|
يبدو ان الرئيس المنبوذ (لعنه الله في الدنيا والاخره) لا ينام الا ويضع تحت وسادته كتاب الامير لـ (ماكيافيلي) الذي اجمع المؤرخون او كادوا على ان اسم ما كيافيلي اصبح ينطبق على كل حاكم سفاح دموي لا يقف به الشرف او العفة او هيبة الله دون ذبح شعب او شعوب ودفنها لبلوغ الغاية وقد اصبح لفظ (ماكيافيلزم) وصفا لكل عمل قائم على الخبث والدهاء وقد وصف (روسو) الكاتب الفرنسي كتاب الامير قال فيه (ان مصلحة الامراء الذاتية كامنة في ضعف الشعب وشقوته ليبقى ابداً عاجزاً عن المقاومة وهم يفضلون ما يعود عليهم بالنفع مباشرة) وعلق عليه ايضا العلامة الانكليزي (باكون) قائلاً: (ان ما كيافيلي لا يفيد احداً من الملوك لانهم يعرفون ما يقصدون لكنه يفيد الشعوب ويفتح عينيها لما يحيق بها من اخطار). على اننا لو قرأنا الكتاب التكويني للرئيس المخلوع لوجدناه ميكافيليا بالفطرة والفرق بين الاول والثاني ان الاول لم يستطيع ان يصل الى السلطة رغم تملقه بشتى الوسائل والتي آخرها اهداؤه كتاب الامير الى اميره. اما الثاني استطاع وبحركة سريعة بالاعتماد على وصايا ميكافيلي وبتوجيه (يهودي – عفلقي) ان يصفي فيها اقرانه ويستولي على الحكم وهي الوصية التي يصفها ميكافيلي كيف وصل احد الامراء بالغدر والخيانة وقد كان ابن نجار وكان في كل اطوار حياته شريراً غادراً التحق بالجندية ارتقى سائر درجاتها حتى صار حاكماً وبعد ذلك دعا وزراء الامارة وقادتها كأنه يريد البحث في امور ذات شأن تتعلق بالامارة ثم امر جنده باشارة معلومة فذبحوا اعضاء المجلس واكابر اهل البلد.. وفي الوصية الثانية لماكيافيلي التي يقول فيها على الامير ان يبقى ابدا نصب اعين شعبه فيتقون غضبه اذاهم حادوا عن الطريق والتي جسدها المخلوع والملعون من خلال (وصايا القائد) عبر مقولته (لاتدع ظلك يغادر الساحة) وفعلاً اغتصب الزمان والمكان ثم ينتقل الى الوصية الرابعة الأبشع والاقذر من الوصايا والتي تقول على (الامير) ان يكون ثعلبا ليتقي الحفائر ووحشاً كاسراً ليتقي الذئاب لانه اذا كان وحشاً فقط لا امل له في النجاة لأجل هذا ينبغي للامير الحذر ان يحفظ العهود اذا كانت ضد مصلحته وان الناس اشرار ولن يحفظوا له عهدا فلا يضطر لحفظ عهودهم وان الذين استطاعوا تقليد الثعلب من الامراء قد فازوا وانتصروا ولكن من الضروري ان يخفي الامير هذه الخليقة وان يكون ماهراً في فن التظاهر وعليه ان يظهر بالتقوى والامانه وحب الانسانية والدين والاخلاص. وهذا ما فعله الرئيس المخلوع حينما اطلق على نفسه (عبدالله المؤمن) وان يكون متنبها بحيث اذا اضطر للتحول والانتقال كان ذلك بدون مشقة وان يكون له عقل سهل التحول والانتقال وان يكون قادراً على صنع الشر في اي وقت.. وهذا الكلام يذكرنا باحداث المستنصرية وحرب ايران وحرب الكويت. وكيف كان يرتدي الزي الكوردي والزي العربي والامريكي والتي عبر عنها في وصاياه قائلا (ان الهدف المتحرك اصعب من الهدف الثابت) مما يدل على انفصام شخصيته وتلونه مؤكداً ذلك عندما قال (نحن نصنع القانون لا القانون يصنعنا) قانونا مطواعاً حسبما يريد وفي اي وقت يشاء، وبذلك تكون النقطة الاشد التقاء بين ميكافيلي والمخلوع (ذئبته الكابيتول).
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |