|
ألشربة أو [التُنكَة] وعاء دائري من الفخار يكون عريض من الوسط, وفتحته الدائرية العليا التي يسكب منها الماء توازي نفس مساحة قاعدته المغلقة. ويستخدم لتبريد الماء سابقاً, اي قبل استخدام الثلاجات, حيث يترشح الماء من مسامات الفخار ويبرد الجدار الذي يبرد الماء في داخلها. وهي من أعمال حرفة الكوازة القديمة التي تنتج ايضاً, الحبانة, الحب, البستوكَة, وطبلات اليقاع [الدنبك] الذي تغلق فوهته العريضة بجلد الخروف او السمك . وعائلة شربة من العوائل العريقة المعروفة في منطقة الفرات الأوسط, وبالذات في منطقة النجف والحلة, والفنان حمودي شربة ينحدر من هذه العائلة في فرعها الحلي. وحمودي شربة فنان غنائي يجمع بين الغناء والتلحين والعزف على عدة آلات موسيقية, ابرزها العود والايقاع, ولكن ليس على [الدنبك] الفخاري, بل الخشبي . في بعض الأحيان تجد ان اللقب العائلي يتجسد في تكوين احد افراد الأسرة, وحمودي شربة من النوادر التي تماثل وجودها مع عمل اللقب المهني, ومثلما تبرد الشربة الماء الذي يوضع فيها بعد عملية الترشيح, فهذا الحمودي الذي تجاوز الستين ويصر على انه مواليد 1951 لايزال يمتلك براءة الاطفال وتلقائيتها التي لاتعرف التخطيط, والانتظارات المدروسة, وما تحويه من تغيير مواقف وسلوكيات للوصول الذاتي المنشود . ولكنه المرعوب دائماً من الغدر والاستغلال, و " الأستزواج" الذي يضع نفسه فيه, مقابل نسمة عراقية طيبة واحدة تلامس الماء المترشح من شربته , وتحول مائها الى عذب الشراب . حمودي الداهية الذي يستطيع ان يحول كل لحن واغنية يغنيها الى شذى ولوعة عراقية, وتستطيع ان تميزه من كثافة الاحساس الطاغي على باقي المكونات الاخرى للأغنية, وتحول هذا الاحساس الى طابع يكاد ان يكون لون غنائي خاص به في رهافة المشاعر, وقد يكون للبيئة الحسينية التي نشأ فيها سبب في ذلك . فعندما يغني المقام والأبوذية والزهيريات والبستات وحتى المنلوج والمربع والأغاني الحديثة, يتميز ادائه بالحزن العذب, والشفاف, ولايترك مجالاً للأستراحة أوللترهل في المشاعر . وحمودي شربة خريج الدورات الاولى لمعهد الدراسات النغمية العراقي. وشارك في تأسيس فرقة الطريق للأغنية السياسية في بداية السبعينات من القرن الماضي وبرئاسة الفنان حميد البصري, والتي كتب اغلب أغانيهاالشاعر الغنائي زهير الدجيلي. وكلنا نذكر اغاني " تل الزعتر" و"عيني ياكمرية" و"حبينه كل الورد والأكثر القداح" و"هله بيك هله" التي حولت الى اغنية رياضية, ثم حورها احد المغنين المرتزقة للتقرب من صدام, والكل يعرف انها للأحتفاء بعيد ميلاد الحزب الشيوعي العراقي. وعشرات الأغاني التي رددتها الجماهير العراقية في تلك الفترة . وبعد الهجوم على الشيوعيين والذي وصل ذروته عام 1979, أضطر حمودي حاله حال الكثير من الديمقراطيين والشيوعيين لترك العراق وليبدء رحلة المنافي القاسية, والتي امتدت لحد الآن. وفي بداية هذه الرحلة عاد الى كردستان العراق ليساهم في بناء قوات الأنصار الشيوعيين, ويشكلوا فصيل للفنانيين ومن بينهم الملحن الكبير كوكب حمزة , والمخرج المسرحي الشهيد كاظم الخالدي, والشهيد المسرحي ايضاً شهيد عبد الرضا وآخرين . طيلة فترة المنافي بين اليمن ولبنان وسورية وأخيراً السويد ساهم حمودي في اغلب الفعاليات الموسيقية والغنائية التي تمجد العراق وحركته الوطنية, والتي احياها الفنانون العراقيون المنفيون مثل حميد البصري وكوكب حمزة وجعفر حسن وسامي كمال وكمال السيد وغيرهم ممن رفعوا راية العراق عاليا. وفي السويد تمكن حمودي مع بعض الفنانيين العراقيين والسويديين من تشكيل فرقة غنائية مشتركة دعيت لأحياء حفلاتها في الكثير من المدن الأوربية, وكانت الأصوات النسائية السويدية– والتي تمكن حمودي بعد جهود كبيرة من تطويعها – لتأدية اغاني بغدادية صرفة مثل "جي مالي والي" و"يازارع البزرنكوش" و"واكف على المسعودي", وغيرها من الالحان التي اذهلت الجمهور الذي تفاجئ برقة الأصوات النسائية السويدية وهي تتغنى بمفردات بغدادية خالية من اللكنة, وبمشاعر تقارب الأداء العراقي . حمودي لايزال يعتقد ان الأنسجام مع الضمير اهم مافي الوجود, ويخالف الكثير من زملائه, وبالذات من الأجيال الحديثة, بأن الحياة بدون صدق وأمانة لايمكن ان تعاش, وطريق الوصول لتحقيق الذات الحقيقية لايمر الا عبر بوابات الأنتماء الوطني, وبما يخدم الآخرين . والغريب, ان الكثير من المبدعين العراقيين تم تكريمهم من قبل الجاليات العراقية في المهجر, وبعضهم تم الأحتفاء به عدة مرات وفي مدن كثيرة, وحمودي شربة لم يكرم لحد الآن حتى في المدينة التي يغترب فيها" كوتنبرغ " السويدية, رغم وجود جالية عراقية كبيرة فيها, ونادي ثقافي للديمقراطيين أقام عدة اسابيع ثقافية عراقية خلال السنوات الماضية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |