنضمام الى جهازه القمعي .

2 / أحالتهم الى المحاكم المختصة لينالوا عقوبة كبيرة .

أختار ألأكثرية ألأختيار ألأول وأصبحوا من رجال ألأمن والتقيد بأوامر كبير البلطجية / ناظم ألأعور .. والبقية قتلوا بشتى الوسائل !!!.

حول ظاهرة الشقاوات وظهورها قرأت للدكتور / محمد الدعمي .. مايلي :

[مع انهيار الدولة العباسية على أيدي هولاكو خان سنة 1258 ووقوع العراق على الطريق الدولية )العامة( للغزوات، خاصة من القبائل التركمانية، كالجلائريين وقبائل آق قوينلو وقره قوينلو، الخروف الأبيض والخروف الأسود، وسواها)، أخذت ظاهرة العيارين بالاضمحلال لتسمح ببروز ظاهرة الأشقياء، وهم أفراد يبسطون سطوتهم وسيطرتهم على إحدى محلات (أحياء) بغداد، كنوع من أنواع التعويض عن غياب السلطة المركزية وكإجراء لحماية الذات. لذا فقد احتفظ كل شقي بمنطقة نفوذه الخاصة، حيث كان يسلك سلوكاً يذكرنا بسلوك روبن هود في التراث الانكليزي، لأن الشقي هو أصلاً خارج عن القانون حيث يشكل تحدياً للسلطة المركزية من خلال العلاقة التنافسية مع هذه السلطة غير القادرة على بسط نفوذها في مختلف زوايا بغداد وأحيائها. إذاً، الشقي كان لصاً، وبنفس الوقت، كان الشقي لصاً مهذباً ملتزماً بعدد من مبادئ الفروسية الوسيطة لأنه كان يسرق من الأغنياء والميسورين ولا يتردد في مساعدة الفقراء ودعم المظلومين ومد يد العون للنساء، باعتبارهن جنساً مستضعفاً في مجتمع ذلك الوقت. كما أنه كان هو المسؤول غير المعلن والضمني عما يحدث في منطقة سيطرته، فإذا ما حدث شجار أو حدثت سرقة، غالباً ما يذهب المتخاصمون أو الضحايا إلى الشقي لإحقاق الحق أو لحل المشكلة أو للتحكيم، ولكن بطريقة قسرية لا يجرؤ أحد على مناقشتها أو الاعتراض عليها. هذه هي الآلية التي اعتمدتها أحياء أو محلات بغداد كتعويض عن غياب السلطة وضعف أدوات القانون] .

اليوم/

أختفت الشقاوات والفتوة..ولكن للأسف تظهر على الساحة جماعات بأسماء مختلفة الا وهم / الميليشيات المسلحة .. لكل جماعة من غير أستثناء مليشياتهم.. موزعون على مناطق العاصمة / بغداد.. واجباتهم معروفة ..أنهم ينفذون ألأوامر وبشكل مضبوط لابل حتى المبالغة :

ـ أنفجارات.. قتل .. أختطاف.. لافرق عندهم بين الرجل والمرأة والطفل الرضيع ..المهم أرضاء أسيادهم وبس !!.

أنهم يختلفون عن الشقاوات بكونهم يحملون أنواع ألأسلحة المختلفة ولايحسبون أدنى حساب للسلطة وأجهزة السلطة !!. .. منهم من يسيطر على البانزينخانات.. منهم على المعامل الصناعية المختلفة.. منهم على ألأسواق والمحلات.. منهم ومنهم... ومنهم... لعد وين الحكومة وألأجهزة  ؟؟؟.

ـ حمدان.. تكَدر أدكَولي شنهو السبب؟؟؟.

ضحكتني.. وهاي مايرادلهة روحة للقاضي..

ـ شلون ...؟؟

أخوية في غياب السلطة والقانون يظهر كل شىء من ضمن هذه ألأشياء المليشيات والخارجين عن القانون ..

ـ والحل ؟؟؟؟؟؟؟

الحل ..؟؟ الحل..؟؟ .. ماكو إلا حل واحد ..

ـ وهو ...

وجود سلطة قوية وحكومة وقانون وشرطة ..

ـ حمدان هذا كله موجودة..

صحيح ....... بس بالمشمش ..

ـ يعني قصدك ؟؟؟.

قصدي..الف رحمة على شقاوات أيام زمان...

ـ يعني بدل التقدم نرجع ليورا ...

طبعاَ.. شعبالك.. هذه هي ديمقراطيتهم والعلاقات المتينة مع جار السؤ... كمل الباقي..

ـ اللهم أبعدنا عن جار السؤ آلآف الكيلومترات ..

لا عاب هالحلكَ.. رحمةالله على والديك ووالدين شقاوات أيام زمان !!!.

ـ يعني برأيك شقاوات كَبل جانوا أحسن ..؟؟.

 الف مرة.. أقلاها كانوا عراقيين .. ماياخذون تعليمات من الجيران!!... ومايستخمدون/ الدريل في ثقب رؤس أساتذة الجامعات وألأطباء والعلماء...!!!.

حمدان أنت تعرف كلشي.. ياترى كل العراقيون يعرفون هالحقائق...؟؟.

لاتخاف عالعراقي.. واحدهم أمفتح باللبن...

ـ أتمنى ذلك..

.العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com