|
لقد أثار مفهوم "الإرهاب" جدلا كبيرا على الصعيد الدولي منذ أن بدأت الأدبيات الإعلامية والسياسية الغربية بتداوله واستخدامه على نطاق واسع لوصف أعمال العنف من تفجيرات واغتيالات استهدفت القوات المسلحة والمنشآت الحيوية ووسائل النقل المختلفة والشخصيات الرسمية بل وحتى المواطنين العاديين في أنحاء كثيرة من العالم، كما أطلقت على القائمين بهذه الأعمال تسمية "الإرهابيون". وقد اختلفت الآراء بين الدول والمنظمات الدولية المعنية بالأمن والكتاب والباحثين حول توصيف محدد للإرهاب وماذا يشمل من أعمال ومن الذين يجب أن يطلق عليهم وصف "الإرهابيون". ففي الوقت الذي تصر فيه الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية على توصيف انتقائي لحصر إطلاق وصف الإرهاب على الأعمال التي تستهدفها أو تستهدف الدول الحليفة لها أو السائرة في فلكها فان هناك من يخالفها الرأي ويرى انه يجب أن يشمل هذا الوصف جميع الأعمال العدوانية والإجرامية التي تنفذ ضد الأبرياء أشخاصا ً كانوا أم مجموعات أم دول على فرض أن للإرهاب معنى واحدا ً وهو العدوان والإجرام . إلا أن كلمة "الإرهاب" ومثلها كلمة"الترهيب" في اللغة العربية هما مصدرا الفعل "أرهبَ، يُرهبَُ"ويعني "أخاف َ، يُخيف". والإخافة لا يقتصر إستخدامها على الجانب العدواني الإجرامي الذي يقوم به المجرمون والقتلة والعصابات المنظمة ، بل وحتى بعض الدول لأغراض شخصية أو مالية أو سياسية فقط ، وإنما تستخدم أيضا للتعبير عن معنى ايجابي وأخلاقي ومشروع كما في حالة الدفاع المشروع عن النفس ضد مرتكبي العدوان والإجرام ، وهو المعنى الذي ورد في القران الكريم في قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ"صدق الله العظيم (60 الأنفال) . ويمارس الإرهاب عادة لتحقيق أهداف محددة لإكراه المستهدف على القيام بعمل ما يخدم مصلحة ممارس الإرهاب أو لمنعه من القيام بعمل أو إيقافه من الاستمرار بعمل شرع به يتعارض مع مصلحته أو يلحق به أضرارا غير قادر على تحملها. ولذلك فإننا نرى أن تمتنع الدول ووسائل الإعلام والمنظمات العربية والإسلامية والكتاب والمؤلفين العرب والمسلمين عن تداول مفردة "الإرهاب"وإشتقاقاتها وأن تلغي استخدامها في كافة الأدبيات والوثائق الرسمية وغير الرسمية والاستعاضة عنها بمرادفاتها المباشرة كالإجرام ونقيضه للأسباب التالية: 1- إن مصطلح الإرهاب واشتقاقا ته استخدم من قبل الدول الاستعمارية ذات التاريخ الحافل بالعدوان على الآخرين وانتهاك حرياتهم وحقوقهم واحتلال أراضيهم لإطلاقه على المقاومين لعدوانهم والمدافعين عن حرياتهم وحقوقهم المنتهكة ضد منتهكيها فقط ويرفضون إطلاق هذا الوصف على ممارساتهم العدوانية التي تتضمن ترهيبا صارخا وواضحا في جميع المجالات وليس العسكرية منها فحسب فهي تمارس الإرهاب الإعلامي والاقتصادي والاستخباري فضلا عن العسكري وفق مقتضيات خططهم العدوانية. 2- إن هذا المصطلح انحصر استخدامه من قبل تلك الدول للإشارة إلى الأعمال العدوانية والإجرامية فقط ويبدو ان معنى الكلمة اللاتينية terrorism" "لا يتفق مع المعنى العربي المتداول بل هو اقرب إلى المعنى الوارد في قوله تعالى:بسم الله الرحمن الرحيم" إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33 المائدة) وهؤلاء هم الخارجون عن القانون وقطاع الطرق والعصابات الإجرامية وجميع المفسدون في الأرض بمختلف أوجه الفساد ، في حين انه يحتمل معنى مناقض له في اللغة العربية وهو الذي ورد في الآية الكريمة (60) من سورة الأنفال المشار إليها آنفا . 3- لان تداول مثل هذه المصطلحات يعد ترويجا للسياسات الاستعمارية في وصمنا نحن" العرب والمسلمون" بالإجرام المنظم لتشويه سمعتنا دوليا وحشد الجهود الدولية وتوظيفها في دعم عدوانهم واحتلالا تهم واستعمارهم لبلادنا لإنجاز تنفيذ خططهم الخبيثة التي تستهدف إضعافنا وجعلنا غير قادرين على النهوض والدفاع عن بلادنا وحقوقنا المشروعة وهو ما يضمن استمرار قيام وتوسع الكيان الصهيوني ووصول المواد الأولية إليه والى خدمه وعبيده في جميع أنحاء العالم ولاسيما النفط بأبخس الأثمان .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |