|
حـــــراميــــة العــــــــراق (2)
شوقي العيسى
كنا قد تناولنا "حرامية العراق" في الحلقة الأولى وذكرنا فيها كيف أن مجلس النواب العراقي أهتم كثيراً بمنح أعضائه الامتيازات والمخصصات التي من شأنها أن تعلو سمة النائب العراقي وتجعله في بروج مشيدة بعد أن عزل نفسه في المنطقة الخضراء وغلفته الاغلفة الزجاجية بعيدا عن الشعب العراقي ومأساته...فالنائب غير سامع فهو لدنياه مسارع. لا شك بعد أن كتبنا الحلقة الاولى عن الحرامية الذين أبتلى الشعب العراقي بهم وانزعج "المنزعجون" وشجّع المشجعون واثيرت حول ذلك تحفة من المتراكمات والخلفيات التي تنطوي على اغفال العقل في كثير من الاحيان،والاتجاه نحو جزئية من الحياة من قبل بعض الذين لم ترق لهم مقالتي، وما وردتني الكثير من الايملات والمكالمات من داخل العراق تشد الأزر لما حققناه في تلك الحلقة. كل ما هناك أنني لم آت بجديد حول السرقات التي حدثت وتحدث للشعب العراقي المظلوم من قبل القيادات الجديدة والاحزاب السعيدة التي توطنت في قبة البرلمان العراقي. الى ذلك أردف الكاتب العراقي "مصطفى الكاظمي " ثلاثة مقالات حول اثارات موضوع حرامية العراق، منها مقالته الأخيرة (الامتياز المالي للبرلمان العراقي بين النفي والاثبات!) والذي سلط الضوء فيها على سرقة البرلمان العراقي لاموال الشعب العراقي كما في رابط مقاله التالي: http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&task=view&id=22836&Itemid=439 ، الى ذلك كنت أتابع بنفس اليوم برنامج بعنوان " تحت نصب الحرية" الذي تبثه القناة العراقية بتقديم الصحفي المتألق والصريح وجيه عباس، وقد ذكر بحلقة يوم الاثنين قانون التقاعد منتقداً البرلمان العراقي حول تصديقهم لقانون التقاعد ومنح المرتبات الضعيفة زيادات اقل ضعفا، وللمرتبات العالية مخصصات اعلى..! وعلى ذلك ذكر أن سماحة السيد السيستاني دام ظله انتقد البرلمان حول هذه المسألة وقال لهم:" ارفضوا المخصصات الجديدة " وبطبيعة الحال فلا أحد سيستمع للسيستاني أو غيره من المطالبات، فقد طالبهم السيستاني بعدم الذهاب لحج بيت الله الحرام في العام الماضي فوجدنا جمع الحكومة في مكة يتضرعون لله. هنا.. رغبت في الإشارة الى السرقة الكبرى التي بدأها مجلس النواب العراقي دون استثناء وبكافة أعضائه،وهي سرقة أصـــــوات الشعب العراقي يوم العرس الجماهيري والتحدي الخالد في أولى انتخابات الجمعية الوطنية العراقية في 30 /كانون الثاني /2005 تلتها ملحمة فريدة من نوعها وهي الاستفتاء على الدستور العراقي الذي صوت عليه في 15 / تشرين أول-اكتوبر /2005 وبعد ذلك أنطلقت كبرى الانتخابات العراقية في 15/ كانون الأول/ 2005 وتعد كل هذه المراحل من كبريات التحدي التي اداها الشعب العراقي كي تكون النتيجة حصاد الصوت لممثليهم في البرلمان العراقي. انطلاقة الشعب العراقي هذه، تأدية منه للواجب الشرعي والوطني في الانتخابات ثم التضحيات الجسيمة التي حدثت لأبناء العراق وهم يتحدون الموت للوصول لصناديق الاقتراع، لكن الجزاء كان أول سرقة أن سرقت أصواتهم وذهبت في سدى الريح وتناثرت كأشلاء شهداء ابناء العراق الذين ضحوا من أجل لملمة شتات القيادات التي توافدت على العراق بعد سقوط الصنم، بعدما كانت تتلاقفها المواقف في شوارع وازقة البلدان والجيران هرباً من بطش صدام،لكنهم وبعد أن أمِن لهم الطلب ومهد لهم المكان نسوا وتناسوا تلك الأزمات وذلك الاذلال، فبدلاً من أن ينزلوا الى الشارع العراقي احتجبوا عنه في منطقة التغييب والاختباء ويا ليتها الى الأبد. ما من شك ان سرقت كل التضحيات الجماهيرية اعقبها بحكم الانانية نقض الوعود التي أتحفونا بها شعاراتياً ابان مرحلة الترشيح للانتخابات، الجدير بالاشارة هنا أن غالبية الشعب العراقي اندفع للانتخابات العراقي ايماناً بالعملية السياسية وايماناً بان مرحلة التغيير تتطلب تحد كبير ولذلك هرعوا لتأدية ذلك بضمان تحسـّن الأوضاع وأمل تغيير الحال، لكن شيئاً لم يجن اهلونا في الداخل،بل اضحى الشعب العراقي في مهب الريح، واضحى البرلمان كالمقهى لأعضاء مجلس النواب يشربون فيه قدح الشاي ثم يغادرون الى حيث الراحة والامان وقد خلفوا وراء الظهر آهات العراقيين فتلاشت آمالهم وسيقت كل الأطروحات الى سلة التمني والشعارات كما كنا نراها على عهد طاغوت بغداد من قبل.
|
||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |