كلنا كنا طلابا في المدارس العراقية، وكبار السن منا يتذكرون ما هو المعلم وما هي إدارة المدرسة، لقد كان المعلم بحق وحقيق، مربيا فاضلا يستحق هذا الاسم، وكان المدير الحازم ، مثالا للإداري الجيد الذي يعرف حقيقته وأهمية المنصب الذي يشغله، فكانت اختيارات الإدارات  تستند إلى أسس علمية بحتة، فمدير المدرسة من أكثر الأسرة التعليمية حزما وقوة أرادة، ويلم بشكل رائع بواجباته، ويعرف ما هي حقوقه، وواجبا ته وما يراد منه، ويحظى باحترام زملائه التربويين وطلبته أجمعين، وقد يأتي هذا الاحترام من الإعجاب المحض، أو الخوف ، ولا زلنا نتذكر كيف كان الطلبة في الخمسينيات والستينيات، يحاذرون اللعب في الأزقة، خوفا من مربيهم الأفاضل، ويخشون الإساءة في بيوتهم لئلا تصل أخبارهم إلى المدير، وكانت إدارات المدارس تعنى بتشجير مدارسها وزراعة الأوراد فيه، لإظهارها بمنظر جميل خلاب ، رغم الإمكانات المحدودة في تلك الأيام، ولكن الأمانة والإخلاص والمنهجية والمعرفة، الكاملة وراء نجاح الإدارات في تأدية مهامها الإدارية على أكمل وجه.

  ولكن بعد تسلط الأنظمة الشمولية، بدأت الأمور تأخذ منحى آخر، فالمدرسون الأكفاء أحيل أكثرهم إلى وظائف بعيدة عن التعليم،  وجيء بعناصر لا تفقه من العلم والإدارة شيئ، إلا أنها تحظى بالقبول لأنتماءها إلى حزب السلطة، وكانت التعيين يتم على أساس الدرجة الحزبية، لا الخبرة والكفاءة والنزاهة، فتسلم إدارات المدارس أحداث لا يستطيعون إدارة أنفسهم ناهيك عن إدارة مدارسهم، مما أدى إلى تردي المستويات العلمية للطلبة، وانتشار الممارسات الضارة كالرشوة والغش في الامتحانات، والتسيب في الدوام،  والدرجات التي تمنح على أسس غير علمية ، وتدخلان الاتحاد الوطني المقيتة التي جعلت من أعضاءه عيون وجواسيس للسلطة الفاسدة.

وبعد سقوط النظام البائد استبشرنا خير، فقد آن الأوان لتسلم الأكفاء لإدارات المدارس، بعد تلك التجربة المريرة، وجرى استبدال الإدارات السابقة فعل، بإدارات روعي فيها الانتخاب على الطريقة العراقية، ورغم دلك فقد ظهرت إدارات حازمة وكفوءة تستحق الإكبار والإجلال، وإدارات انتهازية تعرف كيف تستفد من الظروف وترتدي لكل حلة لبوسه، فإذا كان مدير التربية (كذا) أصبحوا (كذاوين)، وإذا كان (مذا) صاروا (مذاوين)، وهؤلاء النهازون موجودون في كل زمان ومكان، ويستطيعون العيش في الحدائق والمستنقعات، ولكن، فقد حدث ما لابد من حدوثه، وأصبح مديرو التربية الجدد لا ينظرون ألا من خلال الأحزاب الجديدة، التي دخلوا إليها من الشبابيك، وتسلطوا على الأبواب، بما عرفوا به من قدرة على التزلف والرياء لأننا (ولد گريه، واحد يعرف أخيه)، ونعلم ما كان هؤلاء وكيف حصلوا على شهاداتهم الجامعية، في أسواق النخاسة الصدامية، وكم طبلوا وزمروا ولكنهم نزعوا وجوههم السابقة، وارتدوا وجوه العهد الجديد.

لقد أخذ هؤلاء في الآونة الأخيرة بتطهير أدارات المدارس دون الاستناد لأسس سليمة وصالحة، وتبديل تلك الإدارات رغم كفاءة أكثره، بحجج واهية لا تصمد أمام العقل(بناء على مقتضيات المصلحة العامة) ولعن الله المصلحة العامة التي أسبحت سيفا نستطيع إشهاره أنا نريد ، فتحت لواء هذه المصلحة، طرد صدام ألاف الوطنيين والديمقراطيين والشيوعيين، من المدارس والمعاهد والجامعات، وطهرها بذات السيف الذي يشهر الآن ، قاطعني (سوادي الناطور)صائحا(بويه أنته تنفخ بگربة مشگوگه، يا إدارات يا وزارات، يا وطنيه يا حرية، اليوم كلمن يصيح يا روحي، وكل واحد يحوز النار الگرصته،  وياهو ليلزم الدف يگوم يغني، وألما يعجبه يدگ رأسه بالحايط، وكلها صارت إلي ولأبن عمي، وكل حزب أيفي عله ربعه، وخلي الباقين تحرگهم الشمس، وإذا جاع فلان لو عره علان شعليهم بيه، ابني عم بني خال، ولعدها حبايب تشبع ...لحم، والمهم همه وحبايبهم وحبايب حبايبهم، وألما يرضه يشرب من مي المالح، وإذا چان گبل شمولي هسه شمولي للجد العاشر، لنهم تعلمو، والعلة البل بدن ما يغيرها غير الچفن، وذوله التگول نعرفهم واحد واجد، كل الوادم تعرفهم، لكن الشاص شاص والحمل حمل، والوادم أنغشت، وحست عله زمانه، وگامت تعرف الزين من الشين، ورحمه عله ملا سلمان الشكرچي لمن گال سنة1930:

إفلاس وجهل يا ناس للگوگه         وفوگ أبن الوطن نامت الطابوگه

أولا تنفع بعد كثرت لغاوينه    أوهمه ودفع بلوه ما بگت بينــــه

حيف كبارنه ألتحسبهم ألعينه         ظهر واحدهم شمنخفي بصندوگه

والوادم ينراد إلها استاد يعلمه، والاستاد موجود، لكن ليش ساكت؟ ما أدري..!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com