|
لقد أثار موضوع حجاب المراة جدلا واسعا على جميع الأصعدة والمستويات منذ زمن بعيد بسبب اختلاف الآراء حول مفهومه والأسباب الشرعية التي أوجبته وهل هو من الفرائض التي فرضها الدين الإسلامي أم من العادات والتقاليد الاجتماعية أم مجرد رمز ديني يشير إلى دين معين ، وكذلك بسبب تشديد العديد من المختصين بالدين الإسلامي على فرض ارتداءه من قبل المرأة المسلمة ومقاومة ارتدائه من قبل شريحة واسعة من النساء ولا سيما المنحدرات أو المتأثرات بالثقافات الليبرالية والشيوعية فضلا عن الدول التي تتبنى هذه الأنظمة السياسية كما يحصل في الدول الغربية وتركيا وتونس. مما استوجب أن نسلط الضوء على هذا الجانب من زاويتين دينية وأخلاقية . لقد أصبح واضحا لمعظم المسلمين أن الله تعالى يهدف من وراء أوامره ونواهية للناس ولاسيما المؤمنين به أن يحقق مصالحهم وييسر لهم حياتهم من خلال إلزامهم بقول وفعل ما يجلب لهم المنفعة ويضاعفها بأكبر قدر ممكن ويدفع عنهم الأذى والضرر أو يقلله إلى أدنى مستوى ممكن وهذا مرتبط بمدى استطاعة الإنسان لان الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها وكذلك الامتناع عن أي قول أو فعل يجلب لهم الضرر والأذى وهو ما يطلق عليه"مقاصد الشريعة الإسلامية" أو ما يعرف قانونا ب "الأسباب الموجبة". ومن مصالح الناس المتدينين وغير المتدينين من الناس أن لا يشاركهم الآخرون في أزواجهم لأنه لا نعتقد أن هناك رجل أو امرأة يرضى أن يشاركه احد في زوجه إلا نادرا فلكل قاعدة شواذ، وبما أن الناس مختلفين وان معظمنا يعلم أن هناك خر وقات كبيرة لهذه القاعدة إن لم نكن نحن الذين نقوم بهذه الخروقات، والأسباب معروفة وعدد منها مفهوم فالكثير من الأزواج يعانون من عدم تلبية حاجاتهم ورغباتهم العاطفية والجنسية مع أزواجهم بسبب عدم الانسجام وهناك الكثير من العوانس والأرامل والمطلقات والكثير من الرجال غير قادرين ماديا على الزواج كما إن الوازع الأخلاقي لدى الناس متباين، وبما أن الله تعالى يعلم مسبقا بكل ذلك لأنه خالقنا ويعرف محاسن ومساويء كل واحد منا فقد فرض أوامر ونواهي تعتبر سياقات عمل لنا إذا أردنا تجنب العلاقات الغير مشروعة وظاهرة الخيانة الزوجية. ولا يخفى على عاقل أن إثارة الرجل عن طريق إظهار المرأة لأجزاء من جسدها أو ارتداء الملابس الشفافة والضيقة أو إظهار زينتها أو حتى العطور التي تضعها مع السماح بخروجها لوحدها والاختلاط بالرجال في الأماكن العامة ومؤسسات العمل والتعليم كل ذلك يسهل ويساعد على إقامة مثل تلك العلاقات المرفوضة شرعا والمرغوبة للأسف من قبل البعض منا . ولكن لماذا يطلب من المرأة فقط الالتزام بملابس معينة وعدم الخروج لوحدها وعدم الاختلاط بالرجال ولا يطلب من الرجل ؟ إن الإجابة على هذا التساؤل يسيرة جدا فالرجال جميعهم أو معظمهم أقوى من النساء ويستطيعون فرض الأمر على النساء في حين يصعب تنفيذ العكس ، كما أن طبيعة الرجل والمرأة البد نية تجعل من الرجل أكثر صلاحية للأعمال المطلوبة خارج المنزل والمرأة أكثر صلاحية للأعمال داخل المنزل وفق مبدأ تقسيم الأعمال ، مع قناعتنا وإيماننا بان من حقها أن تفعل ذلك وتمارس حقوقها وحرياتها أسوة بالرجل. أما الحديث عن الثقة بالنساء وضرورة منحهن هذه الثقة من قبل ذويهن فهذا الأمر غير واقعي لان ظاهرة العلاقات الغير شرعية موجودة وبشكل واسع في معظم المجتمعات وهذا لايعني أن الثقة موجودة في الرجل فقط إذ كيف تحدث هذه الانتهاكات إذا لم تكن الثقة مفقودة بالجنسين. إذن على المرأة التي تطالب بإطلاق حريتها في كل شيء أن تقدم للمجتمع ضمانات بعدم حصول علاقات غير شرعية وعند ذلك فقط علينا أن نمنحها كل الحريات والحقوق التي ترغب بممارستها والتمتع بها. وبما إننا نعتقد أنها عاجزة عن تقديم ولو 1% من هذه الضمانات فإننا أيضا نعتقد إن مطالبتها غير مشروعة. ولذلك أمر الله تعالى ورسوله الكريم بأوامر ونواهي تجنبا لحصول مثل هذه الخروقات أو تقليلها قدر الامكان وسنذكر وفق معلوماتنا ما ورد في القران الكريم والأحاديث النبوية الشريفة حول هذا الموضوع: 1- ورد في سورة الأحزاب الآية (53): يأمر الله تعالى فيها المؤمنين الذين يأتون إلى بيت الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأي سبب من الأسباب أن لا يخاطبوا نساء الرسول إلا من وراء حجاب برغم أن زوجاته يعدن أمهاتهم أي لا يجوز أن يرونهن أو يرنهم . والسبب بينته الآية الكريمة "ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن". وهذا الأمر خاص بزوجات وبنات الرسول والله اعلم . كما أمر الله تعالى نساء الرسول في الآيات (28- 34) من سورة الأحزاب أيضا أن لا يخضعن بالقول لأنهن لسن كباقي النساء لكي لا يطمع الذي في قلبه مرض والمعنى واضح لان المرأة إذا ما تكلمت بطريقة ناعمة ولينه فان بعض الرجال يفهمون منها معنى سلبي بل يجب أن يقلن قولا معروفا يرسل رسالة حازمة لا تعطي مجال للرجل أن يتكلم في غير الموضوع المشروع الذي أتى من اجله ، كما أمرهن أن يقرن في بيوتهن ولا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى لان الله تعالى يريد أن يذهب الرجس عن أهل البيت ويطهرهم تطهيرا من خلال الالتزام بهذه الأوامر والنواهي . وقد توعد من تأتي منهن بفاحشة بمضاعفة العذاب ضعفين ووعد التي تقنت وتعمل صالحا وتلتزم بالأوامر والنواهي بمضاعفة الأجر أيضا . كما ورد في الآية (59) من نفس السورة أمر رباني للنبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام أن يقول لزوجاته وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن والغاية من ذلك لكي لا يعرفن فيؤذين من قبل أعداءه وأعداء المسلمين في ذلك الوقت. 2- أمر الله تعالى في سورة النور الآيات(30 و31 المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم أما المؤمنات فقد أمرهن بنفس الأمر وزاد عليهن أن لا يظهرن زينتهن وان يضربن بخمرهن على جيوبهن (أي صدورهن) إلى آخر الآية الكريمة لان المرأة تثير الرجل أكثر من إثارة الرجل لها ولكي يستطيع أن يغض بصره لأنه من الصعوبة بمكان غض البصر بوجود المرأة التي يظهر منها ما يثير. 3- روي عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه سئل عن ما يجوز إظهاره من جسد المرأة فقيل انه أشار إلى الوجه والكفين . يتضح مما تقدم أن نساء الرسول فقط ملزمات بالحجاب أي عدم رؤيتهن من قبل الرجال وبالبقاء في البيت إلا لحاجة ملزمة وعدم التبرج وعدم الخضوع بالقول عند التكلم مع الرجال أما باقي المؤمنات فالأمر بالنسبة لهن تطوع فمن تستطيع القيام بذلك زاد ثوابها ، وان جميع المؤمنات مطلوب منهن إضافة إلى غض البصر الذي يشمل المؤمنين الرجال أن لا يظهرن زينتهن وان يضربن بخمرهن على صدورهن أما إدناء الجلابيب فالغرض منه الحيلولة دون معرفتهن ما يؤدي إلى إيذائهن، وهذا ما نعتقد انه كان في السنوات الأولى لانتشار الإسلام أما الآن فالأمر يختلف والإيذاء محدود. إذن ف "الحجاب" هو حاجز يحجب رؤية المرأة من قبل الرجال وقد اتخذت النساء النقاب لتغطية الوجه لحجب وجهها عن الرجل وهو كما قلنا فرض على نساء الرسول فقط وتطوع لباقي المؤمنات. وهذا ما نص عليه القران الكريم فيما حدد الحديث النبوي الشريف عدم جواز ظهور شيء من جسد المرأة سوى وجهها وكفيها ... والله اعلم .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |