|
في العراق الكثير من القنابل الموقوتة المهيأة للانفجار بين فترة وأخرى، وهذه القنابل دعائية غوغائية يهدفون من ورائها زعزعة استقرار العراق، وفي كل يوم يطلع علينا أحدهم بإحدى مفرقعاته المدوية ليقيم الدنيا ولا يقعدها لقضية تافهة يريد من وراء أثارتها تسخين الدماء العراقية الفائرة أصل، والتي لا تحتاج إلى تسخين أو إحماء، لأن العراقيين والحمد لله بطبيعتهم من أصحاب الدماء الحارة ، فيثورون لأتفه الأسباب، ويهدؤون لهز الرقاب، لذلك نرى اللاعبين في العراق قد هيئوا قنابلهم الصوتية لإطلاقها في أي وقت يشاءون. ومن هذه القنابل الموقوتة قضية العلم العراقي التي تثور وتهدأ ، دون أن يجدوا لهذه المشكلة العويصة حل، واستعصت فيها الحلول، وكأنها القضية الفلسطينية، أو دارفور أو أيرلند، فبعد سقوط النظام البائد أقر مجلس الحكم المنحل علم جديد للعراق ، روعي فيه ألوان الطيف العراقي، فثارة ثائرة البعض، ورفعوا الرايات السود رفضا للعلم الجديد، الذي اختير له اللون الأصفر، لأن اللون الصفر إسرائيلي وعلينا أن نرفض كل ما هو أصفر حتى لو كان ذهبا!!!وثارت معركة الألوان بين المتصارعين على(الهريسة) وأصبح لكل لون حسناته وسيئاته، ونبشوا المطامير عن الألوان وجاذبيتها وتأثيراتها السحرية والعقلية والعاطفية ، والغي القرار، وتفتقت ذهنية أباطرة العراق الجديد على تغيير كتابة كلمة(الله أكبر) وجعلها بالخط الكوفي، وتشكيل لجنة على مستوى عال لتصميم علم جديد، ونامت اللجنة ولم تستيقظ حتى اليوم، وهدأت النفوس، وقرعت الكؤوس، وعاد الوئام للأخوة الأعداء. ثم أثيرت الفرقعة الصوتية الكبرى عندما أقدم رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني على رفض رفع العلم العراقي السابق في الإقليم - مع أنه لم يكن مرفوع أصلا -لأنه يرمز إلى فترة قاتمة في تاريخ العراق، مليئة بالظلم وقتل تحته مئات الألوف من العراقيين، واستبيحت الأعراض منذ شباط الأسود 1963، ولا زالوا يقتلون تحت راية الأمة العربية الواحدة، فتناخا العراقيون لإثارة الفوضى، وهبت عاصفة من المساجلات وصلت حد الاشتباك بالأحذية، فكان الإسلاميون يدافعون عن(الله أكبر) والعروبيون عن النجوم الثلاثة رمز الوحدة العربية التي لا يغلبها غلاب، أو كما يقول العراقيون(عربانه تسحلها كلاب) وآخرين دافعوا عن اللون الأخضر لأنه شعار العلويين، وبعضم عن الأسود شعار العباسيين، فيما كان الأحمر على رأي البعض رمز للدماء القانية التي جرت في حروب القائد الضرورة التي خلدها التاريخ، وغرق السياسيون في حمأة الصراع والتنابز بالألقاب، وحسم النزاع بتشكيل لجنة جديدة لاختيار وتصميم علم جديد، ونامت اللجنة ولا زالت في سباتها مع أصحاب الكهف والرقيم. ويبدوا أن مشكلة تصميم العلم العراقي من المشاكل العظمى التي يصعب حلها أو الوصول إلى رأي سواء فيه، فلا زال(أصحاب الرايات) كل يرفع علمه الخاص في أمارته، وأصبح للعلم أشكاله المتعددة وندر أن تشابه علم مع آخر، فالمناطق الغربية ترفع العلم المكتوب ب(الله أكبر) الصدامية، والجنوب والوسط يرفعون(الله أكبر) الكوفية، وفي كردستان العراق يرفعون العلم الكردستاني، وربما ترفع في أماكن أخرى رايات أخرى لا ندري لمن تعود، فهذه راية دولة العراق الإسلامية، وأخرى راية دولة المجاهدين، وثالثة للمرابطين، وعاشرة للموحدين، وأخريات لا أدري لمن تكون، فيما ظل العراق الواحد الأحد بدون راية موحدة، لما في النفوس من أهداف ونوايا لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم، ومن يخططون للقادم من السنين. والآن هل يصعب على البرلمان العراقي الذي شرع ألاف القوانين، وأصدر ملايين البيانات ، وواصل الليل بالنهار في عمل جاد ودءوب لحل مشاكل البلاد، حتى أن الكثيرون من أعضائه النجباء، تركوا عوائلهم وجلبوا أسرتهم للمبيت في دهاليزه وغرفه المغلقة، هل يصعب عليه تصميم علم جديد لقطع الطريق على الخلافات التي ستنشب ذات يوم، أليس بإمكان البرلمان أرضاء الجميع دون الحاجة لتشكيل لجنة، باختيار قطعة قماش بيضاء تكون رمزا للعراق (المسالم) الذي تناهبه الأوغاد من دول الجوار، والصعاليك العابرين من وراء البحار، وها هي قواتهم تسرح وتمرح من شماله إلى جنوبه دون رادع أو وازع، أليس العلم (خرقة) تدل على شيء، والعراق شيء يحتاج إلى ما يدل عليه، أم أنها مشكلة تنفع لإثارة المشاكل في القادم من الأيام؟؟؟ ملاحظة:عندما ارتفعت الأصوات الناعقة ضد العلم الذي أقره مجلس الحكم، أنشدت قصيدة في العديد من المهرجانات، حول العلم العراقي كانت بعنوان (ما أريده) قلت فيها: كل شي بي ريحة أبو عداي روحي ما تريده لا فكرهم.. لا هدفهم... حتى بيرغهم صفه خركة زهيده لنه راية حرملة اللي ذبحو الآلاف وترفرف فرح فوك الحديده ما أريده شيلوا حتى النجمه..حتى (استغفر الله) لن أبو الشبلين خط الحرف بيده وهذي عدكم شيلة أمي... الفرعت بآذار وتهوس بهوستنه الجديدة لو علم أبيض يرفرف... بيه حمامات السلام مطرزة وتنشد نشيده وخل يولي العلم خله آنه شايل من علمنه هوايه ذله وخوفي يزعل لة أكله من أشوفك أذكر أجروحي أشكثر لجموها وأدري بأسمك هالمباديء بالهرج خلوها والشعارات الأصيلة بالكذب غطوها يمته أشوف بديريتي بيرغ جديد ويمته أغنيله بمحبة وأنشد بأسمه النشيد وأصرخ بصوتي وأغني وأصرخ وأصرخ وأعيد عش هكذا في علو أيها العلم فأننا بك بعد الله نعتصم رمز العراق ورمز الشعب أجمعه كرد وعرب وترك فيك تلتحم
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |