|
في خضم تداعيات تهديدات النظام التركي الذي لم يتمكن من حل مشاكله الداخلية المستعصية, واراد ترحيل هذه الأستعصائات الى العراق, بحجة مكافحة الأعمال الدمويةغير المسؤولة لحزب العمال الكردي, والتي لم تراعي خصوصية وضع الأقليم التي لاتزال هشة. وما تبعها من مواقف متشمتة وحاقدة على التجربة الكردستانية, وكان اغربها موقف بشار الاسد رئيس نظام "قلب العروبة النابض" سوريا, والهادف الى فك عزلته بهذا الأستجداء المذل في تأييد اجتياح "البوابة الشرقية للأمة العربية" . وليس غريباً هذا الموقف , فقد مثل البعث خلال النصف قرن الماضي اسوء صفحة في تاريخ الفاشيات الأسود. وفي تداعيات الأنشغال بهذه المشكلة, تجري مياه الحياة السياسية العراقية وقد اختلطت علينا فيها مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي , وباتت العفونة هي التي تغلف كل الوضع. فالقيادات السياسية العراقية لم تكتف بالمهازل الطائفية والقومية , وفشل البرلمان والحكومة وباقي مؤسسات الدولة, وجعلت من العراقيين الشعب الذي يضرب في بؤسه المثل. كل هذا لم يكفهم, فأضطروا للأستعانة بصراع الديكة وهراشها لأثبات ايهما الأقوى في نهش لحم الآخر. وفي جولة نهش جديدة اعلن السيد رئيس الوزراء نوري المالكي: "أننا لانسمح بزيارة اي مسؤول في الدولة للمعتقلات بدوافع سياسية". فأجابه السيد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي, وهو المعني بالتصريح: " أن مايقوله المالكي يطبقه على أعضاء حكومته, وليس على مجلس الرئاسة الذي يشرف على تطبيق مواد الدستور " . ويكمل المالكي تصريحه من : "انه سيكلف السيد وزير التربية القيام بزيارة السجناء والمعتقلين لمتابعة الذين يتطلعون الى مواصلة تعليمهم وخصوصاً الأحداث لما في ذلك من اهمية كبيرة لخدمة مستقبلهم " . السيد الهاشمي هو الرأس الرسمي الأكبر في هذا الجانب الذي بتنا لانعرف ماذا نسميه, فهو ليس بالسني الخالص – ونحن نعرف ان البعثيين صادروا اسم السنة- ولا هو بالبعثي الخالص, ولا هو بالتكفيري الخالص, وهذه الخلطة هي التي منعت هذا الجانب من ان يكون ذات وضوح في طرح اولوياته السياسية , وباتت طلبات السيد الهاشمي بالذات متغيرة , وكل يوم بطلب جديد , فلا احد يعرف من هم السجناء الذين يطالب بأطلاق سراحهم فوراً. هل هم الأبرياء ولألتباسات خاطئة, اونتيجة تقديرات مبالغ في سوئها تم زجهم في السجن, أم القتلة والمجرمين من البعثيين وانصار "القاعدة" وعصابات الجريمة الأخرى. وهذا هو السبب الذي دعا السيد المالكي لعدم تسيس قضية السجناء, ولعل الأصرار على اعفاء سلطان هاشم وزير دفاع صدام من عقوبة الأعدام, توضح اصرارهم على ان يشمل العفو حتى القتلة من البعثيين. ويمثل السيد المالكي ايضاً الرأس الرسمي الأكبر في الجانب الشيعي, ولا نعرف التسمية المحددة لهذا الجانب ايضاً , الشيعة العراقيون, ام جماعة ايران, ام رجل هنا ورجل هناك, ام عصابات الجريمة والمليشيات الخارجة على كل الأعراف. والسؤال للسيد المالكي: هل انتهت مشاكل العراق, او مشاكلكم مع الطرف الآخر, ولم تبقى الا زيارة السجون؟! وهل الجانب الآخر بهذه الروح الديمقراطية والأدراك السياسي حتى يتقبلها او "يعّبرها"؟! ولا يكون هراش ديكة امام الأعلام والجماهير, وانك تعرفه جيداً بأنه لايقل عنك تبجحاً بمنصبه, وهو الذي جاء ايضاً عن طريق الأنتخابات التي خدعتم بها العراقيين . يقول السيد رئيس الوزراء بأنه كلف السيد وزير التربية لزيارة السجناء والمعتقلين. ورغم احترامنا للأمكانيات "الأكاديمية" للسيد وزير التربية, الا انه احد الأشخاص المتهمين بالطائفية, وقوائم اعادة المفصولين من التربية في زمن صدام تشهد بأن الذي لم يأتي بتزكية من حزب شيعي لايعاد بسهولة, واذا اعيد ألف من الأحزاب الشيعية, فلا يعاد اكثر من مائة من الآخرين لذر الرماد في الأعين. وكان الأجدى بالمالكي ان يعين شيعي مثل الدكتور احمد الجلبي يكون مقبول من الأطراف الأخرى للقيام بمثل هكذا مهمة. وهذا يذكرنا بالمقبور صدام عندما يعين أزلامه لأمور هي بعكس صفاتهم الأنسانية, والقصد منها احتقار المهمة, وتصغير شأن المشكلة, واستفزاز الآخرين. مثل تعيين المقبور برزان ممثل للعراق في حقوق الانسان, وعلى كيمياوي وزيرا للدفاع, وحسين كامل وزيرا للتصنيع العسكري, والشيخلي وزير للتعليم العالي ...الخ . ويضيف سيادته: لمتابعة الذين يتطلعون الى مواصلة تعليمهم وخصوصاً الاحداث لما في ذلك من اهمية كبيرة لخدمة مستقبلهم. الحمد لله الذي الهم المالكي كل هذا الذكاء لحل المشكلة عن طريق وزير تربيته ما دامت لاتتعدى غير صعوبة مواصلة التعليم. هل يعقل ان تتحول مشكلة السجناء والتي اصبحت المشكلة رقم واحد في طريق المصالحة الوطنية لهذا الاستخفاف؟! الذي لايقل عن استخفاف صدام بأعقد مشاكل العراق . هذا التبادل المر في الادوار بين النظام المقبور والنظام "الديمقراطي" الحالي كان احد الأسباب الرئيسية بايصال العراق الى هذا الدرك الدموي, وأحد الأسباب التي كفّرت الشعب المنكوب بهذه الرؤوس التي تورط في انتخابها .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |