المراهقة

د. عباس العبودي

قصة ودروس

نضعها بين يدي الآباء والامهات

القصة:

في بيت ابو ليد أخذت الأم تعد مائدة الطعام للغداء.. تلك المائدة التي يجتمع عليها كل أفراد العائلة ولا يفوتها أحد منهم أبدًا مهما حصل
 فأخذت الأم تردد :

هذا طبق أبا وليد.. وهذا طبق وليد ابني الكبير.. وطبقا مروان ومريم توأماي الصغيران.. ثم.. هذا طبقي.

اخذ أفراد العائلة يتوافدون على المائدة حتى اكتمل العدد

 بدأ أبو وليد: بسم الله .. بالهناء

 بدأت أيدي الصغيران تمتد نحو الطعام

بينما وجّه الأب كلمة إلى وليد ابنه ذو الرابعة عشرة عامًا: ماذا فعلت في المدرسة اليوم يا وليد؟ أرجو ألا يشتكي أحد منك فلقد تغيرت في تلك الأيام وبدأت الشكاوى تكثر منك.. ومن أفعالك المستهترة

ثم أردف الأب قائلاً: لقد كنت أظن أنك كبرت وأستطيع أن اعتمد عليك .. ولكن.. المهم.. لماذا لا تأكل؟

وأثناء الحديث كان وليد يطرق بشوكته على الطبق وكأنه لا يستسيغ الحديث

 تدخلت الأم موجه الحديث لوليد أيضًا: ما هذا الذي ترتديه؟ وما تلك الألوان البشعة؟ ألم اختر لك أمس ما ستلبسه؟
أخذ الطرق يزيد ويعلو صوته

 عاد الأب موجهًا الحديث لأبنه وهو يمسك بشعره: وما ذاك الذي تضعه على شعرك؟
والطرق في ازدياد 

ومازال الأب يقول: وما تلك القصة الغريبة؟ اترك الشوكة ولا تطرق على الطبق وأنا أكلمك هنا تهوي يد الفتى على الطبق لتكسره وينتفض صائحًا: ماذا تريدون مني أنتما الاثنان؟ ألم تكتفيا مني بعد؟

تديرون أموري وكأنها حياتكما أنتما لا حياتي

افعل.. لا تفعل

خذ ذاك.. دع هذا

حتى ألوان ملابسي تختارونها وقصة شعري

حيوان أنا أم جماد؟ وتأتي طامتي الكبرى.. اسمي الذي طالما كرهت أن أنادى به، لقد جعلتماه جحيمًا لي قد صرت به حقًا اسم على مسمى  وليد، أنا مجرد وليد حتى وأن صرت كبيرًا ، بقيت لكما وليد .. وليد .. وليد أخذ الفتى يردد اسمه وهو يتجه إلى غرفته ليصفع الباب من ورائه

*******

 اهتزت كل خلجة في جسد الأب لينظر ناحية الأم يجدها تنظر إلى باب الغرفة في ذهول وهي تكتم دمعة تريد الهرب من بين جفونها لتقول للأب : ما الذي يحدث؟ ماذا فعلنا بوليدنا؟  أطرق الأب رأسه هربًا 

*******

الدروس من القصة

نقول لا يا أبا وليد ليس الوقت وقت الإطراق ولا الهرب

ويا أيتها الأم الحنون ليس الوقت وقت البكاء

 فمازالت هناك فرصة.. ولكن يجب أن تسألا نفسيكما

 لماذا تطورت الأمور لتصل إلى ذلك الحد المريع؟

 أين الخطأ؟ ومن السبب؟ وما العمل؟

يا أيها الأب، ويا أيتها الأم  المشكلة ليست في وليدكم- الكبير  ولكن فيكما أنتما ، فأنتما لم تفهما تلك الفترة الصعبة التي يمر بها ابنكما أنها المراهقة وأولى خطوات الحل تبدأ من هنا 

*******

ايها الابوين العزيزين

افهما طبيعة مرحلة المراهقة

يمر المراهق بتغيرات رهيبة في تلك المرحلة

ففترة المراهقة تعد بمثابة أرض محايدة للمراهق

 فلا هي أرض الطفولة التي يعرفها ويجيد التعامل مع مكوناتها ولا هي أرض الرشد  التي لا يعرف عنها شئ أصلاً والمراهق غالبًا ما يكون في وضع غامض محيّر بين الاثنين  لا يعرف مركزه أو ماهية الأدوار التي يتحتم عليه القيام بها والمراهق يتصف في تلك المرحلة بالآتي 

طغيان حالة الانفعال السلوكي وعدم

عدم الثبات في القرارات  وطغيان حالة التحدي في قرارته

المراهق يتأرجح بين المتناقضات

حب ، كره

فرح ، حزن

حماس ، فتور

الحساسية الزائدة

نقص الثقة في النفس

 ويرجع ذلك نتيجة لشعوره بالاستقلال

 ولكنه لا يستطيع الاستقلال فعليًا

شدة الحياء و نقص الكفاءة

 فهو يرى نفسه راشدا ولكنه تصرفاته مازالت متشبثة بطفولته

الضغط الاسري والاجتماعي

وهي تلك القيود التي يظن المراهق أنها تعيق انطلاقه

ستنظر إلي قائلاً: هذا ابني إذًا؟

كيفية تجاوز ازمة المراهقة

بامان ومن دون خسائر؟؟

الـتـواصـــل مع المراهق

إذا نظرنا إلى الأجيال في تعاقبها لرأيناها تتواصل

يقطعها بين الجيل والجيل الآخر مفصل المراهقة

وهو مفصل فاصل واصل معًا فاما أن تجيد التواصل

 أو تنقطع الصلة الجيلية بينك وبين ابنك المراهق

فما هي خطوات التواصل الجيد؟

*******
الخطوة الاولى

اجلس معهم وانفتح عليهم  وتحدث معهم

وتجنب مايلي:

 المكابرة والعناد بقولك أنا أعلم منك

 الفوقية في التعامل  أنت جالس وهو واقف او بالعكس

 الخطوة الثانية:

ابذر حالة الاطمئنان والصدق بينكما واكثر من قول

 أنا أحبكم وانتم اصدقاء لي 

الخطوة الثالة:

 اختيار الوقت والمكان المناسب للحوار والانفتاح

ويفضل ان  يكون في مكان جميل كمتنزه  او مطعم او غيرها من اماكن الراحة  وتتوفر فيه حالة من الخصوصية حينما يكون الحديث بينكم.

 ويجب ان يراعي الوالدين

 في الحديث والحوار مايلي:

 الرفق واللين

 الحوار بالدليل

 تحديد الهدف والغاية من الحوارر

 عدم اطالة الحوار

 عدم التكرار في لحوار

 التمس العذر للخطا المرتكب

 اعنهم على بركم واحترامكم

 اشعروهم دائما بحبكم لهم ونصيحتكم ماهي الا نتاج تجربة حياتية واخطاء ونتيجة لهذا الحب والعلاقة بينكم تتمنون ان يخطا الاولاد بما اخطاتم

 الخطوة الرابعة

 عدم التصيد للأخطاء
لتحرص على عدم المقاطعة كلما وجدت تناقض في حديث المراهق  لأن ذلك يجعل المراهق يحجم عن المشاركة في الحوار وإدلاء ما عنده.. قد لا تعبر الكلمات 100% عما يجيش بصدر المراهق

 الخطوة الخامسة

شجعهم على افراغ مايحملونه في صدوركم بالكلمة الطيبة والحنان ,واكثروا معم الكلام الجميل ,مثلا  هذا حسن , هذا جيد, بارك الله فيكم , افرحتني, انك عاقل ناضج , انك ناجح ومجد  وامثالها .

الخطوة السادسة

كن دائما مستمع جيد  اليهم من مهارات الاستماع للمراهق النظر بهدوء إلى عين المراهق ، وعدم التحديق به -الاستماع إليه بالاهتمام المناسب -الانتباه إلى الإشارات الجسمية : اليد ، الشفاه-  تقليل المقاطعات بقدر الإمكان - الانتباه إلى نبرة صوت المتحدث -وانتبه إلى أن خبراتك كأب تختلف عن خبرات ابنك المراهق لذا فالبحث عن معنى الكلمة أصدق من التفاعل مع شكلها وحروفها   وإليك أمثلة لبعض الأسئلة التي يمكن أن تسألها حتى تتبين المعنى
هل يمكن أن تضرب لي مثالاً على ما تقصد؟
ماذا تقصد بـ .....؟ كيف تشعر تجاه ما حصل؟

 الخطوة السادسة

افتح له باب العودة وذلك بالتشجيع والقبول في حالة توبة المراهق وتركه الفعل السيئ يقول تعالى: قُلْ يَا عِبَادِي الًذِينَ أسْرَفُوا عَلَى أنفُسهِم لا تَقْنَطُوا مِنْ رَّحْمَةِ الَّلهِ إنَّ الَّلهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.. الزمر 35

الخطوة السابعة

 ادعوا لهم بالتوفيق والصلاح الدائم

*******
بعدما ادرك اب وليد وامه انهم كانوا على خطا في تعاملهم مه ولدهم . قامت الأم لتزيل ما تبقى من الطبق، ونظرت إليه مبتسمة  يبدو أنك لست وحدك الذي ستلقى في القمامة  ولكن سنلقي معك أفكارنا وطرقنا القديمة أيضًا

لم يجد الأب سوى الابتسام  وقام لغرفة وليد ليبدأ معه صفحة جديدة

 *******

 وليكن شعارنا الدائم

 يبقى الود، ما بقي الحوار 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com