الغش والتزوير من أقدم المهن التي إعتاد سلوك طائفة من الناس عليها عبر كل مراحل التاريخ الى يومنا هذا ومن غير المتوقع أن يشهد أحد على تاريخ إنتهاءها فهي حاضرة على الدوام تتوسع في محيط وتضيق في آخر مترصدة الأجواء والفرص لتسجيل رقم هنا ونقطة هناك. ولما بلغت شهرة هذه المهنة في العراق ذروتها وإخترقت نفوذها المقامات التي طالما قد توشحت قداسة الدين وهيبة السلطان الروحي شريطا على صدر تاريخها التليد، رأينا من الحكمة أن نرصد هذه الظاهرة المعيبة لا من حيث منشئها واسباب بقائها ونموها وتطور أساليبها وبرامجها وأهدافها وكلها في غاية الخطورة ما لم تحسم امرها بعلاج، ولن تجد امة حية ليس على رأسها قوي أمين. ولكن ما أردنا التعليق عليه هو جانب آخر من المهنة قد لا يكون مرئيا (كما هي الشهادات والوثائق والأرقام التي بلغت 150000 شهادة مزورة مكتشفة يحمل بعضها برلمانيون حسب تصريح من هيئة النزاهة) ولكنه مهم في خلق بعض التوازن لعُقد الإندفاعات الفردية وتقييدها ببعض الإلتزامات التي تمليها مكانة الشهادات والوثائق في حياة الناس.

ماذا لو كان كل فاشل أوصاحب عقدة الأنا قد إستمكن القدرة له على العامة أن مُنحت شهادة إنسانية تقديرية قد تملأ مناطق الفراغ الخطيرة في شخصيته كأن يشارك عالما شهيرا في جائزة نوبل أو أي شهادة موثقة تملأ نقصه بمكانة إجتماعية حتى من دون أن يقدم أي مجهود كالذي قدمه نائب الرئيس الأمريكي السابق في عهد كلينتون ال غور على فلمه الوثائقي عن الإحتباس الحراري وأثره على البيئة (الحقيقة غير المريحة) وحصل على أساسه المشاركة بجائزة نوبل. لا شك ان هذه الجائزة ربما وربما ستقيّد سلوكه الإندفاعي نحو جنون العظمة بشكل من الأشكال فيما إذا منحت له فرصة الى البيت الأبيض وقد تحرّضه الى تقليم بعض سياسات العسكرتاريا الأمريكية في العالم وعقلنة سلوكها العام .

وليس بعيدا أن يكون بعض أصحاب الشهادات الحقيقية من صنف أولئك المفترسين من البشر جرّدتهم مقاماتهم العلمية ومواقعهم الإجتماعية من الجرأة بالهجوم على ضحاياهم بالناب والأنياب فسلمت المجتمعات من طوايا نفوسهم.

فلربما إنتكست النازية منذ البداية ولم تقع كوارث الحرب العالمية الثانية لو أن عاملا مهذبا قد ملأ فجوات صميم الرجل الذي قدّر أن يقود بخطاباته وخططه حماسة الالمان في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي . لكن الرجل قد فشل في تسجيله شهادة له في الفنون الجميلة وكانت الجامعات الالمانية مشغولة بالعلوم وتطوير الصناعة الألمانية لا غير فراح الرجل يضرب الجمال بكل قوة ويعلن الحرب في كل إتجاه. لا شك أن هتلر خريج الفنون الجميلة والحاصل على جائزة نوبل للسلام وعاشق الطبيعة ومحب الاطفال سيكون غير زعيم الحزب الديموقراطي الإشتراكي صاحب الرؤية التوسعية للعنصر الألماني عبر تأليه القوة والبطش والإنتقام وسحق الشعوب.

لقد إستدرك صدام حسين أثر هذه النقطة مؤخرا من على الشاشة وتبناها في محاكماته تماشيا مع ما تذرع بها من شهادة الحقوق التي منحتها له إحدى جامعات العراق الذكية فكانت للشهادة تأثيرها السحري على سلوكه الدفاعي ومداخلاته القانونية .

هذه النقطة هي بيت القصيد والغرض الذي من أجله توقعنا أن يكون التزوير المُحَسّن والشهادات التقديرية والفخرية للأنا مشروعا وقائيا خدميا في بعض الظروف الخاصة وعلى هذا المبنى من حسن الظن في أثره النفسي في تهذيب سلوك صنف من الناس أقترح على الجامعات العراقية واللجنة المنتخبة للفائزين بالنوبل وغيرها ان يشاركوا بعض رؤساء الدول وزعماء الأحزاب والشخصيات الخطيرة بنسبة من اي جائزة تمنح للمشاهير من الشخصيات العلمية والفنية ممن اسهموا في مضمار مهم على أن تبقى مسألة ترشيح الشخصيات العراقية المناسبة لنيل الجوائز والشهادات الى تقدير القراء مع تمنياتنا للشعب بالأمان والسلامة وتهانينا لممثليه وأمناءه في البرلمان ممن سبقوا إقتراحنا بالفعل وفطنوا به قبل تنظيره وتوسلوا لتحصيلها بألف سبيل .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com