من دفتر ذكرياتي في معتقل/ أبوغريب الحلقة/ 35، عنوان الحلقة، في قسمنا / مهندس ياباني!!.

عنوان الحلقة غريب نوعما.. ياترى ماذا يعمل مهندس ياباني في قسم السياسيين في معتقل/ أبوغريب؟؟ .

نعم بالرغم من وجود قسم خاص بالعرب وألأجانب إلا أنه كان هنالك ـ يابانياَ ـ بيننا ومحكوم بالمؤبد !! .. اليس من العجب ..؟؟.

لنقرأ ونطلع على التفاصيل ............

من العادات الجميلة والتي لا أنساها أبداَ ، نوعية ألأستقبال الذي يشمل كل محكوم جديد ويدخل ذلك المعتقل السىء الصيت ( أبوغريب ) .. يستقبلوه أستقبالاَ لا يتوقعها أطلاقاَ .. حيث يتجمهر حوله العشرات وكل واحد يعرض خدماته عليه ..

شخصياَ ويشهد الله لم أتوقع ذلك الترحاب وكرم الضيافة..!! وأين في أبوغريب.. هكذا هم أهلنا وناسنا وأينما كانوا ..

في الواقع حينما وجدت تلك المعاملة نسيت الكثير من الهموم والمعضلات التي واجهتني خلال وجودي في معتقل / الحاكمية في المخابرات .. وهذه الحالة تشمل الجميع.. لافرق بين ( زيد وعبيد).. لايهم من هو ؟؟ ومن أين ؟؟؟ ، أنها حالة تعودوا عليها... يامحلى  كرمكم أيها العراقيون ... فعلاَ أهل كرم وغيرة ...

من الذين جائوا لعرض خدماتهم والتعرف على وعلى الناس الجدد شاب وسيم ورياضي وألأبتسامة على وجهه.. قدم نفسه ضاحكاَ:

ـ المهندس../ نمير الياباني..

تعجبت جداَ.. ياباني.. ويتكلم العربية بطلاقة.. ياترى ماذا يعمل هذا ألأخ الياباني هنا؟؟؟ وألأهم ياترى كيف تعلم هذه العربية باللكنة البغدادية الجميلة؟؟؟.

نعم شكله 65% وأكثر ياباني أصلي..لايقبل النقاش..

ظلت تلك (الحسبة) في بالي ولكن لابد أن أنتظر.. اليس كذلك؟؟ أمامي مشوار طويل في أبوغريب.. وحينها لكل حادث حديث ..

بعد ساعة  سألت أحد الموجودون في الغرفة التي وضعوني فيها عن قصة هذا المهندس؟؟.

أجابني الرائد الطيار / خالد من أهالي مدينة الموصل :

ـ أنه مهندس الكترون.. والده من سامراء.. طبيب أختصاص في ( وخز ألأبر ) خريج كلية الطب في اليابان.. وزوجته ( أم نمير ) يابانية وطبيبة هي ألأخرى وفي نفس ألأختصاص .. لذلك ترى أن وجه / نمير وكأنه ياباني أصلي !!!.

ياترى ماهي تهمة هذا المهندس؟؟ وكم هي عدد سنوات حكمه ؟؟؟.

ألأخ المهندس كان مدان ومتهم بكونه كان يتجسس لصالح / أسرائيل.. وقد حكم عليه بالمؤبد ، أي عشرون عاماَ فقط وغير مشمول بكل قرارات العفو ..!!.

ولربما هنالك من يسأل لماذا لم يعدم .. لكونه جاسوس ولتلك الدولة ؟؟؟.

كلام منطقي.. ولكنني علمت مايلي ومن شخصه :

أنه كان موقوف في المخابرات.. ظل هناك أكثر من سنة.. كانت هنالك العديد من الدلائل تشير وتؤكد تهمته.. ولكنه لم يكن لديه أعتراف بذلك.. وألأهم أن المحقق الذي كان مسؤل عنه كان قد أوصى أن يحكم عليه بالمؤبد.. مع وضعه تحت المراقبة.. أقل هفوة أو تصريح منه قد يعاد الى المحاكمة وتنفيذ حكم ألأعدام بحقه.. وهكذا ينجو من ألأعدام !!.

عائلة محترمة ..ألأولاد عكس والديهم !!! :

بعد فترة وألأستفسار من ألأخوة الموجودون في القسم تأكدت أن / نمير ينتمي الى عائلة محترمة حيث والده من أهالي / سامراء وله أحترام في المجتمع وعلاوة على ذلك أنه طبيب ناجح في مجال عمله .. ولكن العلة في ولديه حيث :

1 / المهندس / نمير متهم بهذه التهمة.. وتهمته لاتشرف العائلة والمجتمع !!.

2 / شقيقه ألأصغر أتهم بسرقة عدد من السيارات مع عصابة في منطقة / المنصور..لذلك حكم عليه بالأعدام.. وأعدم !!!.

في كل (مواجهة) كان الوالدان يحملان الكثير من المواد لأبنهما.. والذي لاحظته أن أكثرية المواد كانت (يابانية) وكثيرة بحيث تكفي لعدد من ألأشخاص!!.

المهندس/ نمير كان هادىء الطبع.. يطالع ألأنكَليزية بكثرة.. وألأهم كان بمثابة نعمة للجميع.. حيث كان المصلح الوحيد للتلفزيونات والثلاجات العاطلة ومجاناَ!!.

الغريب في ذلك الشاب هذه الحادثة والتي كانت غريبة بكل المقاييس:

توسط لأكثر من مرة ليكون (طباخاَ) لمدير القسم وبقية الضباط !!!.

وأخيراَ حصلت الموافقة وظل يطبخ لهم (من مواده) للمدير والضباط.. تعجبنا جميعاَ.. مهندس ومن عائلة ميسورة يتنازل ويصبح طباخاَ للضباط !!!..اليس عجيباَ ؟؟؟.

كان يخرج من القسم ويبقى في ألأدارة حيث (مطبخ الضباط ) منذ الصباح وحتى الليل ... مسألة محيرة .. وغريبة..

بعد مرور فترة سمعت من أحد ألأخوة المقربون منه بأن الغاية من تنازله وأصبح طباخاَ يريد أن يخطط لعملية هروب ....!!!.

ظل/ نمير هناك من غير أن تتحقق أمنيته في الهروب... لماذا لم يهرب ؟؟؟ العلم عند الله سبحانه وتعالى.. لانعرف ماذا كان يخفي عنه القدر...؟؟؟؟.

خبر محزن جداَ :

وأنا أكتب هذه الحلقة ..أتصل بي ألأخ / هه لو هاشم جباري/ .. ذلك الفتى الشجاع من تنظيمات / ألأتحاد الوطني الكوردستاني.. كان بعمر الزهور حينما حكم عليه بالمؤبد ودخل / أبوغريب وقضى عدد من سنوات من شبابه ..أخبرني بأن ألأرهابيون القتلة قد أختطفوا/ نمير الياباني وذلك منذ أكثر من سنة.. ولحد اليوم لايعرف عنه شيئاَ.. تألمت جداَ.. مابيدي غير الحسرة وألألم.. هكذا هي الحياة ... للأسف الشديد.

كانت أيام صعبة.. لاتنسى.. هنالك حلقات أخرى بأذنه تعالى...

العودة الى الصفحة الرئيسية