|
لم تكن عملية اغتيال الشهيد عز الدين سليم أو (عبد الزهراء عثمان محمد) رحمه الله رئيس مجلس الحكم في يوم الاثنين 17/5/2004 في مدخل المنطقة الخضراء هي الأولى في حياته السياسية منذ الستينات ولم تكن هي الأولى منذ عودته إلى العراق من المهجر في 17/5/2003 بعد هجرة دامت 35 سنة قضاها في الكويت وسوريا وإيران. أن عمليات استهداف الشهيد عز الدين سليم لو استقرأناها على الأقل في هذه السنة التي قضاها في العراق لو جدناها تحمل نفس الأجندة من تصاعد في العمليات الإرهابية المتزامنة مع التحرك في المسار السياسي وبدء عملية تقسيم (الكعكة) العراقية بين هذه الإطراف الإقليمية والدولية في هذا التقاطع الكبير الذي يسقط فيه خير ة أبناء العراق وبحجج واهية مهووسة باسم الجهاد والمقاومة والقومية . المائة يوم منذ سقوط الصنم في 9/4/2003 وحتى يوم تأسيس مجلس الحكم في 13/7/2003 لم تكن خالية من عملية استهداف بدأت بشكل تدريجي في محاولة أطلاق نار بشكل مباشر على سيارة الشهيد وبواسطة أسلحة رشاشة وكانت هذه المحاولة في الطريق بين بغداد والبصرة في عملية واضحة لهل التراب ويكون الحادث على انه من عمليات أطلاق النار بشكل عشوائي أو من عمليات السلب على الطرق الخارجية من قبل قطاع الطرق وقد أشار الشهيد إلى هذه الحادثة في احد اجتماعاته في يوم 6/10/2003 في مجلس الحكم إلا أن المحاولة باءت بالفشل بعد اختراق إحدى الرصاصات باب السيارة الخلفي مارة من تحت المقعد الخلفي للسيارة بسبب سرعة السيارة. تحولت العملية الثانية إلى حركة جديد ة أكثر دقة في الاستهداف باستخدام مجموعة مسلحة تحمل القاذفات والأسلحة المتوسطة تقوم بمفاجئة الموكب والانقضاض علية دفعة واحدة بعد نصب كمين في احد الشوارع من خلال غلقه وجعله ممر واحد لا رجعة فيه وكانت المجموعة متكونة من مقاتلين أجانب ممن جلبهم النظام للقتال في العراق واغلبهم من تنظيم القاعدة تفرقوا إلى مجموعات صغيرة بعد سقوط النظام وقد شوهد العديد منهم في المدارس والجامعات متخذينها كمقرات لهم ينفذون عمليات مسلحة من خلال هذه الأماكن وبعض أوكار المخابرات من مساكن للدعارة أو بيوت مهجورة ، إلا أن العملية باءت بالفشل عن طريق الصدفة بعد مشاهدة احد المارة وجوه غريبة في المنطقة وسيارة حمل تفرغ الأسلحة المختلفة في احد بيوت المخابرات السابقة مما اضطر هذا الشخص إلى تبليغ دورية للشرطة والتي استعانت بالقوات البريطانية التي تفا جئت بحجم المجموعة والأسلحة المخبئة من قاذفات ورشاشات وقنابل يدوية مختلفة وتم إلقاء القبض على مجموعة من ضمنهم ثلاثة من جنسيات عربية اعترفوا فيما بعد بالتخطيط للعملية . وكانت هذه العملية في الشهر التاسع من عام 2003 وزعت من خلالها القوات البريطانية تحذيرا للأهالي بالتبليغ عن أي حالات غريبة في مناطقهم وأماكن تجمع الأسلحة المتروكة والألغام وغير ذلك . ثم تلت ذلك وضع عبوة ناسفة في باب المكتب على شكل كيس قمامة وتفجيرها عن بعد مما أدى إلى إضرار مادية كبيرة في واجه المكتب وقلع الباب الرئيسي بالكامل . بعد هذه العمليات الثلاث التي حدثت في البصرة اثنان أثناء فترة مجلس الحكم وواحة قبل مجلس الحكم انتقلت عمليات الاستهداف إلى بغداد بعد بروز دور الشهيد وحركته السياسية ولقاءاته الصحفية رغم كونه كثيرا ما كان يتجنب الظهور في الإعلام . المحاولة الرابعة كانت بتاريخ 12/10/2003 عند مدخل فندق بغداد حيث يسكن عدد من أعضاء مجلس الحكم وفي حينها كان الشهيد يروم السفر إلى ماليزيا بصحبة وفد إسلامي للمشاركة في اجتماعات مؤتمر القمة الإسلامي وحالت بينه وبين موعد الانفجار بعشرين دقيقه بسبب عطل في احد السيارات المرافقة مما اضطره إلى الذهاب مباشرة إلى مطار بغداد بدل الذهاب إلى الفندق مما أدى إلى إصابة عضو مجلس الحكم الدكتور موفق الربيعي بإصابات بسيطة نتيجة تساقط الزجاج لبعد مسافة انفجار السيارة عن صالة الفندق بعد إن أحبطت الشرطة اقتراب الانتحاري للبوابة الرئيسية للفندق رغم اقترابه مسرعا بسيارته البيجو البيضاء . كل هذه العمليات كانت تختلف واحدة عن الأخرى من حيث الأسلوب والنوع ولكنها في حقيقتها تنتج عن نفس المدرسة مدرسة القتل والإرهاب وسفك دماء الأبرياء من مدنيين عزل وهو نفس الأسلوب بل هو عينه أسلوب مخابرات صدام من قتله ومجرمين خريجين المعسكر الشرقي الدموي . الترصد والمتابعة والإصرار على القتل ينتج وسيلة جديدة للقتل أكثر فتكا وأكثر دقة، إضافة إلى تجميع معلومات من داخل مكان المسئولين عن طريق الدخول كصحفيين أو حرس أو شرطة أو مترجمين أي شئ مما أدى إلى معرفة موعد دخول وخروج المسئولين ونوع السيارات التي يتنقلون بها ومدى متانتها والمهمة التي يقوم بها هذا المسئول عن غيرة كل هذه الأسباب حتمت أن تكون العملية الأخيرة لاغتيال الشهيد عز الدين سليم محكمة وخاصة أن الشهيد كان يتهئ للسفر إلى القمة العربية في تونس وانه قد اختير لرئاسة المجلس بغالبية الأعضاء واختير لإدارة المفاوضات حول تشكيل الحكومة مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، وقد طرح الشهيد مشروع حكومة تهدئة وطنية مع الأخضر الإبراهيمي . فكانت السيارة البرازيلي الحمراء ذات المئه كيلوا غرام من المتفجرات شديدة الانفجار مع قنبلة غاز السارين ومجموعة تراقب ومصورين اثنين لتصوير الحادث لأنها عملية كما يبدوا غالية الثمن وقد دفع من اجلها الكثير فهي ذات عوامل مشتركة بين الدافع الديني الطائفي بسبب تبني إحدى المجاميع الإرهابية مسؤوليتها عن العملية وبين العمل ألمخابراتي المحترف الذي أدى إلى مرور مواكب بعض أعضاء مجلس الحكم ومن ثم اقتحام موكب الشهيد عز الدين سليم ومعرفة سيارته الخاصة المصفحة ذات الخمسة أطنان . العملية كانت مفصله وفق مقاسات وحجم الحماية ونوع السيارة ومتانتها وموعد الخروج والدخول، والغريب في الأمر إن احد أعضاء مجلس الحكم (الأمنيين) كان يأتي إلى المنطقة الخضراء بسيارة تكسي صفراء نوع (سني) ويرافقه شخص أو شخصان من الحماية والملفت للنظر حسب أقوال احد أفراد حماية الشهيد إن موكب الشهيد غير طريق الذهاب إلى المنطقة الخضراء في ذلك اليوم لاحتياطات أمنية بسبب ترصد المسئولين الذين يقومون بجولات دبلوماسية خارج العراق كما حدث مع عضو مجلس الحكم المرحومة عقيلة الهاشمي التي كانت على سفر في اليوم الثاني للأمم المتحدة بصحبة وفد رفيع المستوى لتمثيل العراق . حدث الانفجار الساعة التاسعة وأربعين دقيقة صباح يوم 17/5/2004 عند احد مداخل المنطقة الخضراء بعد مرور موكب الشيخ غازي والدكتور عدنان الباجه جي والدكتور احمد ألجلبي احترقت سيارة الشهيد المصفحة بالكامل وسيارة الحماية المرافقة وتحطمت سيارة ثالثة واحترقت ما يقارب عشرين سيارة متوقفة على جانب الطريق استشهد من المرافقين للشهيد نائبه الذي كان نادرا ما يرافقه (طالب الحجامي) وسكرتيره الشخصي وابن اخية (اسعد عبد الامام عثمان) والذي كان بدوره يذهب بسيارة منفردة إلى المجلس بعد ساعة تقريبا وسائقة الشخصي (حسين حميد خلف) وثلاثة من الحماية الشخصية وكذلك طفلان أصحاب كشك للسكائر والمشروبات الغازية. خلع سقف السيارة التي كان يقلها الشهيد مع رفاقه وألقيت الجثث على مسافة خمسة عشر متر وأطلق الرصاص على السيارة من مجهولين في المكان، طوقت القوى الأمنية مكان الانفجار فيما انتشرت القوات الأمريكية على مقربة من السيارات المحترقة نقلت الجثث بسرعة إلى مستشفى اليرموك من قبل أفراد الحماية في السيارة الأخيرة توفي بعدها بخمسة عشر دقيقة ثم نقلت الجثث إلى مستشفى ابن سينا داخل المنطقة الخضراء من قبل القوات الأمريكية عثر في جيب الشهيد على ورقة ملطخة بدمه . (جازفنا في مجلس الحكم بسمعتنا و أرواحنا لكي نحقق مصالح العراقيين في مرحلة حساسة) ثم جرت مراسيم تشييع رسمي واعتباره رئيس جمهورية ونقل في اليوم الثاني إلى مدينة البصرة ليقام له تشييع وتأبين كبيرين من أبناء مدينته ولم يفتح تحقيق في الحادث إلى اليوم.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |